الخميس 2 مايو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد

بريد روزا

صدمات تغير قناعات وطموحات

تحية طيبة من القلب وبعد...



أنا سيدى الفاضل شاب فى العقد الثالث من العمر حاصل على مؤهل عال، وأعيش بإحدى المدن الساحلية، أعمل بوظيفة مجزية ماديًا، والدى ميسور الحال، ووالدتى ربة منزل، لى شقيق وحيد بالثانوية العامة وشقيقتان جامعيتان، بطبيعتى إنسان محدود العلاقات وملتزم، كنت شغوفا بأن أعف نفسى وأكمل نصف دينى بالزواج فى أقرب وقت ممكن، فور انتهاء دراستى والتحاقى بعمل مناسب، لأن مغريات الحياة لا تتوقف من حولي، وليست التكنولوجيا وتأثيراتها السلبية وحدها هى السبب بل ابتعاد الشباب عن طريق الله، لذا كنت حريصا على عمل توازن وعدم الخلط بين الصواب والخطأ والحداثة والرجعية، أدمنت القراءة واستثمار الوقت، فى حين أن والدىَّ كان مستقلًا بشخصيته عنا - يدفعنا للخوف منه أكثر من احترامه، عصبى المزاج، متقلب، كريم وطيب، أعتذر للإطالة - لكننى فضلت إرسال أهم النقاط التى شكلت تركيبتى المعقدة أستاذ أحمد، بعد حصولى على شهادتى الجامعية والتحاقى بسوق العمل، قررت البحث عن شريكة عمري، وبالفعل وجدتها بمحيط عملي، تقدمت لها وتمت الخطبة فى جو بهيج، إنسانة جميلة، مهذبة وهادئة الطباع مثلي، عشنا معًا فترة خطوبة رائعة مدة ثلاثة أشهر من أصل أربعة، قبل الزفاف المحدد، وفى هذه الأثناء وقعت علينا صدمة مزدوجة، كالقشة التى قسمت ظهر البعير،، كنا على ميعاد  للقاء بأحد الأماكن العامة بمعرفة الأهل، وأثناء جلوسنا جائتنى مكالمة هاتفية من رجل لا أعرفه، أخبرنى بأن شقيقتى تجلس هى الأخرى بصحبة زميلها بالدراسة، على مقهى قريب من جامعتهم بالمحافظة، قالها بسخرية وتهكم وإذلال رجل لرجل، جن جنونى وطلبت من خطيبتى أن تأتى معى للتأكد من هذا الأمر، ما أن وصلنا إلى هناك حتى تحققت من صدق الكلام، ووجدت شقيقتى تجلس وإلى جوارها هذا الشاب، لم أدرى حينها إلا وأنا أوسعه ضربًا حتى فقد الوعى تمامًا وكل من بالمكان فى ذهول، لم يتدخل أحد لقلة الرواد وخوف العاملين، بحثت عن خطيبتى فى كل مكان ولم أجدها، اصطحبت شقيقتى إلى البيت، ثم أخبرت والدى ووالدتى بما حدث، فأصرا على اكتفائها بالشهادة الثانوية لسيطرة هذا الخائن على عقلها وتفكيرها - لكنها لم ولن تتجاوز معه حسب تصريحاتها،،، منذ ذلك اليوم وأحوالى انقلبت رأسًا على عقب، تركتنى خطيبتى دون إبداء أسباب واضحة، غير أننى عصبى المزاج ومنفلت الأعصاب، وهذا على النقيض تمامًا من حقيقة تركيبتى البسيطة، والعقدة الوحيدة الحقيقية التى أشعر بتوغلها داخلى الآن هى عزوفى عن التفكير بالزواج كليًا، أصبحت لا أنام تقريبًا، يسيطر علىَّ ما رأيته من خيانة شقيقتى لنا جميعًا - رغم حفاظها على الصلوات والتزامها أمامنا، أصبحت اسأل نفسى - هل من الممكن أن تكون كل بنات حواء مثلها، يأتين بأفعال تناقض ما يخبئون من أسرار مخزية، من بينهن أيضًا فتيات مثل خطيبتى لا يعترفن أو يحترمن نخوة الرجل!.. رغم بكاء والدتى وتوسلاتها أمامى بأن أبحث عن شريكة حياة جديدة، إلا أننى لست مهتمًا بذلك، وأخبرتها بأننى لن أتزوج، والدى قرر تركى أفعل ما أريد لأننى رجل حر، لى كل الحق فى تحديد مصيرى بنفسي، ولا أعرف ماذا أفعل بعد شعورى القاتل بالاكتئاب الشديد وكره الدنيا بمن فيها.. فبماذا تنصحني!؟ 

