وداعا للتقديرات الجزافية وأهلا بالميكنة الإلكترونية
الإصلاح الضريبى.. بوابة جذب الإستثمارات
إسلام عبد الرسول
تغييرات جذرية تشهدها مصلحة الضرائب فى نظام عملها، فعلى مدار 7 سنوات، لم يعد للتقديرات الجزافية مكان، وغابت البيروقراطية لتحل محلها الرقمنة الإلكترونية.. إذ تحولت «الضرائب» من مصلحة «جباية» تثير حفيظة المستثمرين إلى مصلحة خدمية تبذل قصارى جهدها لتحقيق العدالة الضريبية، الأمر الذى يترتب عليه جذب الاستثمارات المحلية والأجنبية.
رقمنة المصلحة
سارت مصلحة الضرائب بخطى ثابتة لتنفيذ كل الأنظمة الإلكترونية مثل الإقرارات الالكترونية، والميكنة ومنظومة الأعمال الضريبية الجديدة، والفاتورة الإلكترونية، والإيصال الإلكترونى، ومنظومة الأجور والمرتبات.
وساعدت المنظومات الإلكترونية بالمصلحة فى حصر تعاملات الاقتصاد الموازى والوصول له بشكل أفضل مما سبق، وأصبحت البيانات الموجودة لدى المصلحة هى الإرث الحقيقى الذى سيساعد للوصول إلى الأهداف المرجوة.
حزمة تيسيرات
ووفقا لمصدر حكومى، تعمل حاليا وزارة المالية على صياغة حزمة تيسيرات ضريبية لجذب المزيد من الاستثمارات، وتقوم السلطة التشريعية على تبسيط التشريعات الضريبية التى تتسم بالوضوح واليقين والعدالة.
كما تسعى الدولة إلى إدخال مصادر الطاقة المتجددة والصديقة للبيئة من خلال إصدار تشريعات ضريبية تساعد على جذب رءوس الأموال الخارجية للعمل فى هذه القطاعات، ومنها الشركات التى تعمل فى توليد الطاقة من الهيدروجين الأخضر.
كذلك تعمل الدولة على دمج الاقتصاد غير الرسمى مع الاقتصاد الرسمى من خلال تنفيذ المنظومات الالكترونية مثل: الفاتورة الإلكترونية، والإيصال الإلكترونى وميكنة إجراءات العمل الضريبي، حيث تسعى المصلحة إلى أن تكون فى مصاف المصالح الإيرادية على مستوى العالم فى تبسيط وتسهيل الإجراءات الضريبية.
وقالت مصادر بمصلحة الضرائب: إن الحزمة تركز على فترة استقرار تشريعى كافية بدون تعديلات ما يسمح بتهيئة مناخ جاذب للاستثمار يسمح للمستثمرين من إعداد دراساتهم الخاصة بالاستثمار فى مصر، وذلك بالتوازى مع زيادة معدل النمو فى الإيرادات الضريبية باعتبارها واحدة من أهم الموارد المالية للخزانة العامة.
وشكلت الإيرادات الضريبية نسبة 77% من الإيرادات الضريبية للعام المالى الجارى.
تبسيط النظام الضريبى
تتضمن حزمة التيسيرات تبسيط الإقرارات الضريبية بشكل كبير وتقليص كمية البيانات المطلوبة مع إلغاء التقديرات الجزافية من خلال التعامل بأسس المحاسبة المبنية على الفواتير والإيصالات الإلكترونية وفقا لمصدر حكومي.
كان ذلك أحد أهم مطالب المجتمع الضريبى خاصة كبار ومتوسطى الممولين، حيث تطوير نظام الفحص المميكن ليشمل جميع الممولين باستخدام الذكاء الاصطناعى والتحول الرقمى.
نظام جديد للمخاطر
تستعد وزارة المالية لصياغة نظام جديد يقلل من تكلفة الالتزام الضريبى من خلال أسلوب المخاطر واختيار عينة بالذكاء الاصطناعى مع عدم تدخل عنصر بشرى لضمان الحياد.
مزايا وتيسيرات للملتزمين
قالت المصادر إن الممول الملتزم سيحصل على تيسيرات إجرائية ومزايا تعزز من أهمية الالتزام الضريبى فى عمليات الإقرارات والفحص، بحيث يكون لدينا ممول منخفض المخاطر وآخر عالى المخاطر.
ولفتت المصادر إلى أنه سيتم تفعيل تلك التيسيرات بعد إقرارها والإعلان عنها اعتبارا من العام المقبل بصورة تدريجية للوصول لمرحلة الملء التلقائى للإقرارات الضريبية بنسبة لا تقل عن 70%، ووقتها ستمتلك مصر نظاما مبسطا جدا للضرائب.
تيسيرات لتشجيع الاستثمار
ذكرت المصادر أن هناك الكثير من الحوافز والتيسيرات للمستثمرين منها الإعفاءات الممنوحة فى قانون الاستثمار الجديد واستراتيجية الهيدروجين الجديدة، ولكن سيكون لها انعكاس واضح فى جذب الاستثمارات، بينما على الصعيد الآخر يقلل من الإيرادات الضريبية يتم تعويضها بتوسعة قاعدة الخضوع الضريبى من خلال ضم عدد أكبر من الاقتصاد غير الرسمي.
