الخميس 21 نوفمبر 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد

القاهرة توسع تعاونها مع دول القرن الإفريقى

المنظمة العالمية لخريجى الأزهر
المنظمة العالمية لخريجى الأزهر

تسعى الدولة المصرية، لتعزيز وتوسيع تعاونها وشراكتها مع دول منطقة القرن الإفريقى، فى مواجهة التوترات والتقلبات التى تشهدها المنطقة، من خلال توسيع وتنويع مجالات التعاون فى علاقاتها الثنائية وعلى الصعيد الإقليمى مع دول المنطقة، بما يعود بالنفع ويحقق المصالح المشتركة لجميع الأطراف.



وتستهدف التحركات المصرية، لدعم قدرات دول القرن الإفريقى، فى مواجهة التحديات الأمنية وبينها خطر الإرهاب، وخصوصًا فى الصومال، بالإضافة لحماية مصالحها الاستراتجية بالمنطقة، لارتباطها الوثيق بالأمن القومى المصرى، ومصالح استراتيجية فى منطقة البحر الأحمر، لارتباطها الوثيق بحركة الملاحة فى قناة السويس.

من هذا المنطلق، وسّعت مصر من مجالات تعاونها مع الصومال، بتقديم برامج تدريبية للكوادر الصومالية فى مجالات مختلفة، لدعم قدرات المؤسسات الصومالية، فى مواجهة التحديات الأمنية المختلفة، إلى جانب التنسيق المصرى، مع دول المنطقة مثل إريتريا وكينيا.

وتشهد العلاقات المصرية الصومالية تطورًا فى الفترة الحالية، واستقبل الرئيس المصرى، نظيره الصومالى، مؤخرًا بالقاهرة، (للمرة الثانية هذا العام)، وأكد خلال المباحثات «موقف مصر الداعم لوحدة وسيادة الصومال على أراضيه، والرافض لأى تدخل فى شئونه الداخلية»، وشهد الرئيسان عقب انتهاء مباحثاتهما، التوقيع على «بروتوكول التعاون العسكرى بين البلدين».

مقديشيو

فى إطار الدعم المصرى للصومال لمواجهة الإرهاب والتطرف، عقدت المنظمة العالمية لخريجى الأزهر، دورة تدريبية، حول «تفكيك الفكر المتطرف»، لأئمة وعلماء الصومال، بالتعاون مع أكاديمية الأزهر العالمية للتدريب.

وأقامت المنظمة حفل تخريج للعلماء الصوماليين، بعد انتهاء فترة التدريب، ورحب دكتور عبدالدايم نصير، أمين عام المنظمة العالمية لخريجى الأزهر، بالمشاركين فى البرنامج التدريبى من الصومال، وقال: «إن الإسلام الحقيقى بعيد كل البعد عن التشدد والعنف والتطرف الفكرى»، وأكد ضرورة «التوعية بحب الأوطان والعمل على نهضته ونشر السلام فى ربوعه»، مشيرًا إلى أن «هذا لا يتأتى إلا بتضافر جهودكم كأئمة ودعاة».

من جانبه قال دكتور محمد حسين المحرصاوى، رئيس أكاديمية الأزهر العالمية للتدريب: «إن الأكاديمية تحرص دائمًا، على وضع البرامج التدريبية لأئمة العالم الإسلامى، وعلى مناقشة أهم القضايا الموجودة على الساحة، التى تدور حول تفكيك الفكر المتطرف، وتفنيد الشبهات التى وجهت إلى شريعة الإسلام، والشريعة منها براء»، وأشار إلى أن «الأزهر يعتبر كل المتدربين، أبناءً له، وسفراء للعلم ولمنهج الأزهر فى بلاده، ويعملون على توضيح الإشكاليات الفكرية وبيان الفكر الصحيح».

