الجمعة 3 يناير 2025
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد

سوريا بين الحرب الأهلية والصراعات الدولية

شنت الفصائل السورية المسلحة هجوما مباغتا، تمكنت فيه من اجتياح مدينة حلب والسيطرة الفعلية على أجزاء واسعة منها، وكامل محافظة إدلب، ما آثار مخاوف دولية من إعادة انتشار الفصائل الإرهابية، و أبدى خبراء لـ«جريدة روزاليوسف»، مخاوفهم من تصاعد حدة الأحداث فى سوريا وتفاقم الحرب الأهلية، وتمدد الجماعات الإرهابية، مؤكدين أن سوريا بحاجة إلى حل سياسى عاجل يرضى جميع الفصائل السورية. 



ويرى الدكتور عبدالمنعم سعيد، المفكر السياسي، وعضو مجلس الشيوخ، أن الأحداث المشتعلة فى سوريا الآن، هى استكمال لسلسلة ما سمى بثورات الربيع العربى التى اندلعت فى عدد من البلدان العربية، مشيرًا إلى أن معظم هذه الأحداث أطاحت بالقيادات والأنظمة القائمة، ماعدا سوريا الدولة الوحيدة التى خاضت حربًا كبيرة وممتدة، ما أدخل البلاد فى حرب أهلية كبيرة وهذه هى البذرة التى صنعت الأحداث التى نحن بصددها الآن، مشيرًا إلى أن الأحداث اختلطت بأمور أخرى لا تقل أهمية عن الربيع العربي، فبالعودة لثمانينيات القرن الماضي، كان الإخوان المسلمون فى حماة واقتربوا من السيطرة عليها، وقتها تدخل الرئيس السورى حافظ الأسد آنذاك وقتل 30 ألف شخص فى معركة واحدة، لذا فإن جماعة الإخوان لها ثأر مع النظام السوري.

أوضح “سعيد”، أن عباءة الإخوان المسلمين خرج منها الأشخاص الذين انضموا للقاعدة، ومنهم من أسس “داعش” التى استمرت وسط الحرب الأهلية السورية لمدة 3 سنوات، وكانت فى حالة حرب مع النظام وحرب فى العراق والقوات الأمريكية، وخاضت سلسلة حروب مضافة للحرب الأهلية السورية التى وصل عدد ضحاياها إلى نحو 600 ألف قتيل، فضلًا عن أضعاف هذا العدد من الجرحى، ودمار مدن كثيرة، كما تسببت فى نزوح كم هائل من النازحين واللاجئين وصل عددهم إلى 14 مليونًا.

وأشار عضو مجلس الشيوخ، إلى أن الأحداث الجارية فى سوريا تتعلق أيضًا بحرب غزة والمنطقة التى شهدت تداعيات إقليمية تجاه إيران والقوات التابعة لها فى سوريا والعراق، مع ضعف حزب الله فى سوريا وانسحابه إلى لبنان بسبب الحرب الجارية مع إسرائيل، كما أن الحرس الثورى الإيرانى حدث له نوع من الضعف بسبب قيام إسرائيل بهجمات جوية على قواعده والممرات التى تأتى إليه بالسلاح من خلال العراق وإيران، بالإضافة إلى تورط روسيا فى الحرب الأوكرانية.

وأكد “سعيد”، أن سوريا حاليًا إيذاء حرب ضخمة وتصعيد كبير، متوقعًا أن يحتدم الصراع خلال الفترة المقبلة وتشتد الحرب الأهلية السورية، خاصة أن روسيا منشغلة بحربها مع أوكرانيا وإمداد بشار الأسد بالسلاح، وضعف الاقتصاد، فضلًا عن عدم وجود مشروع سياسي، وبالتالى فسوريا فى طريقها إلى مزيد من التصعيد.

وأوضح العميد خالد عكاشة، رئيس المركز المصرى للفكر والدراسات الاستراتيجية، أن أسباب التصعيد فى سوريا، تتمثل فى أن الدولة السورية طوال السنوات الماضية لم تجد حلًا سياسيًا للأزمة التى بدأت منذ عام 2011، مشيرًا إلى أنه كان يجب إيجاد حلول تتوافق عليها كل الأطراف. 

