أيمن عبد المجيد
حكومة الأمل والتحديات.. هل تتغير الوجوه أم السياسات؟
على مدار ٤٧ دقيقة، عرض الدكتور مصطفى مدبولى رئيس مجلس الوزراء، أمام ممثلى الشعب، بيانا ببرنامج عمل الحكومة خلال السنوات الثلاث المقبلة، مودعًا البرنامج التفصيلى -أكثر من ٣٠٠ صفحة- بأمانة المجلس لدراسته ومناقشته فى جلسة عامة في ٢١ يوليو الجارى، لإقرار أو رفض البرنامج إعمالًا للدستور.
وبينما وقف رئيس الحكومة الجديدة ممثلًا للسلطة التنفيذية، أمام السلطة التشريعية الرقابية، كانت حكومته التى تضم ٧٠٪ وجوها جديدة، حاضرة بكامل تشكيلها بالمقر الجديد لمجلس النواب بالعاصمة الإدارية الجديدة.
وهنا يأتى السؤال المهم: هل التغيير فى وجوه الوزراء فقط أم في سياسات الحكومة وآليات العمل اللازمة لمواجهة التحديات المتعاظمة؟
لعل الأسبوع الأول من عمر الحكومة يحمل مؤشرات تسهم فى الإجابة عن هذا السؤال، فعن تشكيل الحكومة ومدلولات التغييرات والوجوه الجديدة ودمج وزارات فى حقيبة واحدة أو استحداث مهام، قدمت قراءة تحليلية للتغييرات الحكومية فى مقالى الخميس الماضى.
سعيت خلال الأسبوع الأول لرصد تحولات سياسات الحكومة ومدى مواكبتها لنسب التغيير فى التشكيل.
أولًا: سلوك الحكومة الجديدة وخطابها الإعلامى:
١- سياسة التفاعلات الإعلامية الاستباقية
شهد السلوك الإعلامى للحكومة فى أسبوع عملها الأول، عدة أنشطة تعكس انتهاجها سياسات جديدة فى خطابها الإعلامي، يمكن وصفها بـ«سياسة التفاعلات الإعلامية الاستباقية».
٢- أهدافها المصارحة والمكاشفة لبناء وعى صادق بما يتحقق على الأرض من جهد وما تواجهه الدولة من تحديات وما تتخذه من إجراءات وحلول عاجلة وجذرية لصالح المواطن، لقطع الطريق على تجار الأزمات ومروجى الشائعات.
٣- تسهم استراتيجية الخطاب الحكومى الإعلامى فى تحقيق الاستقرار السياسى والتماسك الوطني، الذى يمثل المحور الرابع لخطة عمل الحكومة، فقد ورد فى بيان رئيس الوزراء أمام البرلمان نصًا أن: «استقرار الدولة المصرية يعتمد على قدرة مؤسساتها على التكيف مع حركة التفاعلات فى المجتمع ومواجهة التحديات الداخلية والتهديدات الخارجة الرامية لاستغلال المجتمع أو فرض أوضاع غير مقبولة عليه».
٤- الآليات.. يتحقق ذلك من خلال تعزيز الثقة المتبادلة بين الشعب وحكومته، ما يستوجب المصارحة وشرح أبعاد القرارات والمشروعات القومية والتحديات والإجراءات المتخذة لصالح المواطنين للتغلب عليها.
وقد بدأت الحكومة فعليًا تنفيذ تعهداتها بهذا الشأن فى بيان رئيسها أمام البرلمان: «عقد مؤتمرات صحفية دورية لإطلاع المواطنين على كل المستجدات المتعلقة بتنفيذ البرامج والمشروعات الوطنية ما يعزز الثقة المتبادلة».
فعليًا وخلال الأسبوع الأول عقد رئيس الوزراء مؤتمرين صحفيين تلقى خلالهما أسئلة من الزملاء الصحفيين، تم بثها على الهواء مباشرة، وتخللهما حوار تلفزيونى أجراه معه الإعلامى القدير عمرو خليل لقناة إكسترا نيوز.
