الأربعاء 15 يناير 2025
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد

شهداء فى الإسلام

ذو البجادَين

يزخر تاريخنا الإسلامى بأسماء شهداء بذلوا أرواحهم فى سبيل إعلاء كلمة الحق والدين، فكانوًا نبراسًا ومثالًا للتضحية والفداء لرسول الله –صلى الله عليه وسلم- ولدين الإسلام، لذا نروى لكم يوميًا فى شهر رمضان قصة أبرز الشهداء فى التاريخ الإسلامي، ما بين الصحابة والتابعين وقادة أشهر المعارك فى تاريخ الخلافة الإسلامية.



عبدالعزى بن عبد نهم، الاسم الذى عرف به «ذو البجادين» فى الجاهلية، قبل أن يطلق عليه النبى محمد اسم عبدالله بعد دخوله فى الإسلام، وتخليه عن كل الثراء الذى عاش فيه، واكتفائه برداء وإزار هما البجادان، اللذان أصبحا لقباً له لاحقا.

ينتمى «ذو البجادين» إلى مزينة، إحدى قبائل العرب قديماً، و»العزى» من أكبر أصنام العرب قبل الإسلام، ونشأ يتيماً فتكفل به عمه الثرى، وأحبّه وأغدق عليه العطاء والدلال، فعاش فى رفاهية ورغد.

عندما هاجر المسلمون من مكة إلى المدينة كانوا يمرون ببلدته، فرق قلبه إلى هذا الدين، ويقال إنه كان فى عمر الـ16 آنذاك حين نطق شهادة التوحيد، دون علم عمه وقومه خشية أن يؤذوه، وكان يتعلم من المسلمين الآيات ويحفظها تباعاً.

كان «ذو البجادين» على أمل أن يسلم عمه، لكنّه تأخر كثيراً، ولرغبة الفتى فى الهجرة مع المهاجرين عرض الإسلام على عمه فرفض الدعوة وغضب بشدة وهدّد ابن أخيه، قائلا: «والله لئن أسلمتَ لأنتزعن كل ما أعطيتُك»، فرد الفتى: «إن نظرة من محمد أحب إلى من الدنيا وما فيها».

وعندما عزم الفتى السير للحاق بالنبى محمد صلى الله عليه وسلم، جرَّده عمه من متاعه ولباسه، فناولته أمه بجاداً (كساءً من قماش غليظ) فشقّه نصفين، وجعل أحدهما إزاراً والآخر رداءً.

ووصل «ذو البجادين» إلى المسجد النبوى ليلاً وبات فيه، وحين جاء النبى رآه فسأله من أنت؟ فأجاب: أنا عبدالعزى بن عبد نهم، وقصّ عليه قصته، فقال النبى بل أنت عبدالله، واشتُهر بعد ذلك بـ»ذى البجادين»، وكان يَلزم بابَ النبى.

خرج عبدالله ذو البجادين فى غزوة تبوك، وسأل النبيّ: «يا رسول الله ادع لى بالشهادة»، فقال الرسول: «اللهم حرّم دمه على الكفار»، وأصيب يومها بالحمّى وتوفى وعمره 23 عاماً، وحفر له أبوبكر وعمر صاحبا الرسول وخليفتاه لحداً، وأنزله النبى فى القبر بيديه وقال: «اللهم إنى أمسيتُ راضياً عنه فارضَ عنه».