الأحد 5 مايو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
شهداء الدنيا والآخرة

شهداء الدنيا والآخرة

بضعة أيام وتمتلئ الأرض خيرًا وبركة بقدوم شهر رمضان المبارك، وقبل رمضان بساعات قليلة تتعطر أرض مصر بذكرى يوم الشهيد، والذى يوافق 9 مارس سنويًا، تخليدًا لذكرى رحيل رئيس أركان حرب القوات المسلحة الفريق الشهيد عبد المنعم رياض.



أرض سيناء المباركة أكثر البقاع المصرية التى احتضنت فى رمالها أكبر عدد من الشهداء المصريين على مر التاريخ الحديث والقديم، نظرًا لكونها خط الدفاع الأول لبوابة مصر الشرقية، والتى جاء عبر أرضها كل الأعداء للنيل من هذا الوطن. 

ما دخلت أرض سيناء يومًا من الأيام، إلا على طهارة بدنية ومعنوية، أصلى فى سري، وأدعو الله تبارك وتعالى أن يعوض أهل كل من استشهدوا على هذه الأرض بنعيم الدنيا والآخرة، أستشعر وأنا أتنفس هواء سيناء، أننى أتنفس هواءً من الجنة، أنظر مد البصر على جبال سيناء الراسخة الشامخة وقد وقفت على قمتها هذه الأرواح.. أرواح الشهداء الأبرار، يدافعون عن الأرض بأرواحهم، كما دافعوا عنها فى الدنيا بدمائهم الطاهرة. 

ونحن نحتفل بيوم الشهيد دار هذا الحديث بين جابر بن عَبْدِ اللَّهِ- رضى الله عنهما- وحضرة النبى صلى الله عليه وسلم.. قال جابر:  لَقِيَنِى رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ لِى :يَا جَابِرُ مَا لِى أَرَاكَ مُنْكَسِرًا؟ قُلْتُ :يَا رَسُولَ اللَّهِ اسْتُشْهِدَ أَبِي، قُتِلَ يَوْمَ أُحُدٍ، وَتَرَكَ عِيَالًا وَدَيْنًا، قَالَ :أَفَلَا أُبَشِّرُكَ بِمَا لَقِيَ اللَّهُ بِهِ أَبَاكَ؟ قَالَ :قُلْتُ بَلَى يَا رَسُولَ اللَّهِ.قَالَ :مَا كَلَّمَ اللَّهُ أَحَدًا قَطُّ إِلَّا مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ وَأَحْيَا أَبَاكَ فَكَلَّمَهُ  فَقَالَ : يَا عَبْدِى تَمَنَّ عَلَيَّ أُعْطِكَ.. قَالَ : يَا رَبِّ تُحْيِينِى فَأُقْتَلَ فِيكَ ثَانِيَةً. قَالَ الرَّبُّ عَزَّ وَجَلَّ إِنَّهُ قَدْ سَبَقَ مِنِّى أَنَّهُمْ إِلَيْهَا لَا يُرْجَعُونَ  قال : يا رب فأبلغ من ورائي، فنزلت هَذِهِ الآية :«وَلَا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِى سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتًا بَلْ أَحْيَاءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ  فَرِحِينَ بِمَا آتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ وَيَسْتَبْشِرُونَ بِالَّذِينَ لَمْ يَلْحَقُوا بِهِمْ مِنْ خَلْفِهِمْ أَلَّا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ  يَسْتَبْشِرُونَ بِنِعْمَةٍ مِنَ اللَّهِ وَفَضْلٍ».

اجعلوا يوم التاسع من مارس عيدًا على كل أسر الشهداء، قدموا لأبناء الشهداء أعز ما تملكون، والله إن روح الشهيد لحاضرة ومطلعة على ما تصنعون.. يوم الشهيد يوم العزة والكرامة والصمود والشرف لهؤلاء الأبطال الذين تركوا الدنيا ومتاعها من أجل أن ننعم بالأمن والاستقرار، لن ننساكم يا فخر مصر وعزها، لن ننسى الشهيد  أحمد المنسى ورفقاءه من الشهداء عبر تاريخ النضال والشرف والكرامة على أرض سيناء مهبط التجلى وملتقى الأنبياء والشهداء، هؤلاء هم أشرف من أنجبت نساء مصر على مر التاريخ.

نموذج «الشهيد أحمد المنسى» واحد من مئات الآلاف من شهداء مصر امتدادًا من عهد أحمس وتحتموس ورمسيس إلى العصر الحديث ومن استشهدوا فى صفوف القوات المسلحة ورجال الشرطة ممن أقسموا على الدفاع عن هذه الأرض وحماية العرض وصون الحدود بالليل والنهار.. منسى الأسطورة وغيره من أساطير الشهداء فى يوم عيدهم، تتجسد روح هؤلاء  الرجال الذين لا نعرفهم ولا نعرف طبيعة عملهم، وكل مقاتل فى عمله يضع الله ووطنه بين عينيه.. هؤلاء الرجال لا يعرفون الراحة إلا قليلًا، تركوا أبناءهم وزوجاتهم وأقرب الناس إلى قلوبهم من أجل هذا الوطن.. يجلسون بالأيام فى مهام أعمالهم لا يعرف النوم الهادئ طريقًا إلى أعينهم.. يخرجون فى مأموريات سرية بالأسابيع للحصول على المعلومات وكشف المخططات التى تدبر لمصر من عدة جهات خارجية وداخلية.. هؤلاء الرجال تطوف عليهم أرواح المنسى وكل الشهداء فى تلك الأيام الكريمة فتنير قلوبهم وتزكى عقولهم لكى يستمروا فى مواصلة العطاء والدفاع عن مصر بكل عزيمة واقتدار.. تحية لهؤلاء الأبطال الذين لم يأذن التاريخ بعد بكتابة سيرتهم العطرة وهم على قيد الحياة.

تحيا مصر..