الخميس 2 مايو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد

الكاتبة رشا نعمان: روايات الرعب من مسببات السعادة المؤقتة.. يدمنها القارئ للذتها السريعة

 حوار - سمر جمال  



فى حديث مع الروائية المصرية رشا نعمان وهى واحدة من الكاتبات المصريات اللاتى يكتبن فى الواقعية السحرية والتى نادرا ما تجد هذا النوع من الكتابة على الساحة، فتجد العديد من الكتابات الرومانسية أو الاجتماعية وأحياناً الرعب أو الفانتازيا ولكن الواقعية السحرية وهى مدرسة مختلفة فى عالم الكتابة، لاتجد العديد من المنشغلين بها فى الساحة الثقافية العربية.. هذا الاختلاف كان منطلقا لحوارنا معها لنعرف المزيد عنها وعن عالم السحرية الواقعية.

■ غالبا ما تبدأ الكاتبة خطواتها الأولى فى عالم الكتابة بالرومانسية، ولكنكِ بدأتِ فى الكتابة عن عالم الواقعية السحرية... لماذا؟

لأننى أكتب ما أحب أو ما أستمتع بقراءته وأكثر ماكنت أستمتع به هو الواقعية السحرية ، لا أفضل رعب مصاصى الدماء والكائنات الغريبة وإنما أحب حكايا إيزابيل الليندى وهى تتحدث عن روح جدتها التى كانت تراها من وراء الستار، البعض يرى هذا رعبا لكنه مصنف أدبيا كواقعية سحرية وأنا أحب هذا اللون جدا وأجد أنه يمكننى التميز فيه، إلا أننى لم أبتعد عن الرومانسية فأول قصة لى هى «رقصة فالس أخيرة» تجمع بين الغموض والرومانسية وكذلك روايتى الأولى «إلين» البطلة لديها موهبة تجعلها تقابل الأموات بل وتعود لزمن جدها وترى مدينتها وما بدت عليه فى ذلك الزمن، إلا أنها أيضا تعيش قصة حب مع طبيبها فلم أنحِ الرومانسية جانبا، حتى فى عطر الموتى  كان هناك رجل استثنائى قدم التعافى بالحب، أحاول فى كتاباتى أن أجيب على الأسئلة التى تتعلق بالموت والأرواح، هل يشعرون بنا؟ هل يفتقدوننا؟ هل يمكنهم اذا اشتاقوا إلينا أن يأتوا، هل يمكننا التواصل معاهم بشكل ما؟ أطلق خيالى لأجيب عن مثل تلك الأسئلة وأكثر وفى النهاية هى رواية وخيال إنما على الأقل تجعل قارئها يطمئن ويهدأ لهذه الفكرة.

■ ما هو الفرق بين الواقعية السحرية والفانتازيا من وجهة نظرك؟

الواقعية السحرية هى استخدام حدث خارق يبدو خياليا ولكن يتم دمجه فى الواقع الذى يعيشه بطل الرواية، مثل سماع أصوات الموتى بينما البطل فى عالمه الواقعى وحياته الطبيعية، أما الفانتازيا فهى خيال بالكامل، اختيار عالم خيالي، شروطه وتفاصيله خيالية كأن تتحدث عن مدينة فوق السحاب أو أشخاص استطاعوا حساب درجة الذكاء ليصبح عملة مثلا.

■ لماذا اخترتِ جانب الواقعية السحرية للكتابة فيه؟

أنا أرى أن أحيانا مخاوفنا وأفكارنا المبنية على هذه المخاوف عندما تترجم إلى أفعال تفسد حياتنا، مثل تلك الروايات تضيف إلى وعى القارئ، فتجعله يفهم  نفسه وأفكاره أكثر بالتالى يتدرب على التحكم فى مخاوفه ولا يمنحها مساحة كبيرة. فالبعض يتعامل معها على أنها حدس، أو إشارة إلهية تحذره من خطر قادم  ولكن فى الغالب لا تكون سوى مخاوف لدرجة الهلع لذا أقول أن المأساة ليست بسبب الظروف حولنا بقدر ماهى داخل رؤوسنا التى تُعظم المشكلة وتجعل القلق يسيطر علينا.

