صباح الخير.. بكرة الناس تفهم

عنوان للكاتب الصحفى محمد على السيد صدر فى سبتمبر 2019 من سلسلة اقرأ الشهرية والتى تصدرها دار المعارف، والكتاب يحتوى على عدد من الحكايات المرتبطة بمجلة آخر ساعة والصحفيين الكبار الذين عملوا بها أو أداروها فى فترات مختلفة، تذكرت هذا الكتاب عندما بدأت فى قراءة كتاب الاستاذ شعبان يوسف والمعنون «صباح الخير... سيرة ثقافية» الصادر هذا العام.

لن أتحدث عن محتوى الكتابين أو أسرد ما جاء بهما، فمساحة المقال أقل من أن تستوعب ذلك، كما أن هدف هذه السلسلة من المقالات ليس التعليم أو الإعلام بتفاصيل كل شىء، ولكنها مساحة لإثارة الجدل وإثارة العقول للبحث والاستزادة والتعمق فيما يثار، ثم يقوم القارئ بالتقييم والمقارنة والتحليل ليصل إلى درجة من الوعى ربما - أو فى أغلب الحالات - ستكون أفضل من وعى الكاتب.

فأسلوب إعطاء كل يوم سمكة وأسلوب مناولة الطعام لفم مفتوح لن يجدى مثلما هو الحال مع أسلوب إثارة النفس لتعلم الصيد أو طهى الطعام.

عودة إلى الكتابين وغيرهما من الإصدارات التى تتحدث عن خبرات ومواقف مرتبطة بمؤسسة وأشخاص وحرفة وأهداف ومحاذير والتى اعتبرها من أعلى وأفضل مستويات الثقافة، فالحكمة تطل من بين دفتى هذا النوع من الكتابة، ومن يستطيع أن يقتنص الحكمة فقد فاز فوزًا عظيمًا، وقد يقول قائل إن أعمال السير الذاتية تحتوى على هذا النوع من المواقف والمعارف أيضًا، ولكن فى الحقيقة وعن تجربة لم أجد إلا أقل القليل من الكُتاب أو من يستكتبون لهذا الأمرالذى يقول الحقيقة ولا يقوم بتجميل صاحب السيرة وأحيانًا رفعه إلى مرتبة الأنبياء والقديسين.

قد يقول قائل إن حتى هذين الإصدارين ومن على شاكلتيهما يعبر إلى حد ما عن وجهة نظر الكاتب وعن علاقته بتلك المؤسسة أو هذا الفرد, وربما يصل إلى مرحلة إقصاء لأشخاص أو تجاهل لأحداث مهمة لسبب أو لآخر، وهذا جائز ويجب أن يكون متوقعًا أيضًا، ولكن ليس معنى ذلك أن نترك مثل تلك الإصدارات ونهملها أو لا نشجع على زيادتها، فالحياة وجهات نظر، متغيرات كثيرة وثوابت قليلة، ولذلك فإن الحكمة لن تتكون إلا بالاطلاع على أكثر من رأى وأكثر من وجهة نظر لنفس الحدث أو عن نفس الشخص، ولذلك أرى أن على الجميع فى كل المجالات والتخصصات أن يقوموا بصورة أو بأخرى بنشر خبراتهم ومواقفهم الحياتية والمهنية المختلفة لتعم الفائدة، ولا يتطلب الأمر دائمًا أن يتم ذلك من خلال إصدار كتب مطبوعة، ربما نجد أن شبكات التواصل الاجتماعى أسهل وأسرع لنشر الحكمة بين المستخدمن وهو ما أراه من أمثلة رائعة لشخصيات كبيرة تقوم بذلك كل يوم، ولكن للأسف لا تزال كلماتهم وخبراتهم تضيع وسط هذا العبث الكبير الطاغى وهو ما يتطلب مجهودًا اضافيا من المستخدمين لاستخراج تلك اللآلئ القابعة وسط الظلام والطين.