من جانبه أكد السفير الصومالى بالقاهرة، السفير على عبدى أوارى، حرص الصومال على تعزيز التعاون مع الأزهر الشريف، ووجه الشكر لشيخ الأزهر الدكتور أحمد الطيب، على دعم الصومال من خلال توفير عدد من المنح والدورات التدريبية للطلاب الصوماليين، وكذلك الأئمة والعلماء، وأعرب عن تطلع بلاده لمزيد من التعاون فى الفترة المقبلة.

وأشاد السفير الصومالى، بجهود الأزهر فى الدفاع عن الإسلام الوسطى، ومواجهة الفكر المتطرف والإرهاب.

تأهيل الشرطة الصومالية

فى إطار الدعم المصرى للصومال، أعلنت الحكومة الصومالية، عن إرسال وفد شرطى من ضباط ومفتشى الشرطة الصومالية، للتدريب فى القاهرة، فى برنامج يستهدف تطوير مهاراتهم الشرطية.

وطالب قائد الشرطة الصومالية أسد عثمان عبد الله، الوفد الشرطى المشارك فى التدريب، إلى ضرورة تحقيق الاستفادة القصوى من الدورات التدريبية.

يتزامن ذلك مع الجهود المصرية لدعم الأمن والسلام فى الصومال، حيث وقعت مصر والصومال فى شهر أغسطس الماضى، بروتوكول تعاون عسكرى، أرسلت بموجبه القاهرة شحنتى أسلحة لدعم مقديشيو، كما أعلنت القاهرة، عزمها إرسال قوات عسكرية بداية العام المقبل كجزء من قوات حفظ السلام التابعة للاتحاد الإفريقى.

واتخذت مصر موقفًا رافضًا للتحركات الإثيوبية فى الداخل الصومالى، وأعلنت دعمها للحكومة الصومالية فى مواجهة أى تحركات أجنبية داخل أراضيها، وعدّت الاتفاق الذى وقعته إثيوبيا مع إقليم (أرض الصومال) الانفصالى «مخالفًا للقانون الدولى، واعتداء على السيادة الصومالية».

وسعت الدولة المصرية، لتعزيز تعاونها مع دول القرن الإفريقى، من خلال آلية للتعاون الثلاثى مع الصومال وإريتريا، وشارك الرئيس عبد الفتاح السيسى، فى قمة ثلاثية، مع نظيريه الإريترى إسياس أفورقى، والصومالى حسن شيخ محمود، فى العاصمة الإريترية أسمرة، فى بداية شهر أكتوبر، حيث أكدت دعم الشراكة بين الدول الثلاث، قائمة على أساس التعاون الاستراتيجى بين الدول الثلاث، بهدف مواجهة المخاطر والتحديات الآنية والمستقبلية، التى تهدد الأمنى القومى لكل منها، وصاغت فى سبيل هذا الهدف، مجموعة من المبادئ التى تضمن مجابهة التحديات المختلفة، وتعزيز التعاون المشترك.

وبعد القمة الثلاثية، أصدرت الحكومة الصومالية، بيانًا أكدت فيه، ترحيبها، بعرض مصر نشر قوات حفظ سلام فى إطار قوة لتحقيق الاستقرار عندما يتم حل قوة الاتحاد الإفريقى الحالية فى ديسمبر المقبل.

إدارة الموارد المائية

وفى مجال المياه، وعلى هامش فعاليات أسبوع القاهرة للمياه، وأسبوع المياه الإفريقى، الذى استضافته القاهرة فى منتصف شهر أكتوبر، ناقش وزير الرى الدكتور هانى سويلم، مع نظيره الصومالى، إبراهيم محمد على، إجراءات  إعداد مذكرة تفاهم فى مجال إدارة الموارد المائية والتدريب وبناء القدرات بين مصر والصومال، والتى ستركز على جوانب متعددة تشمل تقديم الدعم الفنى فى مجالات تحسين عملية إدارة المياه، والدعم الفنى فى مجال الإنذار المبكر فى حالة الجفاف والفيضان من خلال التنبؤ بكميات وأماكن سقوط الأمطار من خلال نماذج التنبؤ الرقمية بالطقس، ومشروعات حصاد مياه الأمطار وإجراء الدراسات الهيدرولوجية وأعمال الرفع المساحى للأودية، والتدريب وبناء القدرات فى مجالات إدارة الموارد المائية.

