«تيه حميم» رواية أجيال تبرز علاقة زواج غير متكافئة تجمع بين النقيضين
صدر حديثا رواية جديدة للكاتب «محمود سعيد» بعنوان «تيه حميم» عن دار مقام للنشر والتوزيع.طلبنا من الكاتب أن يمنح قرائنا الأعزاء لمحة عن روايته فقال:
نتجت روايتى «تيه حميم» عن تساؤلات لازمتنى منذ الطفولة، عن كنه الإنسان وماهيته، وكيفية جمعه بين النقيضين، النور (الروح) بكل ما فيه من ملائكية ونقاء، والطين (الجسد) بكل نوازعه المادية وشهواته.
ظل ذلك التيه الذى يتخبط فيه الإنسان – ما بين ما فيه من نور وطين – يشغلني، ويجعلنى أتساءل عن شكل العلاقة المثلى التى يجب أن تتوافر داخل الإنسان ليجد راحته ونجاته من ذلك التيه.
«تيه حميم» هى رواية أجيال تتمحور فى الأساس حول شخصية «ناصف سليم» ذلك الذى ولد عن علاقة زواج غير متكافئة تمت سريعًا لتجمع بين النقيضين، الحاج «سليم» الرجل الزاهد المتعبد السخى نسيب العمدة و«شيخ البلد» فى قريته، وهو منصب إدارى كعمدة القرية لا علاقة له بالمراتب الدينية والاشتغال بالوعظ، و«نرجس» الشابة الغامضة الساحرة شكلا وموضوعًا، تلك التى نبتت ذات يوم بالقرية وهى لا تزال طفلة مع جدها، لا يعرف لهما أحد أصلًا من فصل.
تبدأ الرواية فى أجواء عاصفة، نتجت عن وقوع تلك الزيجة العجيبة، إذ يتهم أبناء القرية «نرجس» بالسحر وتسخير العفاريت، وتُنسج من حولها الأساطير التى تفسر كيف استطاعت أن توقع بالرجل الوقور «سليم» فى حبائلها وتجعله يتحدى الجميع للانخراط معها فى تلك الزيجة غير المتكافئة.
ينتج عن تلك الزيجة ولد وحيد هو «ناصف» الذى يشب وسط تلك البيئة المتناقضة ما بين أبيه وأمه، بينما يحاول كل منهما أن يجعل منه تفسيراً لأحلامه؛ إذ يريد والده أن يجعل منه امتدادا له، فيكون شخصًا سخيا زاهدا متصوفًا يعيش فى دنيا من الرؤى والأحلام والأناشيد، بينما تريده أمه ماردًا جبارًا يبطش بمن أراد به سوءً.
يتقدم «ناصف» فى العمر ويصير هو التناقض بعينه، فهو المسالم المتصوف أستاذ الجامعة المحب للشعر والعلوم الإنسانية الذى يعيش فى عالم من الرؤى والأحلام التى تتحقق فى الواقع بحذافيرها، ذلك الذى يقضى وقته ما بين التدريس بالجامعة وإلقاء الدروس الدينية وتقديم الإرشاد للضالين والإشراف على الجمعية الخيرية التى أنشأها بالاشتراك مع أخيه الروحى الشيخ «عبدالله»، وهو أيضا – ناصف - الشخص ذو نوبات الغضب الجنونية التى إن حلّت فلا تبقى ولا تذر، حتى يوشك أن يقتل ويسفك الدماء.
تدفع الأيام والأحداث «ناصف» إلى مفترق طرق، إذ يشعر ذات يوم بمرور عمره بينما هو يكبت فى نفسه رغباته وتوقه للحياة، كما يجد نفسه وأسرته فريسة لبعض الأنذال، أولئك الذين استغلوا طيبته وتساهله معهم ليخدعوه وينكلوا به وبأسرته، مما يضعه عند مفترق طرق، عليه أن يختار فيه ما بين ما زرعه فيه أبوه من قيم، وما زرعته فيه أمه من قوة وبأس.
محمود سعيد، كاتب مصرى فاز بجائزة «سرد الذهب» المقدمة من مركز أبوظبى للغة العربية فى دورتها الأولى بقصته «ابن عروس – المتاهة والخلاص»، وذلك عن فئة الأعمال السردية للقصة القصيرة غير المنشورة.
صدر له مجموعة قصصية بعنوان «روح صفيّة» والتى وصلت للقائمة القصيرة لأفضل مجموعة قصصية بجائزة ساويرس الثقافية فى دورتها الثامنة عشرة.
بالإضافة إلى روايته «تيه حميم» الصادرة مؤخرًا، والتى قدمنا لكم عنها ذلك التقرير.