قمـة فى ظـروف صعبـة
الاتحاد الإفريقى ينتصر لغزة.. ويدعو لحل سياسى بالسودان
أحمد إمبابى
غزة تتصدر الاهتمام
وسط أجواء سياسية وأمنية صعبة، على المستوى الإقليمى والقارى، عُقدت فى العاصمة الإثيوبية أديس أبابا، اجتماعات القمة السابعة والثلاثين لقمة الاتحاد الإفريقى السنوية، فى ظل تحديات سياسية وأمنية واقتصادية صعبة تواجهها دول القارة الإفريقية، على النحو الذى دفع رئيس مفوضية الاتحاد الإفريقى لإعلان أن القارة تواجه مجموعة من «المخاوف الحاسمة»، بما فيها «السلام وعدم الاستقرار السياسى والمؤسسى وتغير المناخ وعجز الإدارة الاقتصادية وتحديات التكامل والفقر وتهميش النساء والشباب فى عمليات التنمية والقيادة».
وسيطرت التطورات الإقليمية على أجندة اجتماعات قمة الاتحاد الإفريقى، وكلمات رؤساء الدول والوفود، بداية من العدوان على قطاع غزة وتطوراته السياسية والأمنية فى المنطقة، إلى جانب الأزمات السياسية والأمنية بالمنطقة وعلى رأسها الأزمة السودانية، والتصعيد فى الصومال، فضلًا عن التحديات الاقتصادية التى تعانى منها غالبية اقتصاديات دول إفريقيا، وهى القضايا التى كانت حاضرة على أجندة المشاركة المصرية فى القمة، إلى جانب ملف إعادة الإعمار ما بعد النزاعات وإصلاح مجلس السلم والأمن الإفريقي.
تصدر التضامن الإفريقى مع الشعب الفلسطينى والتطورات فى قطاع غزة اهتمام القمة الإفريقية، التى شارك فيها 34 من قادة ورؤساء الدول والحكومة الإفريقية وبحضور عربى ممثل فى الأمين العام لجامعة الدول العربية أحمد أبو الغيط ومحمد أشتية رئيس الوزراء الفلسيطيني، ووصف رئيس مفوضية الاتحاد الإفريقى موسى فقى ما تتعرض له غزة بالإبادة الجماعية، وقال إن قرار محكمة العدل الدولية المتعلق بجرائم الإبادة الجماعية التى ترتكبها إسرائيل «انتصار لكل الدول المساندة للقضية الفلسطينية».
وطالبت قمة الاتحاد الإفريقى فى قراراتها الختامية، بإجراء تحقيق دولى مستقل فى استخدام إسرائيل أسلحة محظورة دوليا فى حربها بغزة وفى انتهاكها القانون الدولى الإنسانى باستهداف المستشفيات، والمراكز الطبية، والمؤسسات الإعلامية وطالبت برفع الحصار الجائر المفروض على القطاع.
وأدانت القمة الحرب الإسرائيلية الوحشية واستخدام القوة المفرطة ضد 2.2 مليون مدنى عزل، ونددت بالعقاب الجماعى ضد المدنيين فى غزة ومحاولات التهجير القسرى للفلسطينيين، ودعت القمة إسرائيل للاستجابة للدعوات الدولية إلى وقف دائم لإطلاق النار فى غزة، والامتثال لقرارات محكمة العدل الدولية لمنع الإبادة الجماعية ورفع الحصار الجائر المفروض على القطاع.
وأوضح الأمين العام لجامعة الدول العربية أن هذه الحرب الوحشية تعكس عجزًا دوليًا عن وقف العدوان على الرغم من قوة الرأى العالمى، وارتفاع صوت الرفض لهذه الجرائم ولكن الحرب، من ناحية أخرى، أيقظت صوت الجنوب ووحدت مواقف الدول المتضامنة مع الحق الفلسطينى والرافضة لاستمرار آخر استعمار باقٍ على ظهر الأرض.
وأعرب عن تقديره لما قامت به جنوب إفريقيا، ولازالت، من جهود فى محاسبة الاحتلال وفضح جرائمه والسعى لوضع حد للمذبحة بإقامة الدعوى ضد إسرائيل فى محكمة العدل الدولية، موضحًا أن هذه المواقف لابد أن تتواصل وتتعمق حتى إنهاء الاحتلال وإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة على حدود 67.
الحل السياسى فى السودان
وركزت القمة على حالة الصراعات والأزمات السياسية والأمنية التى تواجهها عديد من دول القارة الإفريقية، فعلى الرغم من غياب ست دول عن القمة نتيجة لتعليق عضويتها بالاتحاد بسبب الانقلابات والأزمات السياسية والأمنية الداخلية، وهى السودان والجابون والنيجر ومالى وغينيا وبوركينا فاسو، إلا أن أوضاع تلك الدول كانت حاضرة فى مناقشات واجتماعات القمة الإفريقية.
وعلى رأس تلك القضايا كان الوضع فى السودان، فى ضوء الحرب الداخلية المستمرة منذ نحو عشرة أشهر حتى الآن، حيث تحدث رئيس مفوضية الاتحاد الإفريقى عن الوضع فى السودان، وأشار إلى أن «السودان ممزق ويعيش فى فوضى تامة»، ودعا لحل سياسى للوضع الداخلى بمشاركة منظمة الإيجاد والاتحاد الإفريقى والمجتمع الدولي.