 

وزير الخارجية مع الرئيس الأوغندى
وزير الخارجية مع الرئيس الأوغندى

 

وتوجه الدكتور سويلم بالدعوة لدولة الصومال لترشيح عدد من المتخصصين فى مجال المياه للمشاركة فى الدورات التدريبية التى يقدمها مركز التدريب الإفريقى للمياه والتكيف المناخى والذى تم إنشاؤه تحت مظلة مبادرة «أوير».

تنسيق أمنى مع كينيا

فى نفس الوقت وفى إطار تعزيز الشراكة مع دول القرن الإفريقى، التقى السفير وائل نصر الدين عطية، سفير مصر فى نيروبى، مع روزاليندا طايا، وزيرة الدفاع الكينية، حيث تباحثا حول فرص تعزيز التعاون بين البلدين، والموضوعات ذات الاهتمام المشترك فى منطقة القرن الإفريقى.

واستعرض السفير أوجه التعاون بين البلدين، خاصة فى مجالات التدريب ورفع القدرات البشرية، كما أبرز الجهود المصرية لدعم استقرار الصومال وتعزيز قدراتها على التصدى للإرهاب، مبرزًا كفاءة ومهنية القوات المصرية المشاركة فى عمليات حفظ السلام الدولية والإقليمية على مدار عقود طويلة، وما تحظى به من سمعة وتقدير عاليين. 

وقد أشادت الوزيرة الكينية بالتعاون القائم بين البلدين، معربة عن التطلع لأن يتم بحث التوسع فيه خلال اجتماع اللجنة العسكرية المشتركة السادسة القادمة لتعظيم الاستفادة من الخبرات المصرية، وأعربت عن تقدير بلادها لأى مساهمة مصرية من شأنها دعم الأمن والاستقرار فى منطقة القرن الإفريقى، وأكدت استمرار عمل كينيا مع جميع الشركاء الدوليين والاتحاد الإفريقى من أجل سرعة حسم الجوانب الإجرائية والتمويلية للبعثة الإفريقية الجديدة فى الصومال التى ستحل محل البعثة القائمة لمنع حدوث فجوة أمنية.

تبادل الخبرات

على هامش أسبوع القاهرة للمياه، اتفق وزير الرى المصرى، مع نظيره الكينى، إيريك موريسى موجا، على خطة للتعاون بين البلدين من خلال مذكرة تفاهم تشتمل على العديد من الموضوعات الخاصة بالمياه.

وأكد سويلم أهمية تبادل الخبرات بين الجانبين، مشيرًا لاستعداد مصر لتقديم الدعم للجانب الكينى فى مجال التدريب وبناء القدرات من خلال الدورات التدريبية المقدمة للمعنيين بقطاع المياه .

وبدأ التعاون المصرى مع كينيا، فى عام 1993، حينما بدأت مصر بتقديم، الدعم الفنى لكينيا فى مجال المياه الجوفية من خلال مذكرة التفاهم التى تم توقيعها بين البلدين لحفر 180 بئرًا جوفية، كما تم توقيع مذكرة تفاهم فى عام 2016، لتنفيذ مشروع لتطوير وإدارة الموارد المائية، تشتمل على أنشطة مختلفة لزيادة الاستخدام الأمثل للموارد المائية وبناء القدرات فى عدة مجالات منها (حفر آبار جوفية- إنشاء سدود لحصاد مياه الأمطار- التدريب وبناء القدرات فى مجالات متعددة من إدارة الموارد المائية- تطبيق نظم الرى الحديثة فى مجال الزراعة).

