الجمعة 3 مايو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
تصريح غريب للنحاس وروزاليوسف ترفضه

تصريح غريب للنحاس وروزاليوسف ترفضه

حرصت السيدة روزاليوسف على أن تروى تفاصيل كثيرة مما كان يجرى فى كواليس السياسة والحياة الحزبية، وهذه التفاصيل روتها باستفاضة كبيرة سواء فى ذكرياتها الصحفية التى نشرتها فى عامى 1938 و1939 أو كتابها الوحيد «ذكريات» الصادر سنة 1953، وكلاهما شهادة مهمة عن أحداث تلك الفترة من عمر مصر.



تقول روزاليوسف: عاشت وزارة النحاس الثانية ستة شهور فقط من يناير إلى يوليو 1930 - ذهب خلالها إلى لندن لمفاوضة الإنجليز.. ثم لم يلبث أن قطع المفاوضات بسبب مسألة السودان قائلا كلمته المشهورة: تقطع يدى ولا يقطع السودان!

وكان لهذا الموقف صدى كبير فى الرأى العام تجلى فى الاستقبالات الحافلة التى قوبل بها عند عودته، غير أنه لم يلبث أن أدلى بتصريح آخر قال فيه: لقد خسرنا المعاهدة وكسبنا صداقة الإنجليز!

ولم أفهم - تقول روزاليوسف - كيف يمكن أن نخسر الاستقلال ونكسب صداقة الانجليز فى نفس الوقت، وقابل كثير من الناس - ومن أنصار النحاس - هذا التصريح بالوجوم ولما استغلت الصحف المعارضة هذا التصريح لمهاجمته لم تكتب روزاليوسف حرفا واحدا فى تبرير هذا التصريح!

ونضيف على ما تقدم ذكره فى «صداقة الإنجليز» أن «النحاس باشا» قد خرج عن التقاليد من أجل هذه الصداقة يوم أن سعى لانتصار «السير برسى لورين» المندوب السامى فى ذلك الوقت فى محطة القاهرة عند عودته من أوروبا فسجل على نفسه أنه أول وزير فى عهد الدستور سار بركابه إلى المحطة ليهدى إلى المندوب البريطانى إحدى عبارات الشوق والترحيب!

وتمضى روزاليوسف قائلة فى رصدها وروايتها لما جرى قائلة: كان مفهوما أن الإنجليز والقصر قد اتفقا على إخراج حكومة الوفد، ولجأت السراى إلى طريقتها المعروفة فى إخراج الوزارات وهى عدم التصديق على مشروعات القوانين التى ترسلها الوزارة إليها، وكانت القوانين التى رفضها الملك «فؤاد» أن يوافق عليها هى: قانون محاكمة الوزراء وقانون إنشاء بنك التسليف، وقانون إنشاء ديوان المراقبة «أى ديوان المحاسبة».

وتبلورت الأزمة بالذات حول قانون محاكمة الوزراء، وكان يقضى بعقاب كل وزير يعتدى على الدستور أو يعطل أحكامه أو يستغل نفوذه، وقاوم الإنجليز والملك «فؤاد» صدور هذا القانون لأنهم يحتاجون دائما إلى وزراء يعتدون على الدستور.

ووضع النحاس حدًا لهذه الأزمة باستقالته، وقبلت الاستقالة فورا، ونشرت روزاليوسف ما تردد فى ذلك الوقت من أن خطاب قبول الاستقالة كان معدا قبل أن تكتب الاستقالة ذاتها.

وقام الملك فؤاد بدعوة صدقى باشا إلى سراى عابدين فى اليوم التالى لهذه المقابلة «مقابلته لرئيسى مجلسى الشيوخ والنواب» وكلفه بتأليف الوزارة.

وما كاد الأمر الملكى يعلن قيام الوزارة الصدقية حتى ركبت العفاريت رأس النحاس باشا فقام يخطب فى بيت الأمة، ويتهم رجال السراى بالتآمر على الدستور ويدعو الأمة إلى الدفاع عن دستورها الذى عُلق فى رقبته حبل المشنقة.

ويقول مصطفى النحاس باشا فى مذكراته: صدر أمر ملكى لإسماعيل صدقى باشا بتأليف الوزارة الجديدة، فلما قرأت الخبر قلت بدأنا جهادا جديدا أشق وأمّر مما مضى، وسنظل ندور فى حلقة مفرغة حتى يأذن الله لصبح الحرية أن يطلع، ودعوت الوفد للاجتماع للنظر فى هذه الحالة، كما دعوت الهيئة الوفدية البرلمانية!!

وللذكريات بقية!