زكاة الفطر.. «حبوب» يجوز إخراجها «نقدًا» على مذهب أبى حنيفة
عمر حسن
ينتظر الفقراء زكاة الفطر كل عام لسد جزء من احتياجاتهم كأى أسرة فى هذا الشهر، وانعكس ذلك الغرض فى شكل إخراجها وميعاده الذى يفرقها عن الصدقة العادية، فلكل زكاة فرضها الإسلام أحكامها الخاصة وشروط معينة تميزها عن غيرها، وزكاة الفطر تحتوى على عدد من الشروط الواجب تطبيقها عند إخراجها لاكتمال ثوابها.
حدَّد الدكتور شوقى علام -مفتى الجمهورية، رئيس الأمانة العامة لدور وهيئات الإفتاء فى العالم، قيمة زكاة الفطر لهذا العام بـ (35 جنيهًا)، كحدٍّ أدنى عن كل فرد.
وأوضح مفتى الجمهورية، أنَّ تقدير قيمة زكاة الفطر 2024 لتكون عند مستوى 35 جنيهًا، جاء كحدٍّ أدنى عن كل فرد، مع استحباب الزيادة عن هذا المبلغ لمن أراد والله يضاعف لمن يشاء، مشيرًا إلى أن دار الإفتاء المصرية أخذت برأى الإمام أبى حنيفة فى جواز إخراج زكاة الفطر بالقيمة نقودًا بدلًا من الحبوب؛ تيسيرًا على الفقراء فى قضاء حاجاتهم ومطالبهم، والفتوى مستقرة على ذلك.
وأوضح أن قيمة زكاة الفطر تعادل (2.5) كيلوجرام من القمح عن كل فرد؛ نظرًا لأنه غالب قوت أهل مصر، وقد فُرضت على كلِّ مَن يجد قوتَ يومِه ولو كان فقيرًا، فقد جعلها الله تطهيرًا للنفس وتطهيرًا للصيام مما قد يؤثر فيه وينقص ثوابه من اللغو والرفث ونحوهما، وتكميلًا للأجر.
ونبه على أنه يجوز شرعًا إخراج زكاة الفطر منذ أول يوم فى شهر رمضان، وحتى قبيل صلاة عيد الفطر، وناشد مفتى الجمهورية المسلمين تعجيل زكاة فطرهم وتوجيهها إلى الفقراء والمحتاجين، حيث تعيش الأمة الإسلاميَّة -بل الإنسانية جميعًا- ظروفًا اقتصادية استثنائية غيَّرت بصورة غير مسبوقة سمات الحياة العامة المعتادة فى شهر رمضان.
من جانبه قال الشيخ عبد الحميد الأطرش رئيس لجنة الفتوى الأسبق بالجامع الأزهر، إن زكاة الفطر فريضة أوجبها النبى على المسلمين فى السنة الثانية من الهجرة، وحينما سئُل عن قوله تعالى «قد أفلح من تزكى وذكر اسم ربه فصلى»، فقال نزلت فى زكاة الفطر، وقد قال الرسول -صل الله عليه وسلم- فى حديثه الشريف :»زَكَاةَ الْفِطْرِ طُهْرَةً لِلصَّائِمِ مِنْ اللَّغْوِ وَالرَّفَثِ وَطُعْمَةً لِلْمَسَاكِينِ مَنْ أَدَّاهَا قَبْلَ الصَّلاةِ فَهِيَ زَكَاةٌ مَقْبُولَةٌ وَمَنْ أَدَّاهَا بَعْدَ الصَّلاةِ فَهِيَ صَدَقَةٌ مِنْ الصَّدَقَاتِ»، وزكاة الفطر فُرضت على كل مسلم بالغ راشد، يخرجها الرجل عن نفسه وعن زوجته وأولاده وعن أبويه الفقيرين وعن خادمه إن كان ليس قادرًا .
وأضاف الأطرش أن زكاة الفطر فرضها الرسول صاعاً من تمر أو صاعاً من شعير أو من زبيب، ويرى بعض الفقهاء مثل الإمام مالك أن الكيل بالمكيال المصرى يكفى عن ستة أشخاص، ويرى الإمام الشافعى أن الكيل المصرى يجزأ عن 4 أشخاص فقط، وزكاة الفطر لا تنقل من بلد إلى بلد إلا إذا انعدم الفقراء فى هذا البلد حتى يتحقق قول النبى «اغنوهم عن ذل السؤال فى هذا اليوم» فلو نُقلت الزكاة من بلد إلى بلد ربما ينسى فقير فى هذا البلد.
وأشار الأطرش إلى جواز خروجها نقدا أى قيمة مادية على اعتبار أنها أنفع للفقير من الحبوب طبقا لمذهب أبو حنيفة، لافتا إلى أن هناك نصاب لكل زكاة فرضها الله، ومن لم يملك النصاب لا زكاة عليه، أما زكاة الفطر فلا نصاب لها، فمن يأخذ الزكاة يخرج الزكاة، بمعنى أن الفقير الذى يتلقى الزكاة من الآخرين يخرج عن نفسه وعن أولاده زكاة حتى يعم ويسود المجتمع الخير والحب.
وأوضح أن مصارف الزكاة حددها الله تعالى فى كتابه الحكيم فى سورة التوبة حيث قال: «إنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ وَفِى الرِّقَابِ وَالْغَارِمِينَ وَفِى سَبِيلِ اللَّهِ وَابْنِ السَّبِيلِ فَرِيضَةً مِنَ اللَّهِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ»، وزكاة الفطر تخرج من المكان الذى تسكن فيه، ويجوز أن يتم إخراجها كاملة لشخص واحد، لكن الأولى أن تكون لأكثر من فرد حتى يعم النفع على الجميع.
وذكر الأطرش مواقيت إخراج الزكاة كما يراها أهل العلم، حيث يرى بعض الفقهاء أنه يجوز اخراج زكاة الفطر قبل رمضان أو أول يوم فى رمضان أو فى العشر الأواخر من رمضان، بينما يرى الإمام مالك أن أفضل وقت لإخراجها بعد صلاة فجر يوم العيد وحتى قبل الصلاة، فمن لم يستطع إخراج زكاته فى هذا الوقت عليه أن يعزلها بعيدًا عن ماله ثم يقوم بتوزيعها.
فى سياق متصل، أكد الدكتور سعيد عامر، أحد المتخصصين فى الإفتاء بالجامع الأزهر، على عدم جواز إخراج زكاة الفطر لبناء مسجد، والأولوية تكون للفقراء والمساكين فى حيز السكن وعلى شكل حبوب وليست مواد تموينية مثل الزيت والسكر والكيل باثنين كيلو ونص ويختلف من سلعة لأخرى فكيل الدقيق ليس ككيل الأرز، وإن كان يجوز إخراجها بشكل مادى للجمعيات الخيرية شرط أن تكون مضمونة وعليها رقابة من وزارة التضامن والقائمين عليها أهل ثقة.
أما بالنسبة لإخراج الزكاة للمستشفيات الخيرية بجميع أنواعها، قال: «إذا كان هذا المال سينفق على الفقراء والمساكين داخل المستشفى فلا مانع أما إذا كان سينفق على الأغنياء فلا يجوز، لذلك يتوجب على كل من يتقدم بزكاته لأى مستشفى أن يسأل أولًا ما إذا كان يوجد صندوق خاص بالفقراء أما لا».