الثلاثاء 3 ديسمبر 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد

خريف غاضب ينتظر باريس

فى خطوة قد تزيد من اشتعال الأزمة السياسية فى فرنسا، قرر الرئيس الفرنسى “إيمانويل ماكرون” تعيين “ميشيل بارنييه”، من حزب الجمهوريين والمفاوض السابق للاتحاد الأوروبى بشأن خروج بريطانيا منه والبالغ 73 عامًا، رئيسًا للوزراء، وبعد تردد نحو شهرين، إثر قراره المفاجئ فى يونيو الماضى بحل الجمعية الوطنية وإجراء انتخابات تشريعية، أسفرت عن برلمان معلق ومنقسم إلى 3 تكتلات.



كانت الجمعية الوطنية الفرنسية، التى هزها صعود حزب التجمع الوطنى اليمينى المتطرف بزعامة ماريان لوبان ومن ثم إجهاض المشروع السياسى الخاص بماكرون، تتجه نحو منطقة أشبه بالمستنقع بعد عقود عديدة من التحول بشكل مريح بين أحزاب يسار الوسط ويمين الوسط.

لكن تمخضت الجولة الثانية من الانتخابات عن مفاجئة فى تقدم اليسار وانقسم البرلمان الفرنسى بين ثلاث كتل : اليسار واليسار المتشدد، والوسط، واليمين الشعبوى.

يسعى بارنييه، المنتمى لتيار يمين الوسط، لتشكيل حكومة ائتلافية – معرضة لسحب الثقة - من محافظين وأعضاء فى حزب الرئيس الفرنسى “فرنسا معًا” تضطلع بمهمة شاقة لمحاولة دفع الإصلاحات، وإقرار موازنة البلاد لعام 2025، فى وقت تتعرض فيه فرنسا للضغوط من المفوضية الأوروبية وأسواق السندات لخفض عجز الموازنة.

ويتهم اليساريون، بقيادة حزب فرنسا الأبية، ماكرون بإنكار الديمقراطية وسرقة الانتخابات، بعد رفضه اختيار مرشح تحالف الجبهة الشعبية الجديدة، الذى فاز فى انتخابات يوليو 

وكشف استطلاع للرأى لمؤسسة “إيلاب” أن 74% من الفرنسيين يعتقدون أن ماكرون تجاهل نتائج الانتخابات، ويعتقد 55% أنه سرقها.

ونزل الآلاف إلى الشوارع فى أنحاء فرنسا احتجاجًا على قرار ماكرون متهمين إياه بسرقة الانتخابات التشريعية.

يرى الخبراء أن فرنسا تتجه نحو خريف غاضب، حيث يتوقع أن يدعو زعماء أحزاب تيار اليسار ونقابات واتحادات طلابية لتنظيم احتجاجات حاشدة وإضرابات مع بداية شهر أكتوبر المقبل ردًا على تعيين بارنييه وأكد حزب فرنسا الأبية أنه سينظم 130 احتجاجًا فى أنحاء البلاد.

وقدم حزب التجمع الوطنى موافقته الضمنية على بارنييه مشيرًا إلى وجود عدد من الشروط، لكى لا يدعم إجراء تصويت بحجب الثقة، وهو ما يجعل الحزب المسئول الفعلى عن تشكيل حكومة جديدة.وقال جوردان بارديلا رئيس الحزب “إنه رئيس وزراء تحت الملاحظة .. لا يستطيع أن يفعل شيئًا بدوننا”.

ما دعا الخبير الدستورى “بنيامين موريل” لوصف الوضع السياسى فى فرنسا بالفوضى التى فقد فيها ماكرون لمسته السحرية، ووفقًا لصحيفة الجارديان يعتبر الناخبون والساسة الفرنسيون أن سعى ماكرون للالتفاف على نتائج الانتخابات الرئيسية محاولة لتجنب اللوم على الفوضى التى أحدثها بنفسه ومواصلة العمل كالمعتاد.

الشواهد تؤكد أن تحدى قرار الناخب الفرنسى يجعل الأحداث فى فرنسا وموقف ماكرون أكثر عرضة للخطر من أى وقت مضى.

ولا يبدو أن بارنييه السياسى المخضرم سيقدم للفرنسيين حلًا واستقرارًا سياسيًا لماكرون الذى يرغب فى حفظ ماء الوجه حتى ينهى فترة رئاسته الثانية فى 2027 دون أن يضطر للاستقالة.

ويمكن للرئيس الفرنسى إنقاذ إصلاح نظام التقاعد لكنه وضع بقاءه السياسى بين يدى ماريان لوبان زعيمة حزب التجمع الوطنى اليمينى، التى تستطيع إظهار حنكتها السياسية بالامتناع عن التصويت للسماح بتمرير ميزانية صعبة فى 2025، ثم سحب البساط من تحت أقدام الحكومة عندما تكون الظروف مواتية لترشحها للرئاسة.