السبت 4 مايو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد

لهيب الحرب يحاصر رفح وتحذيرات من كارثة تتزايد

ينذر الإصرار الإسرائيلى على عملية عسكرية فى رفح الملاذ الأخير للنازحين لأكثر من مليون نازح فلسطيني، بكارثة إنسانية و»مجزرة بشرية» محققة، حذرت منها غالبية دول العالم.



ومع دخول الحرب يومها الـ128 تواصل إسرائيل قصفها الكثيف على غزة، وأصدر رئيس وزرائها بنيامين نتانياهو توجيهات بإعداد «خطّة لإجلاء» المدنيين من المدينة، ما أثار خشية دولية من هجوم برى محتمل.

وحاصرت الغارات فى الساعات الأخيرة محيط رفح، حيث يحتشد نحو 1.3 مليون فلسطيني، أى أكثر من نصف سكّان غزة، وهم فى غالبيّتهم العظمى نازحون هربوا من العنف فى شمال القطاع ووسطه عقب اندلاع الحرب قبل أكثر من أربعة أشهر.

سقوط 110 قتلى 

وأفادت وزارة الصحة فى حكومة حماس بسقوط 112 قتلى، فى الساعات الأولى من صباح أمس الأول، بينهم 25 قتلوا فى ضربات فى رفح، مشيرة إلى معارك عنيفة دارت، السبت، فى مستشفى ناصر فى خان يونس.

وأكدت الوزارة مقتل شخص فى هذا المستشفى، حيث لا يزال يوجد 300 من أفراد الطاقم الطبى و450 جريحا، إضافة إلى زهاء عشرة آلاف نازح.

وقتل 5 من عناصر الشرطة فى هجومين إسرائيليين منفصلين، حسب مصادر أمنية فلسطينية، فيما قالت القوات الإسرائيلية إن 2 من كبار المسؤولين العسكريين من الحركة الفلسطينية قتلا فى أحدهما.

وقال قائد الجيش الإسرائيلى هرتسى هاليفى فى أثناء زيارة قواته فى خان يونس «قُتل الكثير من قادة (حماس) ونريد تصفية المزيد، بالإضافة إلى مسؤولين عسكريين كبار».

كما أعلنت إسرائيل السبت اكتشاف نفق فى مدينة غزة، قالت إن حماس حفرته تحت مقر وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا).

وفيما أكد المفوض العام للوكالة التابعة للأمم المتحدة فيليب لازارينى أنه تم إخلاء المبنى فى 12 أكتوبر، دعاه وزير الخارجية الإسرائيلى يسرائيل كاتس إلى «الاستقالة فورا».

ممر آمن

وزعم رئيس الوزراء الإسرائيلى بنيامين نتانياهو أن جيشه سيضمن «ممرا آمنا» للمدنيين قبل الهجوم المرتقب على مدينة رفح فى قطاع غزة، وذلك فى مقابلة مع قناة تلفزيونية أمريكية أمس.

وأضاف نتانياهو فى مقابلة ضمن برنامج «هذا الأسبوع مع جورج ستيفانوبولوس» عبر قناة «إيه بى سى نيوز» أمس ونُشرت مقتطفات منها مساء السبت: «النصر فى متناول اليد. سنفعل ذلك، سنسيطر على آخر كتائب حماس الإرهابية، وعلى ورفح، وهى المعقل الأخير».

وتابع: «سنفعل ذلك مع ضمان المرور الآمن للسكان المدنيين حتى يتمكنوا من المغادرة. نحن نعمل على وضع خطة مفصلة لتحقيق ذلك، ولا نتعامل مع هذا الأمر بشكل عرضي».

وذكر نتانياهو مناطق فى شمال رفح «تم تطهيرها ويمكن استخدامها كمناطق آمنة للمدنيين»، على قوله.

وردّ نتانياهو على المنتقدين القلقين بشأن مصير المدنيين فى حال شنّ هجوم على رفح، قائلا «أولئك الذين يقولون إنّنا يجب ألّا ندخل رفح مُطلقا، يقولون لنا فى الواقع إنّنا يجب أن نخسر الحرب، ونترك حماس هناك».

تحذيرات من كارثة

وخلال الساعات الماضية تواصلت التحذيرات من شنّ إسرائيل هجوما برّيا على رفح، كان من بينها مسؤول السياسة الخارجيّة بالاتّحاد الأوروبى جوزيب بوريل، الذى قال إن هجوما محتملا للجيش الإسرائيلى فى رفح سيكون بمثابة «كارثة إنسانيّة لا توصف».

وقالت المتحدثة باسم وكالة غوث وتشغيل اللاجئين «أونروا» تمارا الرفاعي، إنه لم يعد هناك مكان آخر يرحل إليه الناس فى أقصى جنوب قطاع غزة، مؤكدة أن شن عملية على رفح يعنى قتل المزيد. وأوضحت المتحدثة أن «الخطر الآن يلوح فى الأفق فى ظل مخاطر استهداف القوات الإسرائيلية منطقة رفح جنوب قطاع غزة، وقالت: «الخطر الآن يلوح فى الأفق بانتقال القتال العنيف إلى رفح حيث يتكدس الناس حاليا، وشن عملية عسكرية هناك يعنى قتل المزيد من الفلسطينيين».