المؤتمر الصحفى الأول: عقده رئيس الوزراء فى اليوم التالى بعد حلف الحكومة اليمين الدستورية أمام الرئيس عبدالفتاح السيسي، شرح خلاله مدبولى فلسفة التشكيل الوزارى الجديد وما شهده من دمج لبعض الحقائب الوزارية، وما استحدث من مهام للوزراء، ورد على تساؤلات الإعلام المعبرة عن المواطنين.
المؤتمر الصحفى الثانى: عقب انتهاء الاجتماع الأول للحكومة أمس الأول الثلاثاء، لشرح أهم ما تناوله الاجتماع وتوجهات وخطط الحكومة الجديدة والرد على أسئلة الإعلام وما يشغل المواطنين.
وخلال ذلك عقد نائب رئيس الوزراء كامل الوزير، وزير النقل والصناعة مؤتمرًا صحفيًا مع محررى شئون النقل والصناعة، مقدمًا إجابات عن مختلف التساؤلات، متعهدًا بلقاءات دورية مع الصحفيين وأصحابهم فى جولات ميدانية لمطالعة ما يجرى تنفيذه على الأرض.
وعلى ذلك النهج سار الوزراء والمحافظون، تصريحات ترد على تساؤلات المواطنين وتبعث برسائل طمأنة، مع جولات ميدانية وزيارات مفاجئة للنزول على الأرض إلى الشارع والتفاعل الإيجابى مع الجماهير لتحفيز القيادات الوسيطة وما دونها على تعزيز جودة خدمات المواطنين.
٥- علاج ثغرات الخطاب الإعلامى للحكومة السابقة، فرغم الإنجازات كان التفاعل الإعلامى بطيئا، ما جعل خطابها رد فعل على ما تسببه الأزمات من سخط مجتمعى، وخلق بيئة حاضنة لمروجى الشائعات، ولعل التعاطى اللاحق مع أزمة تخفيف أحمال الكهرباء كان نموذجًا، أدى لخروج الحكومة لكي تعتذر وتشرح الأسباب والقرارات للحل.
ويعد ذلك توجيهًا رئاسيًا، للحكومة والمحافظين الذين اجتمع بهم الرئيس عبدالفتاح السيسى عقب حلفهم اليمين الدستورية، وكثيرًا ما أبدى الرئيس ملاحظات على التعاطى الإعلامى للوزراء، مطالبًا بالحديث والشرح للمواطنين: «قولوا للناس الحكاية».
ثانيًا: صفحة جديدة بين المواطنين والحكومة
تسعى الحكومة فى سياساتها إلى فتح صفحة جديدة مع الشعب، تنصت بإمعان إلى صوت المواطن، وتجتهد لتخفيف أعبائه وتحسين جودة حياته.
ويتحقق ذلك من خلال مرتكزات خطة عملها:
المرتكز الأول: مجابهة تحديات ثلاثية الأبعاد
١- مواصلة الإصلاحات المتحققة والمشروعات القومية المنطلقة من قاعدة مستهدفات استراتيجية التنمية الشاملة 2030، وتوصيات الحوار الوطنى الذى أسهم فى مشاركة القوى السياسية والمجتمعية فى رسم خريطة الأولويات الوطنية، والاستراتيجيات الوطنية، المستهدفة لتحقيق استدامة التنمية التى بدأتها الدولة منذ عشر سنوات.
٢- التحدى الثانى.. الحد من الآثار السلبية للحرب الروسية الأوكرانية، بتعظيم القدرة الاقتصادية ومرونة التعاطى مع الأزمات.
٣- تحدى الصراعات الإقليمية المحيطة بمختلف الاتجاهات الاستراتيجية المصرية.
وهنا تأتى مرتكزات المواجهة التى تعبر عن خطط تنفيذ تكليفات الرئيس للحكومة فى خطاب التكليف:
١- صون الأمن القومى الشامل:
ففى بيانه تطرق رئيس الوزراء لأبعاد الأمن القومي: دفاعيا.. من خلال تعزيز قدرات مصر العسكرية. وغذائيا.. من خلال تعزيز قدرات مصر الإنتاجية والتصديرية فى قطاع الزراعة وتنمية الاحتياطيات الاستراتيجية وخفض معدلات أسعار السلع بالسوق المحلى. وطاقة.. من خلال ضمان مخزون استراتيجى يلبى احتياجات المواطنين وقطاع الصناعة متعهدًا بالقضاء على أزمة انقطاع الكهرباء نهائيًا بتوفير الوقود اللازم لتشغيل دائم للمحطات.