■ فى رأيك ما أسباب إقبال شباب ومراهقى هذا الزمان على أدب الرعب؟

لأن الرعب وجبة تشبه الوجبات السريعة الممتلئة بالتوابل ومحسنات الطعم، فالقارئ لا يبذل مجهودًا ليصفى ذهنه ويستحضر مشاعره حتى يدخل فى جو الرواية ويتفاعل مع أحداثها، فبعض الروايات تحتاج منك الصبر حتى الصفحة الـ٢٠ ليظهر حدث مهم يحبس الأنفاس، أما روايات الرعب فتخطف انتباه القارئ من السطر الأول أو الصفحة الأولى، وحتى الصفحة الأخيرة تجد القارئ يلهث خلفها لذلك هى تشبه مسببات السعادة المؤقتة يدمنها القارئ للذتها السريعة وهذا الجيل ملول فى عصر البودكاست ومقاطع الفيديو وتلخيص الأفلام نادرا ما يجد صبرا على قراءة نجيب محفوظ وتوفيق الحكيم أو يحيى حقي، إلا أنه بعد أن يحب عملية القراءة ويعتادها يبدأ فى البحث عن ألوان أخرى غير تلك الوجبة السهلة.

■ فى روايتك «عطر الموتى» جعلتِ الحب والرعب وجهين لعملة واحدة بربط مشاعر إنسانية كالحب والتعلق بفكرة مرعبة كعطر يستحضر الموتى.. كيف هذا؟!

هذه هى الواقعية السحرية، ذلك الشعور المختلط بين الخوف والحب، وهذا موجود فى الحياة، فرغم  تعلقك بمن تحب، بمجرد أن تحدث الوفاة يصبح كل شيء يخصهم مرعبا، حتى لو خيل إليك أنك تسمع أصواتهم، وقتها ستشعر بالرعب، من هنا جاءت فكرة الرواية، ونحن بكل هذا الاشتياق إلى وجودهم كيف تصبح فكرة عودتهم مرعبة!.

■ إلى ماذا تسعين فى كتاباتك هل إلى مخاطبة خيال القارئ أم مخاوفه؟

الاثنين معا، أحب أن يستمتع القارئ بالخيال ولا يضع أحكاما وحدودا وأحب أن يسيطر على مخاوفه، آملة أن يجد بعضا من السلام بعد قراءة رواياتي.

■ فى روايتك هنالك سيطرة نسائية فى تغيير مجريات الأحداث.. هل هنالك دلالة لذلك؟

لم يكن لدى هدف معين أو تحيز للنساء ولكن هذه هى طبيعة الشخصيات، شخصية الجدة شخصية ريفية قوية وهذا موجود فى كثير من المدن الصغيرة والريف المرأة هى التى تدير شئون زوجها وماله والبيت بكل مافيه مع تربية شديدة لأبنائها لا تخلو من الحب والحنان، هذا ما لاحظته فى الجيل الذى تعبر عنه غالية فى رواية «عطر الموتى» وأردت أن أرسم هذه الشخصية بجميع جوانبها، حبها لابنها الذى فقدته، وكذلك قوتها التى تدير بها أمور أسرته بعد وفاته وإن كنت أرى أن شخصية نادر كان لها التأثير الأكبر فى سير الأحداث.

■ يرى النقاد أن كتاب الرعب لا يهتمون بالوصف ورسم الشخصيات بقدر ما يهتمون بالإثارة فى الأحداث.. هل هذا صحيح؟

هذا حقيقى لأن كما قلت كتابة الرعب وجبة سريعة مثيرة، أحداث متلاحقة لا مجال فيها للوصف لأن الوصف يبطئ عملية السرد حتى يلتقط القارئ أنفاسه ويفكر ويتأمل الرسائل أما كتاب الرعب يهتمون بتواتر الأحداث بكثافة وهذا لا يستدعى وضع وصف

■ لماذا ابتعدتِ كل تلك الفترة عن الكتابة فآخر رواية صدرت منذ أربع سنوات ؟!

لم أبتعد عن الكتابة، إذا توقفت عن الكتابة لفترة أشعر بالاختناق، شارفت على الانتهاء  من روايتى التى كنت أكتب فيها طوال السنوات الماضية ولدى أكثر من فكرة، ولكنى لم أوفق فى الحصول على فرصة نشر جيدة، ورواياتى السابقة واجهت مشاكل فى التوزيع فهى لم توزع فى محافظتى، وعندما يشعر الكاتب بأن رواياته المنشورة لم تقرأ بشكل كاف فكيف تستمر فى النشر بنفس الطريقة؟!..وأتمنى أن أحصل على فرصة نشر جيدة لا تحملنى ككاتبة تفاصيل الدعاية وحفلات التوقيع والتوزيع.