حكاوى أثرية
زوار الشافعى باحثون عن بركة الإمام من أول الغورى حتى طلاب آسيا بالأزهر
علاء الدين ظاهر
إذا ذهبت الى قبة وضريح الإمام الشافعى ستجد كثيرا من زواره يقومون بالصلاة والدعاء وتوزيع الصدقة، وقد يترك آخرون ممتلكات تذكارية تخصهم أو تخص ذويهم عند القبر، والبعض الآخر قد يترك رسائل موجهة للشافعى تحكى عن مشكلة يتمنون أن يتم حلها ببركة الإمام الكثير، ومن هذه الرسائل ما تحكى عن نزاعات ومشاكل قانونية غالبًا، فى إشارة إلى شهرة الشافعى كقاضى عادل ومحايد.
ومن المرجح أن عادة زيارة الإمام الشافعى قد بدأت بعد موته بفترة وجيزة، ويذكر التاريخ أن سلاطين المماليك مثل فرج بن برقوق وقانصوه الغورى اعتادوا زيارة قبره، وكان الغورى يحرص على زيارته قبل الخروج للمعركة، وكان ضريح الإمام الشافعى من أوائل الأماكن التى توجه لها السلطان سليم الأول عند دخول مصر عام 923 هـ | ١٥١٧ م، وبعدها اعتاد الحكام العثمانيون زيارة الإمام الشافعى فور وصولهم مصر، وأصبحت القبة ملتقى يتقابلون فيه مع حلفائهم للتآمر وعقد الاتفاقات ومع أعدائهم لحل النزاعات.
وتعد القبة اليوم من أكثر الأضرحة التى يحرص المصريون وغير المصريين على زيارتها، ويقبل عليها من يتبع المذهب الشافعى وهو المذهب الغالب على سكان جنوب آسيا، فيحرص على زيارتها الطلبة الذين يأتون من جنوب آسيا للدراسة بجامعة الأزهر.
ويعد كتاب مرشد الزوار إلى قبور الأبرار من تأليف موفق الدين بن عثمان، من أقدم كتب الزيارة التى بقيت لنا من العصر الإسلامي، حيث كان زوار القرافة من جميع أنحاء العالم الإسلامى يسترشدون بهذه الكتب للوصول إلى قبورها وأضرحتها والتعرف على سير وكرامات من دفن بها.
والمقابر حول قبة الإمام الشافعى تعكس مثلث القوة فى مصر العثمانية، حيث تأسست مقبرة للولاة العثمانيين خارج شباك القبة الشمالي، وبجواره أنشأ السادات البكرية - وهم من أهم عائلات الأشراف بمصر - مسجدهم ومقبرتهم، أما عن المدفن جنوب القبة، فهو من إنشاء الأمير رضوان أغا الرزاز، نائب الأمير عبد الرحمن كتخذا، قائد المماليك فى منتصف القرن الثانى عشر الهجرى | الثامن عشر الميلادي.