وعن الأزمة السودانية، أكد أمين عام الجامعة العربية، أن الجامعة لم تتوقف عن الدعوة فى كافة قراراتها واجتماعاتها إلى ضرورة وقف الاشتباكات المسلحة حقنًا للدماء وحفاظًا على أمن وسلامة الشعب السودانى ومقدراته وصونًا لوحدة أراضى السودان وسيادته.
وأكد مفوض الاتحاد الإفريقى للشئون السياسية والسلم والأمن، بانكول أديوي، إن الوضع الأمنى فى القارة مقلق بسبب انتشار العنف والتطرف والإرهاب والتغيرات غير دستورية، وأشار إلى الأزمة فى السودان وقال إنها تأتى على رأس أولويات الاتحاد الإفريقى هذا العام، وإنهم يعملون مع «إيجاد» والأمم المتحدة لإيجاد حل لها من خلال فريق رفيع المستوى يبدأ عمله فورًا بعد القمة بمشاركة جميع أصحاب المصلحة فى السودان لإنهاء الحرب.
سيادة الصومال
من الملفات التى كانت حاضرة على أجندة اجتماعات الاتحاد الإفريقي، تطورات الوضع فى الصومال، وضرورة الحفاظ على سيادة الصومال، وهو الأمر الذى أكدت عليه مصر خلال فعاليات القمة، حيث أشار السفير حمدى لوزا نائب وزير الخارجية، ورئيس الوفد المصرى فى قمة الاتحاد الإفريقي، إلى ترحيب مصر بالتطورات الإيجابية التى شهدتها دولة الصومال الشقيقة مؤخرًا على صعيد مكافحة الإرهاب وما حققته من تطورات إيجابية سياسية واقتصادية، مؤكداً على ضرورة دعم الدول الإفريقية لتلك التطورات المشجعة فى الصومال، وضرورة دعم سيادة الصومال ووحدة وتكامل أراضيه.
وعبر عن الموقف نفسه، أمين عام جامعة الدول العربية، حينما أشار إلى أن «دعم أمن واستقرار ووحدة وسيادة الصومال وسلامة أراضيه يبقى من بين الأولويات الرئيسية للجامعة العربية، حيث تنظر الجامعة العربية بكل ارتياح للإنجازات التى حققها الصومال على أصعدة مختلفة، غير أن التحدى الأخطر الذى تواجهه الدولة الصومالية حاليًا يتمثل فى المحاولات الانفصالية لبعض أقاليمها، ولا تزال الجامعة مستمرة فى مساعيها لدعم الصومال فى الدفاع عن حقوقه السيادية، بالتعاون مع حكومة الصومال الفيدرالية والأمم المتحدة والاتحاد الإفريقى والمنظمات الإقليمية ذات الصلة لمنع أى تهديد لوحدة وسيادة الصومال».
وعلى هامش قمة أديس أبابا، تصاعد التوتر بين الصومال وإثيوبيا، حيث اتهمت الصومال الأمن الإثيوبى بمحاولة منع رئيسها من الوصول لمقر القمة، حيث قال الرئيس الصومالى حسن شيخ محمود : إن قوات الأمن الإثيوبية منعته من بلوغ مقر انعقاد القمة، حيث كان برفقة رئيس جيبوتى اسماعيل عمر جيلة، ودعت الصومال الاتحاد الافريقى لفتح تحقيق كامل بشأن تلك الواقعة، فى حين برر الجانب الإثيوبى ذلك بسبب حمل بعد أفراد الأمن الصومالى السلاح!.
الإصلاحات المصرية
اعتبر رئيس مفوضية الاتحاد الإفريقي، أن قمة الاتحاد تعقد هذا العام، فى ضوء مجموعة من المخاوف الحاسمة التى تواجه القارة، بما فيها السلام وعدم الاستقرار السياسى والمؤسسى وتغير المناخ وعجز الإدارة الاقتصادية وتحديات التكامل والفقر وتهميش النساء والشباب فى عمليات التنمية والقيادة، وشدد على الحاجة الملحة لتعامل الدول الأعضاء بشكل استباقى مع هذه القضايا.
وفى ضوء تلك التحديات، استعرض السفير حمدى لوزا رئيس الوفد المصرى فى قمة الاتحاد الافريقي، وجهة النظر المصرية إزاء مختلف قضايا السلم والأمن فى القارة، كما أكد على أهمية عملية إصلاح مجلس السلم والأمن الإفريقي، كما استعرض نائب وزير الخارجية تقرير أنشطة ملف إعادة الإعمار والتنمية ما بعد النزاعات، والذى يتولى الرئيس السيسى ريادته فى الاتحاد الإفريقي، حيث تناول الجهود المصرية ذات الصلة خلال العام الماضي، مركزاً على الخطوات التى تم اتخاذها لتفعيل مركز الاتحاد الإفريقى لإعادة الإعمار الذى تستضيفه القاهرة ولتشغيله بشكل كامل، فضلاً عن دعم تنفيذ مشروعات التكامل القارى لاسيما مشروعات البنية التحتية والربط الكهربائي.
وقبل انعقاد قمة الاتحاد الافريقي، ترأس الرئيس عبد الفتاح السيسي، عبر تقنية الفيديو كونفرانس أعمال الدورة الحادية والأربعين للجنة التوجيهية لرؤساء دول وحكومات الوكالة الإنمائية للاتحاد الإفريقى «النيباد»، وناقش الاجتماع رؤية النيباد التنموية ودورها فى تنفيذ الخطة العشرية الثانية لأجندة 2063، وأكد الرئيس السيسى على مواصلة العمل لمواجهة التحديات الاقتصادية المتسارعة التى تشهدها القارة الإفريقية.