الجمعة 3 مايو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
من الفسيخ شربات لو سمحت

من الفسيخ شربات لو سمحت

انتشرت فى الآونة الأخيرة أعداد كبيرة من الصفحات على منصات التواصل الاجتماعى يقوم أفرادها بنشر صورة مع طلب لان يقوم أحد أعضاء الصفحة المحترفين لتغيير بعض من تفاصيل تلك الصورة.



والحقيقة أن هذا الأمر ليس وليد هذه الأيام والتى انتشرت خلالها تطبيقات تعديل الصور سواء العادية أو المدعومة بأنظمة الذكاء الاصطناعى، فالمتتبع لهذا الأمر خاصة من الأجيال القديمة قد يتذكر كم كان هذا ممكنا ولكن كان يتم من خلال المصور المحترف وفى استوديوهات التصوير، فالبعض كان يتم تصويره على أنه بجوار الكعبة المشرفة أو أمام أحد المساجد، أو فى حديقة غناء وهى صور مركبة بالكامل، بالطبع كانت الإمكانيات محدودة والقدرة على اكتشاف «التركيب» كبيرة.

أما الآن وبعد انتشار تلك التطبيقات ووجود عدد منها مجانى بالكامل وربما أيضا لا يحتاج الشخص إلى تحميل التطبيق من الأساس، فيكفى أن يستطيع الدخول على موقع إلكترونى مجانى ليقوم بما يريد.

القصة بدأت بمجموعة من الفلاتر Filters تقوم بتفتيح أو تغميق لون البشرة ثم تطور الأمر إلى إزالة النمش وباقى عيوب الوجه ثم تطور الأمر إلى معالجة أخطاء الصور القديمة وأيضا تلك التى أصيبت بالتلف جراء التخزين أو التداول على مدار السنين.

والآن أصبح من المعتاد أن تجد أحد الأشخاص يقدم صورة لأحد من أجداده ويطلب من باقى الأعضاء تحسين الصورة وإعادتها إلى حالتها الأولى أو تلوينها ثم تحول الأمر إلى تغيير بالكامل، ليس فقط على مستوى الخلفية أو ملامح الوجه بل أيضا بتغيير الملابس وإضافة أو حذف أشخاص من الصورة، أو تصليح صور بها بعض التفاصيل المطموسة حيث تقوم البرامج المدعومة بالذكاء الاصطناعى بمعالجة الطمس واستنتاج الأجزاء المحذوفة أو المطموسة.

منذ عدة أيام وجدت صورة لثلاثة من الرجال يرتدون الجلباب البلدى وخلفيتهم أحد الحقول المزروعة، حيث طلب أحدهم أن يتم تغيير المشهد إلى ارتداء بذات إيطالية وتغيير الخلفية إلى أحد شوارع باريس العامرة وهو ما تم فى دقائق معدودة وبجودة ودقة لا يمكن معها اكتشاف أن الأمر برمته مفبرك بالكامل.

أعرف أن هذا يتم من قبيل الدعابة او الاستعراض للإمكانيات الفنية الجديدة والتى تصل إلى ما يطلق عليه التزييف العميق Deep fake ولكن هذه الأمور تصعب المهمة كثيرا على خبراء الأدلة الرقمية Digital Forensics خاصة عندما تحال إليهم تلك المواد للفصل فى قضية من القضايا، كما أن هذا التزييف قد يساء استخدامه فيتحول إلى أدوات لجريمة ابتزاز جنسى أو مالى، أو على أقل تقدير استخدامها فى النصب على شخص أو أشخاص فى عمل أو زواج أو غير ذلك من الأمور والحقيقة أننى لا أعرف إلى أين ستأخذنا التكنولوجيا فاليوم باتت الصورة مزيفة والصوت منقول والفيديو مفبرك والذكريات زائفة، ربما يؤدى ذلك إلى عودة البشرية إلى التواصل الإنسانى التقليدى واعتبار كل ما هو خلاف ذلك دربًا من المزاح أو الزيف أو هما معًا.