علماء: كفاية الفقراء والمحتاجين خير من حج النافلة
عمر حسن
مع اشتداد الغلاء ووطأة الظروف الاقتصادية التى ألمت بالعالم أجمع، امتدت إلى ارتفاع تكاليف الحج والعمرة لتتجاوز عشرات الآلاف، يتجدد الحديث حول إقبال المسلمين على أداء العمرة فى رمضان، وكذلك الاستعداد لأداء فريضة الحج، لتكثر التساؤلات حول هؤلاء الذين يحرصون على أداء العمرة والحج سنويًا فى حين يعانى الكثير من تدهور أحوال المعيشة
من جانبه أكد شوقى علام، مفتى الجمهورية، أن كفاية الفقراء والمحتاجين وعلاج المرضى وسد ديون الغارمين وغيرها من وجوه تفريج كرب الناس وسد حاجاتهم مقدَّمة على نافلة الحج والعمرة بلا خلاف، وأكثر ثوابًا منها، وأقرب قبولًا عند الله تعالى، وهذا هو الذى دلت عليه نصوص الكتاب والسنة، واتفق عليه علماء الأمة ومذاهبها المتبوعة، وأنه يجب على أغنياء المسلمين القيام بفرض كفاية دفع الفاقات عن أصحاب الحاجات، والاشتغال بذلك مقدَّم قطعًا على الاشتغال بنافلة الحج والعمرة، والقائم بفرض الكفاية أكثر ثوابًا من القائم بفرض العين؛ لأنه ساعٍ فى رفع الإثم عن جميع الأمة، بل نص جماعة من الفقهاء على أنه إذا تعينت المواساةُ فى حالة المجاعة وازدياد الحاجة على مريد حج الفريضة فإنه يجب عليه تقديمها على الحج؛ للاتفاق على وجوب المواساة حينئذٍ على الفور، بخلاف الحج الذى اختلف فى كونه واجبًا على الفور أو التراخي. وتابع: لا يجوز للواجدين إهمالُ المعوزين تحت مبرر الإكثار من النوافل والطاعات؛ فإنه لا يجوز ترك الواجبات لتحصيل المستحبات، ولا يسوغ التشاغل بالعبادات القاصرة ذات النفع الخاص، وبذل الأوقات والأموال فيها، على حساب القيام بالعبادات المتعدية ذات المصلحة العامة، وعلى مريد التطوع بالحج والعمرة السعيُ فى بذل ماله فى كفاية الفقراء، وسد حاجات المساكين، وقضاء ديون الغارمين، قبل بذله فى تطوع العبادات، كما أن تقديم سد حاجات المحتاجين وإعطاء المعوزين على التطوع بالحج أو العمرة ينيل فاعلها ثواب الأمرين معًا. من جانبه أكد الدكتور عبدالله النجار، عضو مجمع البحوث الإسلامية، أن الحج على المستطيع وهو واجب فى العمر مرة واحدة، ولم يفرضه الله فرضا مطلقا بل جعله مرتبطًا بالاستطاعة. وتابع عضو مجمع البحوث الإسلامية فى تصريحاته لـ»روزاليوسف»: تقدير الاستطاعة مرتبط بالحال الشخصى والعام، فى الحالة العامة لا يجوز للإنسان أن يذهب للحج وأهله وجيرانه بحاجة إلى الطعام والشراب فى ظل موجة من غلاء الأسعار تعصف بالعالم.. يعنى يروح يحج ويتفسح والناس هنا مش لاقية تاكل؟».
وأضاف «النجار»: «من تعود الحج كل عام فإن خير له أن ينفق هذه الأموال على الفقراء والمحتاجين، أو أن يتبرع بها إلى صندوق تحيا مصر، أو أى من الصناديق القائمة على خدمة الأكثر احتياجًا من الناس».
وأوضح عضو مجمع البحوث الإسلامية أن الله فرض العبادات كلها بهدف تحقيق التكافل الإنسانى والاجتماعي، والإنسان الذى يذهب لأداء الحج يبتغى تهذيب نفسه وتقويمها، وهذه الغاية يمكن تحقيقها هنا بمساعدة الفقراء.
وتابع الدكتور عبدالله النجار: «حج النافلة استجابة للشوق إلى البيت الحرام ولكن فيه نوع من الرفاهية والتفاخر، لا تخلو من شائبة الرياء وبعض الناس يعتبرونها عادة تمحى ذنوب كل عام». وأكد عضو مجمع البحوث الإسلامية، أن»بناء المشاريع خير من الحج 20 مرة، لأن هذا حق الأجيال القادمة علينا، وأساس بقاء الدولة والمجتمع والخلافة التى خلق الله الناس من أجلها، فبقاء الدولة مقصد دينى وشرعي».
واختتم بقوله: «من حج مرة فإن المشاركة فى تخفيف حدة الغلاء على الناس خير له من الحج مرة أخرى، فحق العبد مُقدم على حق الرب، لأن العبد فقير محتاج والله غنى غير محتاج». فيما استنكرت الدكتورة آمنة نصير، أستاذ العقيدة والفلسفة الإسلامية، حرص الشعب المصرى على أداء الحج والعمرة أكثر من حرصه على المواظبة على الصلاة والصيام، متابعة: «لدى علامة استفهام كبيرة على شعب مصر فى حرصه على تكرار الحج والعمرة أكثر من مرة». وتابعت نصير لـ«روزاليوسف»: «يجب تحريك البوصلة الإنسانية لدى الشعب المصرى تجاه عمل الخير، فهذا أفضل من تكرار الحج والعمرة عند الله عز وجل»، مشيرة إلى أنه يجب التركيز على توجيه الأموال فى علاج فقير، أو المساعدة فى تزويج يتيمة، أو المساهمة فى مصاريف أسرة لا تجد قوت يومها، أو حتى التبرع لمستشفى يعالج المرضى بالمجان».
أما عن أولوية أداء الحج للمرة الأولى، فتؤكد الدكتورة آمنة نصير أن مساعدة الابن والابنة فى مصاريف الزواج أولى من الذهاب للحج، ولو كان للمرة الأولى، متابعة: «الحكمة الإلهية أن الحج خامس أركان الإسلام، لمن استطاع إليه سبيلا، وبهذه الاستطاعة أعطى الله مرونة ويسر على المسلم، وإذا وجدت لديه ضرورة أخرى فلا مانع من تأجيل الحج أو العمرة».