وأوضح “عكاشة” لـ”جريدة روزاليوسف”، أن هدوء الأوضاع وخفوت الأزمة فى الفترة الماضية لا يعنى أنه تم حلها، وبمجرد اشتعال الحرب فى غزة ولبنان انتقلت الأمور المتوترة إلى المحيط الإقليمى بسرعة، لافتًا إلى أن مصر حذرت من هذا الأمر مبكرًا، وبذلت جهدًا كبيرًا وطالبت بضرورة وقف الحرب فى غزة بشكل سريع، وقالت بشكل واضح إن هذا الصراع يضر الاستقرار فى المحيط كاملًا، ولن يبقى فى قطاع غزة فقط، وهذا ما أثبتته الأحداث.

وأشار، إلى أن الأزمة السورية تحتاج لقدر كبير جدًا من التعقل، لافتًا إلى ضرورة مسارعة الأطراف السورية والأحزاب ومكونات الشعب السورى فى وضع حل سياسى مستقر، يلبى رغبات ومتطلبات كل الطوائف الموجودة فى الداخل السوري، لتكوين مسار سياسى يساهم فى تقييد عملية الاضطرابات، وتصبح لغة السياسة والحوار هى اللغة التى يتواصلون بها للاستقرار. 

ولفت “عكاشة” إلى أن سوريا تحتاج إلى إرادة سياسية ومساندة المحيط الإقليمى والمجتمع الدولى وقرارات أممية، تدعم الاستقرار بشكل كبير، مشيرًا إلى أن الدعم كاف وجاهز والرئيس السورى قدم نفسه أكثر من مرة لكنه يحتاج للإرادة السورية والسياسيين السوريين، خاصة أن الدول العربية صالحت النظام السورى واسترد مقعده منذ عامين فى جامعة الدول العربية، لكن الدور اليوم على النظام والشعب السوري. 

فيما قال بهاء محمود، الباحث فى مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية، إن تصاعد الأحداث فى سوريا فى هذا الوقت يتم التحضير له منذ عدة شهور من “جبهة النصرة” و”تحرير الشام”، بالتنسيق مع إسرائيل، على أن تحبط “تل أبيب” كل عناصر إيران وحزب الله بالطائرات، وبالتالى تستطيع جبهة تحرير الشام الدخول والاختراق سريعًا، مشيرًا إلى أن انقطاع الإمدادات الإيرانية عن الحكومة السورية وحزب الله، فضلًا عن رسم مخطط جديد لتقسيم المنطقة قبل وصول الرئيس الجديد دونالد ترامب، حتى يتولى السلطة على الوضع الموجود حاليًا.

وأوضح “محمود” لـ”روزاليوسف”، أنه حتى هذه اللحظة إدارة “بايدن” هى المتحكمة فى البلاد، وبالتالى فإن الجميع يريد استغلال مرونتها قبل وصول “ترامب” للسلطة، لذلك فإن إسرائيل تغولت فى تحجيم أعدائها ممثلين فى إيران وحماس فى فلسطين وحزب الله فى لبنان، وبالتالى فإن التنسيق مع هذه الجماعات كان من مصلحة إسرائيل، والآن بدأت فى سوريا، ولم يعد أمامها سوى الحشد الشعبى فى العراق وملف الحوثيين فى اليمن، حتى تضيق على إيران المساحة. 

ولفت الباحث فى مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية، إلى أن إسرائيل تحاول تأمين منافذها وهناك وعود لجبهة النصرة بأن تأخذ أكبر قدر من سوريا، ويعود الوضع كما كان قبل 2016، وهذه المنطقة هى حلب وإدلب الغنية بالثروات، ولذلك فإنه ليس من مصلحة إيران وروسيا وحزب الله التخلى عن سوريا لأن الحرب فى الأساس ضدهم.