الأربعاء 16 أكتوبر 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد

«الشهرة».. على خطى «برودواى» فى مهرجان العلمين

جانب من عرض الشهرة
جانب من عرض الشهرة

اعتاد المخرج خالد جلال الاعتماد على المجموع أن يكون العرض هو البطل فلم يعتمد على نجم بذاته ليضمن نجاح عروضه جماهيريا، بينما تمكنت أعماله بمجرد مجموعة من الموهوبين الشباب المتطلعين لتحقيق حلم «الشهرة» أو النجومية من جذب أعداد لا حصر لها من الجماهير حتى أصبح مركز الإبداع الفنى محط أنظار الجميع ومركزا يشع بالنجوم الساطعة، و«قهوة سادة» خير دليل لم يكن أعضاء فريق الدفعة الثانية من مركز الإبداع قد أصبحوا نجومًا بعد، بينما وضعهم هذا العمل على الطريق فأفرز العديد من الوجوه التى أصبحت اليوم ملء السمع والبصر على شاشات السينما والتليفزيون.



يتقن خالد جلال فن إدراة الموهبة، يمتلك عصا سحرية يشير بها على نقطة النور لدى كل عضو من أعضاء فريقه، من تلك النقطة وهذه الإشارة ينطلق صاحب الموهبة محققا حلمه فى الشهرة والفن، من هذا المعنى وعمق الخبرة والتجربة الغنية على مدار سنوات فى إخراج مجموعة ضخمة من الموهوبين للوسط الفنى كتب جلال عرضه المسرحى «الشهرة» الذى افتتح فعاليات مهرجان المسرح بمدينة العلمين، وكان اختيار العرض للافتتاح لفتة ذكية معبرة عن مضمون ما يطمح أصحابه فى تحقيقه، فهو العرض المسرحى الذى سبق عروض النجوم بمدينة العلمين.. وكأنه يمهد طريق الوصول إلى النجومية.

يتناول العرض قضية مجموعة من الشباب طلبة فى مدرسة لتأهيل الموهوبين لتنمية قدراتهم الفنية فى مجالات التمثيل والرقص والغناء والإلقاء، داخل هذه المدرسة أو الأكاديمية يعيش هؤلاء الشباب معًا عامًا كاملًا بعد اجتياز اختبارات القبول، فى هذا العمل يمتزج الواقع بالخيال يكسر خالد جلال الإيهام، ويتحدث إلى الجمهور يروى لهم أن ما يحدث على الخشبة الآن لم يكن مجرد خيال مؤلف، بينما واقع عاشه بين أبنائه، وشهد عليه بنفسه حتى خرج من عباءته هذا الجمع الغفير.

 

 

 

 

يتعرض طلبة الأكاديمية أو المدرسة إلى تحديات فى عشرتهم لبعضهم البعض أحيانا بالغيرة من مدح شخص دون الآخر أو السخرية من تمسك أحدهم بشكل محدد فى تقديم الكوميديا، تتنافر وتتصارع اختلافاتهم وميولهم، من هذا الخلاف وهذه الصراعات اليومية خرج علينا عرض الشهرة بمجموعة من الموهوبين فى مجالات متعددة الرقص والغناء والتمثيل والكوميديا.. يقدم العمل كوميديا غنائية استعراضية أقرب فى قالبها الفنى من عروض مسرح برودواي، خرجت الكوميديا من التناقض بين واقع هؤلاء الطلاب الحقيقى وما يتوقعه الأساتذة منهم، ففى كل مجال يفاجئ أحدهم المعلم بشيء لم يكن فى حسبانه سواء فى توقعه عن الغناء وقناعاته بلون محدد عنه أو فى توقعه واستيعابه للغة العربية الفصحى أو فى استيعاب الرقص وعدم القدرة على التكيف مع حركات بعينها، أو فى قناعات أحدهم عن فن التمثيل ومحدودية رؤيته للكوميديا، امتزجت كل هذه التناقضات معا حتى خرج العرض فى وحدة واحدة يرقص ويغنى ويمثل أعضائه على قلب رجل واحد فى بنيان مرصوص حتى تشك للحظة أن المخرج استعان بأبطال من الخارج، ساعتين من الزمن مرت مثل الحلم فى صحبة أعضاء فريق عرض «الشهرة» الذين يستحقون جميعا ما وضعهم فيه قائدهم.

 

 

 

 

 

 

يعتمد مسرح برودواى بالولايات المتحدة الأمريكية أهم وأشهر نموذج للمسرح السياحى والتجارى بالعالم على فنون الإبهار ومدى الإجادة والإتقان بالعمل الفنى لخروج هذا الإبهار فى أبهى صورة ممكنة، صورة يسحر بها صناع برودواى أعين الجماهير، تسافر جموع غفيرة من ولاية إلى ولاية أو من دولة إلى أخرى تقطع آلاف الأميال وتبذل كل الأموال لمجرد الفوز بتذكرة لحضور عرض من عروضها التى نجحت فى الاستمرار سنوات من العمر، يتعاقب على العمل الواحد أبطال متغيرون وكأنه سيرة إنسانية خالدة، فى عرض «الشهرة» سيزورك رحيق هذه الأعمال وأنت داخل مسرح العلمين، من شدة الاهتمام بجودة الصورة المسرحية العنصر الأول والأساسى فى تحقيق الإبهار بدءا من تصميم الاستعراضات الجماعية فى مشاهد العرض المتفرقة، وكذلك الرقصات الفردية فى استعراض مهارات الممثلين فى فنون الرقص صممت هذه المشاهد الاستعراضية الجماعية على اختلافها بحرفة وتنوع فى الأداء الحركى الجماعى والفردى خرجت تلك اللوحات فى انتظام ودقة وإتقان كبير، ثم الديكور الذى يتغير أمامك على شاشات ثابتة والإضاءة الإحتفالية فى أكثر من مشهد خاصة المشهد الأخير الأشد قوة وإبهارا وخطفا لأنظار الحاضرين ثم الملابس التى أسهمت فى صنع صورة نقلت المشاهد إلى عالم أشبه بعوالم «ألف ليلة وليلة»، وكأنك فى مدينة من السحر ارتدى الممثلون ملابس براقة فى توزيع متقن على خشبة المسرح بتدرج ألوانها الزاهية مشهد مبهر بصريا واستعراضيا صمم فى قالب أقرب لحفلة تنكرية، وعلى أنغام الموسيقى وأغنية «الشهرة» رقص هؤلاء المتنكرون فى مدينة الأحلام، لوحة فنية بديعة شديدة الروعة والإبهار تحمل كل ألوان الرقى والذوق الرفيع، وبالتالى تمكن خالد جلال من صنع هذا اللون من المسرح الأقرب لعروض القطاع الخاص أو المسرح التجارى بمجموعة من الشباب الطامحين فى الشهرة دون الحاجة لنجوم صف أول، يعتبر العمل نموذجا للإنتصار لجودة المنتج الفني، وكأنه يرسخ لمفهوم أن الأعمال الناجحة لا تحتاج إلى نجوم كبار بقدر حاجاتها لفكرة وموهبة ودرجة الإجادة فى إدارة هذه الموهبة، «الشهرة» عرض مكتمل الأركان يستحق الإعادة والبقاء على خشبة المسرح موسما كاملا.. تأليف وإخراج خالد جلال بطولة طلبة ورشة مركز الإبداع الفنى، تصميم أزياء نيفين رأفت، ديكور وإضاءة عمرو عبدالله، أشعار محمود المليجي، موسيقى وألحان أحمد طارق يحيي، تصميم الاستعراض خديجة العرقان.