إمضاء ر. ه

عزيزى ر. ه تحية طيبة وبعد...

ليس هناك ما يدعوك لكل تلك الحيرة وزعزعة ثقتك بنفسك، لأنك إنسان مؤمن بالله، مثقف ومرتب الذهن، لا يعبر تصرفك إلا عن مجرد ردة فعل قوية، حتى وإن كانت عنيفة ومبالغ فيها بعض الشيء، بسبب نخوتك وخوفك الواجب على شقيقتك، ربما فقط كنت تحتاج إلى اختيار المكان والتوقيت المناسب، لتصويب هذا التصرف غير المسؤول منها، بدلًا من لفت الانتباه إليكم بمكان عام،، وحقيقة - لا أفهم قرار خطيبتك المتسرع بإنهاء ارتباطكما لمجرد ظهور غضبك أمامها بموقف ما، لكننى أثق بأن القدر له أحكامه الرحيمة فى أمور مصيرية، مثل الزواج والفراق والرزق... إلخ، فلا يجب الوقوف أمام إرادة الخالق بأى حال من الأحوال إلا برضا وقبول وحمد، يقول الحق سبحانه وتعالى بسورة الأحزاب، بسم الله الرحمن الرحيم ﴿وَكَانَ أَمْرُ اللَّهِ قَدَرًا مَقْدُورًا﴾ صدق الله العظيم، أى نافذ لا محالة، يقينه العدل وفى باطنه وظاهره الخير والصلاح، فلا تيأس من البحث مجددًا عن نصيبك المكتوب بعناية إلهية، مع إنسانة أخرى تقدر كفاحك ونجاحك، اغفر هذا الخطأ لشقيقتك لأننا جميعًا بشر نصيب ونخطأ، لا تعقد أمور حياتك بعد أن وفقك الله فى أهم مراحلها، تربيتك الراقية كرجل ناضج له نصيب لا بأس به من التعليم والعمل المناسب، امضى بلا تردد فى طريقك، اندمج أكثر مع أصدقائك، وسع دائرة معارفك، وأكثر من زياراتك الأسرية للأقارب والأهل، لخلق جو جديد من الاندماج والحيوية واكتساب طاقة إيجابية مطلوبة،، اسعى بلا توقف لبناء أسرة تكون أنت ربها الملهم،، استغل قدرتك على تحليل شخصية والدك التى ذكرتها بكل ما فيها، وحاول إضافة استحقاقات أخرى إلى تلك الشخصية بذاتك، لتكمل أنت ما كنت تفتقده فيه، مثل الاحتواء والقرب من الأبناء والتأثير فيهم،، ومما لا شك فيه أننا جميعًا لم نحصل على كل ما نريد أو نتمنى من آبائنا، لظروف مختلفة تتعلق باختلاف زمانهم عن زماننا أو طريقة بنائهم وتأسيسهم اجتماعيًا ونفسيًا - لكننا نظل مطالبون دائمًا بالتعديل والتحسين لواقعنا المعاش، وواقع فلذات أكبادنا... أخيرًا أنصحك بمزيد من الصبر والإصرار، وحتمًا بمشيئة الله وتوفيقه ستحقق ما تريد فى الوقت المناسب، بلا أى ضغوط أو قيود. 

دمت سعيدًا وموفقًا دائمًا ر. ه