الأمن القومى المائى.. عبر استراتيجيات حماية حصتنا من مياه النيل، ورفع كفاءة استخدامها من خلال الزراعة بالتنقيط لخفض الفقد، وتدوير مياه الرى لإعادة الاستخدام، واستنباط محاصيل أقل استهلاكًا للمياه وأكثر قدرة على تحمل التغيرات المناخية.
٢- سياسة مصر الخارجية:
المصالح المصرية العليا فوق كل اعتبار، والحفاظ عليها من خلال مواصلة سياسات التوازن الاستراتيجي، وبناء شراكات دولية تحقق المصالح المشتركة، مع دول الجوار العربى والإقليمى والمنظمات الدولية.
٣- بناء الإنسان
تتلخص تلك السياسة من واقع بيان الحكومة فى: مواصلة تطوير منظومة التعليم والخدمات الصحية، واستحداث جديد الجامعات التكنولوجية، والنزول للشارع لتحفيز الجيل الجديد على امتلاك قدرات تؤهله لإيجاد فرص عمل تعزز مورد الاقتصاد الرقمى.
وقد أوضح ذلك رئيس الوزراء عبر تعهده ببناء مدارس تكنولوجية وتعليم فنى بالتعاون مع القطاع الخاص (٦٠ مدرسة فنية و١٠٠ مدرسة يابانية، ومراكز تدريب تكنولوجى ونواد تنشأ للتدريب الرقمى والبرمجيات بالمحافظات).
٤- مواصلة تعزيز القدرات الاقتصادية
تعظيم موارد الدخل القومى من السياحة وقناة السويس والخدمات اللوجيستية والنقل وتعزيز قدرات الاقتصاد المصرى وخلق فرص عمل وخفض معدلات البطالة، والتشييد والبناء الذى يخلق فرص عمل واسعة.
٥- مواصلة الإصلاح السياسى والمشاركة المجتمعية من خلال تعزيز الحوار الوطنى والمشاركة والتواصل المجتمعى مع كل مكونات الشعب المصرى.
٦- مواصلة سياسات تحقيق العدالة الاجتماعية وحياة كريمة والانتقال من مشروعات القضاء على المناطق العشوائية الخطرة إلى الارتقاء بالمناطق غير المخططة.
وقد بعث رئيس الوزراء بثلاث رسائل طمأنة للمواطنين
أ- مصر قادرة وتملك من الثروات الطبيعية والبشرية والإمكانيات ما يجعلها قادرة على أن تكمل مسيرتها فى المستقبل بكل ثقة واطمئنان.
ب- كما يؤكد الرئيس عبدالفتاح السيسى دائمًا فإن كل الإنجازات التى تتم على هذه الأرض هى إنجازات الشعب المصري، وما الأفراد كبيرهم وصغيرهم إلا تروس فى الآلة المصرية الكبيرة آلة الشعب الذى صنع الحضارة ولا يزال يصنعها.
ج- التكاتف بين الشعب والحكومة والتماسك الاجتماعى والالتفاف حول هدف واحد هو الوسيلة المهمة لتحقيق النجاح.
تعهدات رئيس الحكومة
١- سوف تعمل الحكومة بكل قوتها على تنفيذ توصيات الرئيس وتستلهم من المراجعة المستمرة من مجلس النواب الذى يؤدى دوره الرقابى مسارات لتطوير الأعمال المختلفة.
٢- ستعمل الحكومة على متابعة مشكلات المواطنين والعمل على حلها ومواجهة أى تجاوز من جانب الجهاز الإدارى أثناء أداء خدمات المواطنين.
٣- تتعهد الحكومة برفع تقارير متابعة الأداء للبرلمان، لضمان الشفافية والمساءلة ولعل مثول ٤ من الوزراء أمس للبرلمان لمناقشة اللجنة المشكلة لدراسة برنامج عمل الحكومة بداية فعلية لجدية العمل الرقابى من البرلمان على الحكومة.
كل الأمنيات للحكومة الجديدة بالنجاح فى تحقيق ما يعزز القدرة الشاملة للوطن ويحقق الخير لشعب مصر العظيم.