شرائط مزركشة ونصوص كتابية ورسوم حيوانات فى زخرفة المنسوجات الفاطمية
علاء الدين ظاهر
عالم النسيج الأثرى ليس مجرد خيوط متداخلة تصنع منها الملابس،بل هو تاريخ كبير وممتد عبر آلاف السنين،ومن أبرز العصور التى شهدت فيها المنسوجات تطورا كبيرا العصر الفاطمي،حيث حكم الفاطميون مصر عام ٩٦٩ م وسعوا إلى بسط مذهبهم على البلاد.
وعرف عن هؤلاء الحكام سعة إطلاعهم وثقافتهم وهو الأمر الذى انعكس على الحياة الفنية والثقافية فى البلاد خاصة فنون الشعر والموسيقى والفنون الزخرفية الراقية البديعة، وأصبحت القاهرة فى عهد هؤلاء الحكام نقطة التقاء وتفاعل الفنون من دول المشرق والمغرب الإسلامية وأيضاً البوتقة التى تنصهر فيها الاتجاهات الفنية الوافدة من الدول غير الإسلامية.
على أن الكثير من الأمثلة على روعة هذه الفنون وعظمتها ومنها المنسوجات إندثر ولم يصل إلينا منها سوى القليل وما كتبه المؤرخون والأدباء عن روعة وتنوع هذه المنسوجات والتى عرفنا منها التطور الملحوظ لهذه الصناعة خلال العصر الفاطمى وانعكس ذلك على الأشكال الزخرفية وسبل تطريزها.
حيث تأثرت هذه الصناعة بشده بالأساليب والفنون الشرقية السائدة فى بغداد فى ذلك الوقت والتى تمثلت فى استخدام الشرائط المزركشة التى تزينها نصوص كتابية وفى نفس الوقت حافظ الصانع على تقاليد وأصول الصنعة فى بيئته باستخدام أشكال ورسومات تشخيصية للحيوان والإنسان لزركشة وتطريز القماش والمنسوجات.
وعن طرق وأساليب زخرفة المنسوجات الفاطمية،يؤكد لنا الكتاب والأدباء فى ذلك العصر أن صور الحكام والأعيان كانت تستخدم فى تطريز وتزيين المنسوجات والأقمشة إلى جانب أسمائهم ونصوص كتابية مزخرفة، على أنه من المؤسف أن القطع الباقية من هذه المنسوجات تفتقد إلى روعة الوصف ومهارة الصناع فى ذلك الزمان والتى جاء ذكرها فقط على لسان هؤلاء الكتاب والمؤرخين.
وليس لنا سوى أن نطلق العنان للخيال كى يساعدنا من خلال هذه الكتابات على تصور روعة ودقة هذه الصناعة خاصة حينما نشاهد صور هؤلاء الأشخاص المنقوشة فى وسائط أخرى والتى تمثل الخلفاء فى أبهى حللهم وعظمتهم، وهناك مشاهد أخرى تفوقها روعة تصور الحاكم خلال جلسات الحكم أو الاجتماع مع مستشاريه، وهناك مشاهد أخرى لرحلات الصيد وموسم جمع محصول العنب والاحتفالات الشعبية وتصاوير لحيوانات نادرة يقتنيها الحكام والأغنياء فى قصورهم، وحيوانات أخرى أبدعها خيال الفنان.