ومن جانبها، أعربت دولة الإمارات عن قلقها الشديد من مخططات واستعدادات الجيش الإسرائيلى لشنّ عملية عسكرية فى منطقة رفح، جنوبى قطاع غزة، المكتظة بالنازحين الفلسطينيين، ومن الانعكاسات الإنسانية الخطيرة التى قد تتسبب بها.

كما حذّرت الخارجيّة السعوديّة، فى بيان، امس الأول «من التداعيات البالغة الخطورة لاقتحام واستهداف مدينة رفح فى قطاع غزة، وهى الملاذ الأخير لمئات الآلاف من المدنيين الذين أجبرهم العدوان الوحشى الإسرائيلى على النزوح».

واعتبرت أن «هذا الإمعان فى انتهاك القانون الدولى والقانون الإنسانى الدولى يؤكد ضرورة انعقاد مجلس الأمن الدولى عاجلا لمنع إسرائيل من التسبب بكارثة إنسانية وشيكة يتحمل مسؤوليتها كل من يدعم العدوان».

وكانت الأمم المتحدة وكذلك الولايات المتحدة، الحليف الرئيسى لإسرائيل، قد أعربتا عن مخاوفهما من عملية رفح. وحذّرت الخارجيّة الأمريكيّة هذا الأسبوع من أنّ «تنفيذ عمليّة مماثلة الآن (فى رفح)، بلا تخطيط وبقليل من التفكير، فى منطقة يسكنها مليون شخص، سيكون كارثة». وفى انتقاد ضمنيّ نادر لإسرائيل، قال الرئيس الأمريكى جو بايدن هذا الأسبوع إنّ «الردّ فى غزّة.. مُفرط»، مؤكّدا أنّه بذل جهودًا منذ بدء الحرب لتخفيف وطأتها على المدنيّين.

بدوره، شدد وزير الخارجية الفرنسى ستيفان سيجورنيه على أنه، وإن كانت «صدمة الإسرائيليين حقيقية» بعد 7 أكتوبر، فإن «الوضع فى غزة غير مبرر».

أما وزير الخارجية البريطانى ديفيد كاميرون فقال عبر منصة إكس «نشعر بقلق عميق إزاء احتمال شن هجوم عسكرى على رفح، حيث يلجأ أكثر من نصف سكان غزة إلى المنطقة، يجب أن تكون الأولوية للوقف الفورى للقتال من أجل إدخال المساعدات وإخراج الرهائن، ثم التقدم نحو وقف دائم ومستدام للنار».

وكانت الأمم المتحدة وكذلك الولايات المتحدة، الحليف الرئيسى لإسرائيل قد أعربتا عن مخاوفهما من عمليّة فى رفح.

نسف مفاوضات تبادل الأسري

كما حذّرت حركة حماس، امس الأول، من وقوع «كارثة ومجزرة عالمية قد تُخلِّف عشرات آلاف الشهداء والجرحى فى حال اجتياح محافظة رفح»، مضيفة: «نحمّل الإدارة الأمريكية والمجتمع الدولى والاحتلال المسؤولية الكاملة».

وقالت الحركة الفلسطينية فى بيان لها، امس، إن أى هجوم إسرائيلى على رفح يعنى نسف مفاوضات التبادل، مشيرة إلى أن رئيس الوزراء الإسرائيلى بنيامن نتانياهو يحاول التهرب من استحقاقات صفقة التبادل، من خلال ارتكاب كارثة إنسانية جديدة فى رفح.

حل سياسى

وتوازيا مع المسار العسكري، تتواصل الجهود الدبلوماسيّة للتوصّل إلى هدنة طويلة تتيح تبادل الرهائن والمعتقلين وزيادة المساعدات الإنسانيّة. واستضافت القاهرة هذا الأسبوع محادثات جديدة بقيادة مصر وقطر، اختُتمت الجمعة، حسبما أكّد مسؤول فى حماس.

وقال لفرانس برس «وفد حماس غادر القاهرة»، مضيفا أنّه «ينتظر ردا من إسرائيل»، دون أن يخوض فى تفاصيل.

وأورد موقع أكسيوس أن مدير وكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية (سى آى إيه) يزور مصر الأسبوع المقبل. وأثارت الحرب مخاوف من اتّساع نطاقها الى نزاع إقليمي، خصوصا مع التوتّرات على جبهات عدّة منها بين حزب الله اللبنانى وإسرائيل عبر حدود البلدين، وفى المناطق البحرية المقابلة لليمن مع هجمات الحوثيين دعما لغزة، وأخرى تستهدف القوات الأمريكية فى العراق وسوريا عبر فصائل مدعومة من طهران.

واندلعت الحرب فى 7 أكتوبر الماضى عقب هجوم غير مسبوق شنّته حماس على جنوب إسرائيل أسفر عن مقتل أكثر من 1160 شخصًا، معظمهم مدنيّون، حسب حصيلة أعدّتها وكالة فرانس برس تستند إلى أرقام رسميّة إسرائيليّة. كذلك، احتُجز فى الهجوم نحو 250 رهينة تقول إسرائيل إنّ 132 بينهم ما زالوا محتجزين فى غزّة، و29 منهم على الأقلّ يُعتقد أنّهم قُتلوا، حسب أرقام صادرة عن مكتب نتانياهو. وتردّ إسرائيل مذّاك بحملة قصف مركّز أتبعتها بهجوم برّى واسع فى القطاع، ما أسفر عن مقتل 28064 شخصا، غالبيّتهم نساء وأطفال، حسب أحدث حصيلة لوزارة الصحّة التابعة لحماس.