رشاد كامل
عبدالوهاب وعزومة غداء مع «هتلر»
من حين لآخر أستمتع بإعادة قراءة كتاب مهم ملىء بالحكايات المدهشة سواء كانت سياسية أو صحفية أو فنية،وما أمتع أن تستمع لموسيقار الأجيال ومطرب الملوك والأمراء محمد عبدالوهاب وهو يحكى أنه يحكى كما يغنى بنفس العاطفة والحماس.
وفى كتاب الأستاذ مجدى العمروسى شريك عبدالوهاب وعبدالحليم حافظ فى شركة صوت الفن حكايات مهمة.
إحدى هذه الحكايات التى رواها لمجدى العمروسى يقول: كان فى حياتى ثلاث رغبات إنى أشوف «هتلر» وأشوف غاندى وأشوف شارلى شابلن ولكل واحد من هؤلاء واقعة!
حبيت غاندى لأنه رجل عمل بكلام سيدنا «عمر بن الخطاب» يقول: كيف أرعى رعيتى وأنا لا أحس بإحساسهم» وكان ينام جنب جامع وعلى حتة حصيرة، ويعيش زى الناس، وكان غاندى كده رغم تخرجه فى أكبر كليات إنجلترا، يسيب كل الحاجات دى ويلبس اللى هو لابسه، ويتغدى ويشرب من المعزة علشان يعيش عيشة أهله، لأن غاندى لما جه الواد ضربه والناس ضربوا الواد اللى ضرب غاندى، يقوم غاندى يحط إيده على قلبه علشان يمنع نزول الدم، والإيد التانية على رأس الواد اللى ضربه عشان يمنحه البركة، ده مش ممكن يكون إنسان عادى!
غاندى كان مرة رايح لندن عشان يتفاوض، شوقى أمير الشعراء عمل له القصيدة اللى فيها «سلام النيل ياغاندى وهذا الزهر من عندى» فرحت له السويس - قبل سفره - وسلمت عليه وكان مع محمود أبوالفتح الصحفى الكبير.
و«هتلر» حبيته لأنه كان بيضرب الإنجليز واحنا كنا ما بنحبش الإنجليز، وحبيت خطب «هتلر» لأنه كان زى المغنى فى خطبه له بداية ووسط وقفلة زى المطرب تمامًا.
ولما سافرنا نعمل فيلم الوردة البيضاء رحنا برلين وكان لنا سفير اسمه حسن نشأت قلت له أنا عاوز أشوف هتلر، قاللى ده من بختك الجاليات العربية عاملة له «غداء» ممكن تحضر وتشوفه، وكان كل دولة عربية عاملة أكلها الشعبى وحاطين حوالين البوفيه الحاجات اللى يعدوها «مسليات» زى الفستق واللب.
وحسن نشأت عرفنى بيه وساعة الأكل جه على الفستق وبص له كتير وسأل واحد فقشرله، لغاية ما جه عند اللب وجه واحد يفتح «لباية» بشويش جدا ثم فى الآخر طلعوا له «لباية» فمات من الضحك وقال: حايضيعوا وقتهم فى الاستقلال زى ما بيضيعوه فى تقشير اللباية ومش حايستقلوا عمرهم!!
أما شارلى شابلن كنت أعتبره فيلسوف زمانه ولما جه يحضر فيلم نزل فى فندق «الكونتننتال» كنت أنا انحشرت فى الصحفيين وسلمت عليه!
لكن الشخصية الأهم والأعمق فى تأثيرها فى حياة الأستاذ محمد عبدالوهاب كانت شخصية أمير الشعراء أحمد شوقى وباعترافه: شوقى فتح مسامى على العلم وعلى الحضارة، باختصار هو جامعة اسمها شوقى!
ومازلنا مع حكايات عبدالوهاب!