حكاوى أثرية
النسيج خيط من التاريخ رابط بين عصور الحضارة المصرية عبر الزمن
علاء الدين ظاهر
تعتبر المنسوجات من أهم التحف التى بلغت درجة عالية فى العصر الإسلامى من حيث التقدم فى طرق الصناعة وأساليب تنفيذ الزخارف، وكانت كسوة الكعبة التى كانت مصر مصدرًا رئيسًا لصناعتها من أهم الأسباب التى ساعدت على التطور الهائل والتنوع الكبير فى صناعة المنسوجات، هذا إلى جانب الميل إلى اقتناء أفخر الثياب اعتقادا من العرب أن كثرة الثياب وتنوعها يكسبهم الهيبة والوقار.
وقد اهتمت بلاد العالم الإسلامى بإنشاء مصانع النسيج سواء كانت للخاصة أو للعامة، فنشأت مراكز لصناعة النسيج فى مصر والعراق وإيران واليمن وغيرها، وحظيت بعناية الخلفاء والوزراء الذين كانوا يشرفون عليها، وعينوا عليها ناظرا يتولى إدارتها ومراقبتها.
ومن أهم أنواع المنسوجات التى برع المسلمون فى إنتاجها الديباج والدمقس والقصب وغيرها، وقد صنعت منها الأزياء والستائر والمفارش والعديد من متطلبات الحياة اليومية. وتعتبر مجموعة المنسوجات بمتحف الفن الإسلامى من أهم وأشمل المجموعات العالمية؛ حيث أنها تضم نماذج للمنسوجات من جميع العصور الإسلامية، ومختلف الأقاليم من الصين شرقًا وحتى بلاد المغرب العربى والأندلس غربا.
وإذا كنا نتحدث عن النسيج لا بد أن نذكر»القباطي»، حيث اعتمدت خطوط الموضة خلال العصر البيزنطى على الأساليب المتوارثة من العصر الرومانى فى صناعة أثواب ذات أكمام ضيقة تونيكا) أو ذات أكمام واسعة ( دالماسيا) والتى تتزين أطرافها بالأشرطة الملونة وتتميز بالوقار والإحتشام، وصنعت الأقمشة بأسلوب مميز يعرف باسم «القباطي» والذى كان مصرياً خالصاً، والذى تكون فيه خيوط السداء وخيوط اللحمة من الكتان الأبيض ثم يترك النساج عدة ثقوب فى القماش ليضيف خيوطا من الصوف الملون والتى تعرف باسم «الوشيعة الطائرة» لخلق خطوط داخلية أنيقة وذات تفاصيل واضحة ومستقلة بذاتها للوحدة الزخرفية وكانت الوحدات الزخرفية تصنع من الصوف الملون على هيئة أشرطة أو جامات ثم تثبت على الرداء أو تنسج فيه مباشرة.
كما اشتهرت مصر القديمة بتقنية صناعة نسيج الكتان الذى عرف بدقة خيوطه، وقد عثر على لفة نسيج كتان فى منطقة هرم الملك بيبى الثانى وهى لفة طويلة من الكتان بلغ طولها حوالى 13 متر، وتعتبر من أهم اللفائف الكتانية التى تعد شاهدًا على جودة هذه الصناعة.