اشرف ابو الريش
نصر العاشر من رمضان
شهر رمضان المبارك جاء يحمل معه الخير لهذه الأمة وهذا الوطن، فى هذا الشهر الكريم نتذكر ما سطره رجال القوات المسلحة ورجال الشرطة من تضحيات للحفاظ على الأمن القومى وحدود هذا الوطن.
فجر جديد من العزة والكرامة يشرق علينا فى هذه الأيام المباركة.. ذكرى نصر العاشر من رمضان الذى اختلطت فيه الرمال الطاهرة فى أرض سيناء الحبيبة مع الدماء الزكية لجنود مصر الأوفياء، هنا فى المعارك تظهر معادن الرجال.. هنا دماء الشرف والعزة والكرامة، هنا على أرض الفيروز كانت صيحات النصر «الله أكبر» تزلزل الأرض من تحت أقدام العدو الذى كان يروج للعالم بأنه الجيش الذى لا يقهر.
بدأت الحرب يوم العاشر من رمضان الموافق السادس من أكتوبر 1973، نفذت أكثر من 200 طائرة حربية مصرية ضربة جوية على الأهداف الإسرائيلية بالضفة الشرقية للقناة، وحلقت الطائرات على ارتفاعات منخفضة للغاية لتفادى الرادارات الإسرائيلية. واستهدفت الطائرات المطارات ومراكز القيادة ومحطات الرادار وبطاريات الدفاع الجوى وتجمعات الأفراد والمدرعات والدبابات والمدفعية والنقاط الحصينة فى خط بارليف ومصاف البترول ومخازن الذخيرة، بعد هذه الضربات المتلاحقة أصيب العدو بالشلل وسط ذهول تام من هول الصدمة التى قام بها جيش مصر العظيم.
فى هذا اليوم نتذكر كل الأرواح الطاهرة التى ضحت من أجل الوطن، ومع ذكريات النصر نسترجع تاريخ انتصارات المسلمين فى هذا الشهر الكريم، بداية من موقعة بدر الكبرى، مرورًا بمعارك كثيرة أشهرها، فتح مكة وحطين وعين جالوت حتى جاء نصر العاشر من رمضان وتم العبور، جاء رمضان على مر العصور يوثق صفحة من الجهاد فى سبيل الله لجيوش المسلمين والعرب، ونحن نستلهم روح العاشر من رمضان نتذكر البطولات التى قام بها رجال مصر الأوفياء لتحرير أرض سيناء من دنس العدو الصهيونى.
العاشر من رمضان فرصة لكل نفس صائمة أن تستلهم من الذكرى العبرة والعظة لكى نعمل ونجتهد من أجل رفعة بلادنا، ولكى نعلم أن الفوز والعطاء من الله لن يأتى بغير العمل والاجتهاد والتوكل عليه ومحاسبة النفس ومراعاة حقوق العباد، لن يقبل الله منا الصيام ونحن نحتكر السلع ونرفع الأسعار دون مراعاة لحقوق المجتمع والناس.
انتصارات قواتنا المسلحة وكل المعارك الحربية جاءت بالعمل والجهد والتدريب وعدم التواكل أو التكاسل، رمضان شهر الصيام والقرآن، رمز للقوة والإرادة والانتصارات قديمًا وحديثًا، وستظل روح العاشر من رمضان ملهمة لكل الأجيال من الشباب حتى يحافظوا على تضحيات الآباء والأجداد.
مهما تعرضنا لظروف صعبة، تقف مصر على أرض ثابتة واثقة فى الله عز وجل وواثقة فى شعبها وجيشها وقيادتها السياسية فخورة بما تم تحقيقه فى عملية إعادة توازن للقوى العسكرية فى المنطقة مرة أخرى. ونحن على مشارف ذكرى نصر العاشر من رمضان التى نسرد منها ما سمعته من الراحل الدكتور منيع عبد الحليم محمود رحمه الله فيما ذكره والده الإمام الأكبر شيخ الأزهر الدكتور عبد الحليم محمود ورؤيته الصالحة التى بشر فيها بنصر العاشر من رمضان قبيل الحرب بأيام، حيث رأى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فى المنام يعبر قناة السويس، ومعه علماء المسلمين والقوات المسلحة، فاستبشر الإمام عبد الحليم محمود وأيقن بأن النصر آتٍ.. ثم توجه إلى منبر الأزهر وألقى خطبة مشهودة قال فيها: إن حربنا مع إسرائيل هى حرب فى سبيل الله، وأن الذى يموت فيها شهيدًا وله الجنة، ومن تخلف عنها منافق.
كتب الله على جند هذا الوطن أن يكونوا خير أجناد الأرض.. التاريخ سجل بمداد من دماء الشهداء فى حرب العاشر من رمضان السادس من أكتوبر عظمة الجندى المصرى، هذا المقاتل النبيل الذى قهر المستحيل فى كل الحروب التى خاضها دفاعا عن وطنه وعرضه وشرفه، معارك هذا الوطن لن تنتهى فى القريب العاجل، التحديات كبيرة وما يدور حولنا على جميع المحاور الاستراتيجية يستدعى من الجميع أن نكون على قلب رجل واحد من أجل رفعة مصر وصون حدودها من الأعداء ظاهرا وباطنا.. تحيا مصر.