 

عناصر الشرطة الصومالية المشاركة في دورة تدريبية بالقاهرة - (
عناصر الشرطة الصومالية المشاركة في دورة تدريبية بالقاهرة - (

 

 

مشروعات استثمارية مع أوغندا

أحدث التحركات المصرية، كانت زيارة وزير الخارجية الدكتور بدر عبد العاطى، إلى أوغندا، الخميس الماضى، حيث التقى خلالها مع كبار المسئولين فى أوغندا، وعلى رأسهم الرئيس الأوغندى، يورى موسيفينى، ووزير الخارجية الأوغندى، وعدد من الوزراء ورجال الأعمال الأوغنديين.

زيارة وزير الخارجية، كانت فرصة للتأكيد على ثوابت الموقف المصرى، فى تعزيز علاقاتها الثنائية مع دول حوض النيل، حيث أكد الوزير، خلال لقائه مع الرئيس الأوغندى، اهتمام مصر بتعزيز العلاقات الثنائية فى المجالين الاقتصادى والتنموى، وأشار الوزير عبد العاطى إلى آلية الاستثمار الجديدة للمشروعات فى دول حوض النيل الشقيقة التى أعلنت عنها مصر مؤخرًا لتمويل مشروعات البنية التحتية ومنها المشروعات المائية بدول حوض النيل الجنوبى، منوهًا إلى حرص مصر على التشاور مع الجانب الأوغندى بشأن قائمة المشروعات الأوغندية الجارى إعدادها لدراسة سبل إتاحة التمويل لتنفيذها، وكذا استشراف فرص التعاون الثلاثى مع وكالات وشركاء التنمية الآخرين.

وفيما يتعلق بالقضايا الإقليمية، والتطورات الأخيرة فى منطقتى الشرق الأوسط، والقرن الإفريقى، خصوصًا الأوضاع فى السودان والصومال، أكد وزير الخارجية رغبة مصر فى تعزيز التكامل الإقليمى والتعاون بين دول حوض النيل الشقيقة بما يعزز من روابط الأخوّة ودعم التنمية بين الأشقاء الأفارقة والابتعاد عن الإجراءات الأحادية المخالفة لقواعد القانون الدولى.

تنوع مجالات التعاون

قال السفير أحمد حجاج، الأمين العام المساعد الأسبق لمنظمة الوحدة الإفريقية: إن اتفاقيات التعاون المصرية مع الدول الإفريقية، تأتى باعتبارها «جزءًا من منظومة وبرامج العلاقات المصرية مع إفريقيا، والتى تشمل مجالات مختلفة كالدبلوماسية والعسكرية والصحة والتعليم والتدريب»، مشيرًا إلى  أن «الدول الإفريقية تستهدف الاستفادة من الخبرات المصرية فى مختلف المجالات».

وقال حجاج: إن مصر تمتلك أفضل خبرات إفريقية فى مجالات مختلفة، مثل المياه والزراعة، مشيرًا إلى نجاح مصر فى تنفيذ برامج الرى الحديث، وإقامة مشروعات ضخمة لتحلية المياه ومعالجة مياه الصرف، فى مواجهة تحدى الندرة المائية».

وحول الدعم المصرى للصومال، قال حجاج: إن تنوع الدعم المصرى للصومال يستهدف «دعم الدول الاتحادية بالصومال، فى ظل الدعوات الانفصالية الداخلية»، مشيرًا إلى أن «القاهرة تقدم مساعدات عسكرية، ومنحًا دراسية مجانية، وبرامج تدريبية للكوادر الصومالية، لتعزيز قدراتها، ودعم وحدتها الكاملة».

وأوضح، أن المساعدات الطبية والغذائية المقدمة من مصر للصومال تأتى «تلبية لمطالب الحكومة الصومالية، ومشاركة من القاهرة فى توفير المتطلبات السياسية والعسكرية والتعليمية والغذائية، التى يحتاجها الشعب الصومالى»، مشيرًا إلى أن «الدعم المصرى ليس بجديد، حيث سبق وأن ساعدت القاهرة الصومال بعد الاستقلال ببعثات تعليمية وعسكرية»، وقال: إن «الدعم الحالى يستند إلى ميثاق التعاون العربى والإفريقى المشترك، كون الصومال عضوًا بالجامعة العربية والاتحاد الإفريقى».