الأفضلية للمنتج المحلى
وفقا للمصدر ستتركز الحزمة على منح دعم أكبر للصناعة الوطنية من خلال مزايا ضريبية تنعكس على زيادة الطلب على المنتج المحلي.
من جانبها أكدت رشا عبد العال، رئيس مصلحة الضرائب المصرية، حرص المصلحة على استمرار الشراكة مع القطاع الخاص باعتباره عامل نجاح والضلع الأساسى فى تطوير المنظومة الضريبية.
وقالت: إننا حريصون فى مصلحة الضرائب على ألا يتم اتخاذ أى تغيير فى الإجراءات أو التشريعات الضريبية بمعزل عن مجتمع الأعمال كما يسعدنا تلقى مقترحاته والاستماع إلى المشاكل وسبل حلها والمشاركة فى رفع كفاءة العمل الضريبى.
ولفتت إلى حرص المصلحة على التواصل المستمر والبناء مع أفراد المجتمع الضريبي، مشيرة إلى أن هذا التواصل هو إحدى وسائل نجاح الإدارة الضريبية.
اكتمال منظومة التحول الرقمى
واستعرضت رئيس مصلحة الضرائب، مراحل التطوير لمنظومة الضرائب الرقمية منذ البدء فيها عام 2018 وحتى الآن، موضحة أن منظومة تقديم الإقرارات الضريبية الإلكترونية كانت من أول مشروعات التطوير التى تمت حيث يستطيع الممول تقديم الإقرار الضريبى من أى مكان وفى أى وقت على مدار 24 ساعة خلال جميع أيام الأسبوع.
وأشارت إلى أن الهدف من رقمنة منظومة الضرائب هو تحقيق العدالة الضريبية،وزيادة الحصيلة وذلك بالتوسع الأفقى من خلال ضم الاقتصاد الموازى إلى المنظومة الرسمية، مضيفة أن مصلحة الضرائب تكثف جهودها من أجل تنفيذ توجيهات وزير المالية بضرورة الانتهاء من المنازعات الضريبية مما يعمل على دفع عجلة الاستثمار والتنمية الاقتصادية.
جذب الاستثمارات
أوضحت عبد العال أن السياسة الضريبية أحد أهم عوامل جذب الاستثمار فى مصر، لذلك عملت الحكومة خلال السنوات الماضية على تطوير المنظومة الضريبية، من خلال تنفيذ العديد من المشروعات والمبادرات التى تستهدف تبسيط الإجراءات لتحفيز بيئة الاستثمار.
ولفتت إلى أنه خلال تنفيذ خطط التطوير والميكنة، تبنت مصلحة الضرائب المصرية فكرًا جديدًا بتكثيف التواصل مع مجتمع الأعمال ودوائر الاستثمار، لتبادل الرؤى من أجل تحفيز بيئة الاستثمار، باعتبارهم شركاء رئيسيين فى نجاح تنفيذ مشروعات التطوير والميكنة.
جسور ثقة
أكدت عبد العال مد جسور من الثقة المتبادلة مع كل أطراف المجتمع الضريبي، مشيرة إلى حرص المصلحة على التعاون الكامل مع المجتمع الضريبى لتذليل أى عقبات أو تحديات تواجهه، وأن هناك تنسيقا دائما بين وزارة المالية ومصلحة الضرائب قبل تنفيذ وتطبيق السياسة الضريبية، مع حرص وزارة المالية على إصدار وثيقة السياسات الضريبية فى أقرب وقت بهدف طمأنة المستثمرين بشأن السياسات الضريبية.
مواجهة الاقتصاد الموازى
تستهدف المنظومة الإلكترونية خاصة الفاتورة الإلكترونية حصر تعاملات الممولين بكل دقة والحد من الفواتير الوهمية، فالإيصال الالكترونى امتداد طبيعى لمنظومة الفاتورة الإلكترونية لتغطية جميع أنواع وأشكال التعاملات الإلكترونية من الأطراف كل فيما يخص التعامل مع المستهلك النهائى.
وأوضحت «رئيس مصلحة الضرائب المصرية» أن من أهم إجراءات الانضمام بالنسبة لكل من منظومة الفاتورة الالكترونية والإيصال الالكترونى هى التسجيل بالمنظومة وتختلف إجراءات التسجيل باختلاف الشكل القانوني.
كما أكدت رشا عبد العال على تنفيذ توجيهات وزير المالية بالتيسير على المستثمرين، من خلال تسهيل الإجراءات وإزالة كل المعوقات والتحديات الضريبية التى تواجههم، وذلك تماشيا مع سياسة الدولة فى تشجيع الاستثمار.
وأوضحت عبد العال أنه سيتم الإعلان قريبا عن حزمة من الإصلاحات الضريبية لحل المشكلات التى تواجه المجتمع الضريبى، كما سيتم الإعلان أيضا عن وثيقة السياسات الضريبية والتى تتسم بالتأكيد على ثبات السياسة الضريبية فى الفترة القادمة، موضحة أنه سيتم طرحها للحوار المجتمعى قبل اعتمادها.
