الأحد 22 ديسمبر 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
صدقى باشا يضحك على المعارضة!

صدقى باشا يضحك على المعارضة!

اعترفت السيدة روزاليوسف بأن صدقى باشا رئيس الوزراء كما كان يستخدم القوة فى قهر الرأى العام، كان كثيرًا ما يستخدم الحيلة، وكانت روزاليوسف شاهدة على الكثير من هذه المواقف العجيبة وتقول: اعتزم الوفد أن يجر معه محمد محمود - زعيم الأحرار الدستوريين - لزيارة بنى سويف، وركب الزعيمان القطار بعد معركة حامية قامت بين رجال الحزبين - الوفد والأحرار الدستوريين - ورجال البوليس خسر فيها  «محمد محمود باشا»، «زر طربوشه» واضطر أن يلبس الطربوش من غير «زر» وقد حامت تهمة قطع هذا الزر حول أحد أعضاء حزب الشعب حزب صدقى باشا وغضب من ذلك محمد باشا محمود غضبة لم يلطفها هتاف أو تصفيق!



 

وكان صدقى باشا فى هذا اليوم مصابا بنوبة من نوبات الانبساط والتفريح على ما يظهر فأذن للقطار بالسير وبألا يحيد عن طريقه المرسوم، ووصل القطار فى المسار إلى محطة بنى سويف ونزل الوفد ورجال الوفد، وأرادوا ترك المحطة إلى البلدة ولكنهم وجدوا المحطة مقفلة ومحاصرة بقوة من رجال الجيش والبوليس ولا يسمح لأحد من الأهالى بالدخول إليها!

 

والتفت النحاس باشا إلى القطار الذى أقله فوجده يختفى مسرعا بين النخيل وفى ظلمة الليل، فأراد أن يخرج من المحطة ليركب هو ومن معه السيارات إلى القاهرة فوقف أمامهم الضابط وجنوده، وإذا ذاك أدرك الجميع أنه مقضى عليهم بالمبيت فى المحطة حتى يمر القطار القادم من أعماق الصعيد وهو لن يمر قبل الصباح!

 

وكان أن اعتلى النحاس باشا ومن معه مقاعد الاستراحة بالمحطة بعد أن قدم إليهم الضابط أكوامًا من الساندويتش! وأمضى محمد محمود باشا وقتًا طويلًا يندب »ذره «المفقود وينعى طربوشه الأزعر تحت ضوء النجوم.

 

ولكن لم تمض مدة طويلة حتى ارتفع شخير النحاس باشا معلنا للجميع أن الرئيس الجليل هو سيد النائمين وخير من يطرقه النوم الثقيل فى أحرج المواقف وفى أحراها بالسهاد والتفكير!

 

وتعلق روزاليوسف ساخرة: يقولون إن المفكر الحر عدو النوم والطعام، وأن المجاهد الحق الذى سلاحه لا السيف والمدفع، عدو النوم والطعام، فأين النحاس باشا يا ترى من هذا وذاك؟!

 

عدل الوفد بعد هذا عن الطواف فى الأقاليم وأولى همه كله سياسته المعروفة وهى سياسة تجريح الوزارة القائمة وتسفيه نظامها والانتقاص من كل ظاهرة إصلاحية تبدو منها والتشهير بأخطائها وهناتها، ثم هى سياسة انتهاز الفرص والتلويح!

 

وقد نتساءل الآن: كيف أن صدقى باشا تكلف هذا اللين وأصدر عن حذق وكياسة فى الإجراءات التى اتخذها لمنع الوفد من الطواف فى الأقاليم.

 

وتتساءل روزاليوسف: كيف تأتى هذا كله من غير إراقة دم أو تهشيم رأس، وقد سبق لصدقى باشا أن بطش «بطشة نمر مفترس» يوم أن احتمى العمال والصناع فى عنابر بولاق يهتفون بسقوط نظامه فأمر بإطلاق النار عليهم بلا رحمة أو شفقة.

 

أحقًا أن صدقى باشا كان لا يقسو فى بطشه إلا مضطرًا تحت تأثير الظروف الحرجة التى تبدو له مهددة لنظامه بالبوار أم أن الرجل لانت قناته وهدأت ثائرة نفسه الطموح بعد أن فرض النظام الذى أراده؟! أم أنه عمد إلى الملاينة بعد أن تبين له أن الإنجليز قوم مخادعون وصوليون يحلبون البقرة فى حين أنهم يكلفون غيرهم إمساك قرنيها!!

 

أعتقد أن فى هذا اللين الذى أبداه فى تحويل الوفديين عن الطواف فى الأقاليم شيئا من هذا كله.

وللذكريات بقية!