الأربعاء 27 نوفمبر 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
«روزاليوسف» وسر الصحة والشباب

«روزاليوسف» وسر الصحة والشباب

أشار الكاتب شعبان يوسف فى كتابه الجديد والمعنون «صباح الخير... سيرة ثقافية» إلى موقف فارق من ضمن المواقف الكثيرة التى سبقت وواكبت إصدار المجلة والتى صدر العدد الأول منها قى 12 يناير عام 1956، هذا الموقف يعتبر درسًا لكل من يبدع ويفكر ويحاول أن يضع هذا الفكر وهذا الإبداع محل التنفيذ.



هذا الموقف وهذه الأجواء سردها الكاتب الكبير إحسان عبد القدوس فى العدد 1436 من مجلة “روزاليوسف” والصادرة فى 19 ديسمبر 1955، أى قبل صدور العدد الأول من مجلة صباح الخير بثلاثة أسابيع فقط وذلك فى مقال يحمل الاسم نفسه «صباح الخير» حيث كتب قائلا: «منذ حوالى عام قررت السيدة فاطمة اليوسف أن تبدأ دار “روزاليوسف” فى إصدار سلسلة من المجلات وأبلغتنى قرارها فى وقفة على سلم الدار لم تتجاوز مدتها دقيقتين ثم تركتنى وانصرفت!، وجلست إلى مكتبى وأنا أتخيل “روزاليوسف” وقد أصبحت دارًا كبيرة أقرب إلى ناطحات السحاب يدوى فيها صوت آلات الروتاتيف والروتوغرافور والأوفست حتى يضطر زملائى المحررون إلى وضع قطع من القطن فى أذانهم أثناء عملى».

يسطرد إحسان قائلا: «ومنذ ثلاثة شهور نادتنى السيدة فاطمة اليوسف إلى مكتبها ورفعت رأسها عن الجريدة التى تقرؤها وقالت فى اختصار: ستصدر صباح الخير فى يناير، ثم عادت تقرأ فى الجريدة، ولم أتكلم وإنما ذهبت إلى مكتبى وأخرجت التقرير وعدت بها إليها وناولته لها فرفعت رأسها من الجريدة مرة أخرى وقالت:ما هذا؟، قلت: إنه تقرير عن إنشاء دار “روزاليوسف”، قالت: ماذا تقول فيه؟، قلت: التقرير يقول: إننا فى حاجة إلى مائتى ألف جنيه إذا أردنا أن نقاوم شركات الصحافة القائمة».

هنا ابتسمت السيدة روزاليوسف وبمنتهى الهدوء مزقت التقرير دون أن تنظر فيه وقالت: عندك صحتك وشبابك، وقبل أن يخرج إحسان من الغرفة عادت تكرر الكلام الذى سمعه ابنها أكثر من مرة والذى تحدثت فيه عن ظروف إصدار “روزاليوسف” وكيف أن جيبها لم يحتوٍ إلا على خمسة جنيهات فقط.

يقول إحسان: إنه بعد تلك المقابلة شرع مع زملائه فى إصدار المجلة وليس معهم إلا صحتهم شبابهم، بالطبع ومعهم موهبتهم وشغفهم وحماسهم.

والحقيقة أن هذا الموقف وهذا الدرس ليس قاصرًا على ملابسات وظروف إصدار تلك المجلة وحسب بل إنه يشمل أى إنجاز حقيقى يقوم به أى شخص أومجموعة من الأشخاص فبدون الصحة والقوة والشباب والحماس والشغف فلا يمكن لأى إنجاز أن يتم مهما أوتى من مقومات أخرى يراها البعض لازمة للنجاح والأمثلة على ذلك كثيرة.