الأحد 19 مايو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
القاهرة بين أسطنبول وساو بولو

القاهرة بين أسطنبول وساو بولو

يقول المفكر العظيم جمال حمدان: «ببساطة إن مصر، أقدم وأعرق دولة فى الجغرافيا السياسية للعالم، غير قابلة للقسمة على اثنين أو أكثر مهما كانت قوة الضغط والحرارة. مصر هى «قدس أقداس» السياسة العالمية والجغرافيا السياسية». 



ولم يخطئ نابليون عندما قال: «قل لى من يسيطر على مصر، أقل لك من يسيطر على العالم». 

من هذا المنطلق فإن القاهرة تظل عروس المدن فى الشرق والغرب بالتاريخ والجغرافيا لن يستطيع أحد على وجه الأرض تغيير وطمس الحقائق التاريخية وصنعة الله فى أرضه.. تقف القاهرة على حد السيف لا تحيد يمينا أو يسارا.. هنا فى القاهرة تدرك القيادة السياسية المصرية متى وكيف نتحرك لحماية أمننا القومى ومقدرات هذا الشعب العظيم. 

ونحن فى زمن عز فيه الشرف واختلط فيه «الحابل بالنابل» وطمست الإنسانية ضمائرها ووضعت رؤوسها فى الرمال بعد كل هذه المجازر البشعة فى حق شعب أعزل، لا يقوى على الدفاع عن نفسه ضد آلة عسكرية غشيمة وضد كيان صهيونى لا يعرف الإنسانية.. هنا فى القاهرة نواجه كل هذا الجبروت بكل القوة تارة وبكل الاتزان السياسى تارة أخرى. 

التحركات المصرية الأخيرة فى محيط السياسة الإقليمية والدولية لم تكن يومًا وليدة المصادفة، ولكنها نابعة من الرؤية بعيدة المدى للسياسة الخارجية المصرية والتى ترتكز على مبادئ ثابتة لدعم السلام والاستقرار فى المحيط الإقليمى والدولى، والالتزام بسياسة خارجية متزنة ترتبط بالأهداف والمصالح الاستراتيجية فى إطار استقلال القرار المصرى، بالإضافة إلى حماية الأمن القومى المصرى والمصالح المصرية العليا.

من هذا المنطلق شاهدنا هذا الزخم السياسى فى القاهرة على مدار 48 ساعة كانت القاهرة ملء السمع والبصر فى محيط السياسة الدولية بحضور الرئيس التركى رجب طيب أردوغان على رأس وفد رفيع المستوى وزيارة الرئيس البرازيلى لولا دى سلفا فى نفس التوقيت. 

توقيت الزيارتين مهم للغاية وفى توقيت بالغ الخطورة، وبالتالى فإن زيارة الرئيس التركى رجب طيب أردوغان إلى القاهرة رسالة واضحة بغرض الوقوف فى وجه دولة الاحتلال لمنعها من كل هذا العبث والدمار الذى تمارسه فى غزة ودخول المساعدات الإنسانية للأشقاء فى غزة، وبالتالى فإن الزيارة فى هذا التوقيت رسالة مهمة بأن هناك تحولات وتحالفات سياسية فى المنطقة يجب أن توضع فى الاعتبار أمام إسرائيل والقوى الظلامية المساندة لها فى هذه المجازر البشعة. 

تركيا كانت ولا تزال أكبر شريك اقتصادى لمصر رغم سنوات القطيعة التى استمرت لأكثر من 12 عامًا، وما حدث الأسبوع الماضى فى القاهرة دليل على أن قادة الدول الكبيرة لا يحكمون بلادهم من جماعة أو تيار أو حزب سياسى، وإنما يقاس ترمومتر حرارة الزعماء بالحفاظ على المصالح العليا لبلادهم وحماية مقدرات شعوبهم. 

على رغم من المسافة التى تقطعها الطائرة من القاهرة إلى مطار غواروليوس فى المدينة الاقتصادية الأولى ساو باولو والتى لا تقل عن 14 ساعة طيران مباشر حطت أولى رحلات مصر للطيران المباشرة بين القاهرة وساو باولو فى البرازيل سبتمبر الماضى وكانت هذه إشارة على فتح مزيد من التقارب السياحى بين القاهرة وكبرى المدن الاقتصادية والسياحية فى أمريكا اللاتينية، هذه العاصمة التى بها أكبر جالية عربية ومصرية ترتبط ارتباطا وثيقا بالأزهر الشريف وبعض الغرف التجارية والصناعية المصرية. 

زيارة الرئيس البرازيلى للقاهرة رسالة أخرى فى هذا التوقيت بالغ الخطورة فى المنطقة بأن برازيليا تقدر الدور المحورى لمصر فى الشرق الأوسط وإفريقيا، وتدفع العلاقات الثنائية بين البلدين إلى آفاق جديدة من التعاون فى كل المجالات بعد انضمام مصر لتجمع البريكس. 

هذه الدولة لن تموت مهما حاول الأعداء فى الداخل والخارج هدمها.. نتعرض للصعاب والمآزق ولكن عين الله ترعى هذا الوطن وناسه الطيبين.. تحيا مصر.