وأكدت رئيس مصلحة الضرائب أن حديث الساعة الآن هو كيف نجذب الاستثمارات إلى مصر خلال الفترة القادمة، ومن أهم ما يهتم به المستثمر هو التعرف على التشريعات الضريبية والإعفاءات التى يتم منحها داخل الدولة المراد الاستثمار فيها.
وأشارت إلى أن وزارة المالية ومصلحة الضرائب المصرية تنتهج حاليا منهجا علميا حديثا عند وضع أى تشريع ضريبي، وذلك من خلال النظر إلى ضرورة أن يكون التشريع جاذبا للاستثمار وعدم النظر فقط إلى الحصيلة الضريبية، وذلك لأن المستثمر ينظر إلى التشريع الضريبى والإجراءات وبساطتها.
وقالت رشا عبدالعال: ماضون فى مسار توسيع القاعدة الضريبية عبر الاستغلال الأمثل للنظم الإلكترونية فى حصر المجتمع الضريبى بشكل أكثر دقة، وتحقيق العدالة الضريبية، وقد نجحنا بالفعل فى دمج جزء من الاقتصاد غير الرسمى، موضحًة أن مصلحة الضرائب المصرية حريصة على الحفاظ على المستثمر، وأن أسعار الضرائب فى مصر ليست مبالغ فيها ولكن تعتبر فى المتوسط الطبيعى كسعر ضريبة. وأشارت إلى أن من أهم الإنجازات هو تطوير مصلحة الضرائب المصرية تطويرا شاملا وميكنتها على أحدث نظم الميكنة العالمية، وأن تطوير وميكنة المصلحة ليس بالأمر الهين، حيث إن إجراءات العمل التى تحتاج إلى حوكمة سواء داخليا (داخل المصلحة) أو خارجيا (التعامل مع الممولين) من خلال منظومة ميكنة إجراءات العمل الضريبي، تحتاج إلى وقت حتى يتم نشرها على جميع المأموريات على مستوى الجمهورية.
وأكدت أن المستثمر ليس دافعا للضريبة فقط ولكنه يقوم بقيادة قاطرة الاستثمار فى مصر، قائلة: أنتم شركاء نجاح المصلحة، ونحن كمصلحة ضرائب مصلحة خدمية هدفها التيسير والتسهيل على المستثمرين حتى يتفرغوا للاستثمار وممارسة أنشطتهم.
وتابعت: هناك تنسيق دائم بين وزارة المالية ومصلحة الضرائب قبل تنفيذ وتطبيق السياسة الضريبية، مع حرص وزارة المالية على إصدار وثيقة السياسات الضريبية فى أقرب وقت بهدف طمأنة المستثمرين بشأن السياسات الضريبية بأنه لن تكون هناك أية تغييرات محتملة ولن يكون هناك مساس بالحوافز والمزايا الضريبية المقررة وفقاً للقوانين الأخرى.
من جانبه أكد الدكتور محرم هلال رئيس مجلس إدارة اتحاد المستثمرين، أن هذه المرحلة تحتاج منا إلى تضافر الجهود وأن نتعاون ونساعد بعضنا البعض حتى نستطيع أن نقف على أقدامنا وندعم المستثمرين بمصر، مطالبا بالمزيد من الإيجابية والمشاركة الفعالة، فى المرحلة المقبلة، وتضافر الجهود والعمل بروح الفريق الواحد.
حصاد التطوير
ساهمت الميكنة فى زيادة حصيلة مصلحة الضرائب المصرية والتى بلغت 1.483 تريليون جنيه خلال الفترة من يوليو 2023 حتى يونيو 2024، وذلك فى مقابل 1.139 تريليون جنيه عن الفترة المماثلة بمعدل نمو 30% ، وبزيادة قدرها 343 مليار جنيه، وذلك بنسبة تنفيذ قدرها 106% من الربط البالغ 1.401 تريليون جنيه بزيادة قدرها 81 مليار جنيه. وزادت معدلات النمو التى حققتها مصلحة الضرائب المصرية حيث بلغت 30%، كما سجلت معدلات نمو الضرائب على الدخل 36%، وبالنسبة لضرائب القيمة المضافة بلغت 23%.
وأوضحت رئيس المصلحة أنه قد بلغت معدلات نمو بنود ضرائب الدخل كالآتي: الضرائب على قناة السويس 4%، وضرائب أذون وسندات الخزانة 46%، وضرائب النشاط التجارى والصناعى 71%، والضرائب على المهن غير التجارية 52%، وضرائب الدمغة 33%، والضرائب على شركات الأموال 36%، والضرائب على المرتبات المحلية 33%.
كما بلغت معدلات نمو ضرائب القيمة المضافة كالتالى : الخدمات المقدمة فى الفنادق والمطاعم السياحية 30%، والضرائب على البضائع المستوردة 36%، والضرائب على السلع المحلية 32%، والنفط 17 %، التبغ 2%.