السبت 1 مارس 2025
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد

تطور الجريمة.. قديما وحديثا

استشارى نفسى: الإدمان والاضطرابات النفسية سبب «الجرائم البشعة»

لم يقتصر التطور على الوسائل التكنولوجية فقط، بل طال أيضًا الحيل الشيطانية، والتفنن فى ممارسة الإجرام، والأفعال المنافية لكل العقائد الدينية، والتفنن فى تنفيذ الجرائم بما لا يخطر على قلب، ولا عقل بشر.. وبعد رصد عدد من الجرائم، خاصة الجرائم الأسرية، والقتل بين الأزواج، والتعدى على الأطفال حتى الموت.. «روزاليوسف» تناقش الملف الأخطر، كيف تطورت آليات ودوافع القاتل، وكيفية تنفيذ تلك الجرائم بدم بارد، واستخدام الحيل الماكرة، لإسقاط الضحايا. 



تارة ينهى زوج حياة زوجته بسبب الخلافات بمحافظة بنى سويف، بطعنها بسلاح أبيض فى رقبتها، وذلك أثناء نزولها من منزلها للذهاب إلى عملها بإحدى المصالح الحكومية، وفى مشهد مروع كذلك آثار صدمة سكان منطقة حدائق القبة فى القاهرة، أقدم شاب على طعن زوجته علنًا فى أحد شوارع المنطقة باستخدام سلاح أبيض، بسبب خلافات زوجية أيضًا دفعت الزوجة إلى الهروب من منزل الزوجية، لتواجه بعدها مصيرًا مأساويًا على يد زوجها، وتارة أخرى أب يعنف نجله ذا الـ14 عامًا فى محافظة المنوفية، حتى الموت بسبب سوء سلوك الولد.

وعلى رأس هذه القضايا، تأتى جرائم “الديب ويب”، التى مرست من أجل تصوير مشاهد قتل سادية، بهدف رفعها على مواقع “الغرف الحمراء” لإشباع غرائز المرضى النفسيين، ومدمنى هذه البشاعة، مقابل عائد مادى فلكى، دون رحمة.

«خبراء البحوث الاجتماعية والجنائية»

من جانبها، قالت الدكتورة هند نجيب، أستاذ القانون الجنائى المساعد بالمركز القومى للبحوث الاجتماعية والجنائية: “إن جرائم القتل موجودة منذ بدء الخليقة، لكن الاختلاف هو انتشار الجرائم بسبب إتاحة وسائل المعرفة مع جميع الأفراد”.

وأوضحت “أستاذ القانون الجنائى”، أنه فى مطلع القرن الماضى كان يصعب انتشار الجرائم إلا فى أبشع القضايا، وذلك لقلة وجود الوسائل التى تساعد على نشر الجريمة، كما حدث فى قضية ريا وسكينة، أما الآن فالسوشيال ميديا ساعدت بشكل أكبر على سرعة انتشار الجريمة، مثل حادثة نيرة أشرف المعروفة إعلاميًا بفتاة جامعة المنصورة، الأمر الذى جعل المواطنين يظنون أن الجريمة انتشرت واختلفت عن السنوات الماضية.

وأضافت “نجيب”: “أن الظاهرة الإجرامية لم تزيد وفقًا للدراسات، كل ما هنالك وجود وسائل تنقل أخبار الجرائم للمجتمع، فتعطى إيحاء بالزيادة فى العديد من الجرائم”، مشيرة إلى أنه لا يوجد اختلاف فى أنواع الجرائم ولا يوجد دوافع فى جرائم القتل قديمًا وحديثًا”، متابعًا: “أن أنواع الجرائم التى يثيرها الرأى العام من الممكن أن تكون فى أسرة واحدة، أو بين الأصدقاء، الأب يقتل أبنه، والأبن يقتل أخته أو صديقه، يوجد درجة عنف زيادة”.

وأكدت الاستاذ بالمركز القومى للبحوث الاجتماعية، أن السوشيال ميديا لها تأثير كبير من عدة جوانب، وانتشارها أدت لانعزال أفراد الأسرة بعضها عن بعض، لا يوجد تواصل بين أفراد الأسرة، الشباب انعزلت عن الأسرة وبدأت توحد مع الأجهزة الإلكترونية وسائل التواصل اجتماعى وأخذ منها الأفكار والعادات الغريبة.

وواصلت “نجيب”: “لا يتم نقل الجريمة بموضوعية على السوشيال ميديا بل تعطى حرية مطلقة لكل فرد بالتعبير عن رأيه، فيقوم غير المختصين بالتحليل، وهذا يؤدى إلى تعاطف البعض مع الجانى”، منوهة بأن تدخل الناس فى كل شيء قلل الإحساس بالمسئولية وبخطورة الجرائم، وهذا الأمر ‏أدى إلى استهانة بارتكاب الجرائم.

وشددت أن التكنولوجيا “سلاح ذو حدين”، فبرغم تأثيرها الإيجابى على المواطنين، إلا أنها لديها تأثيرات كثيرة خطيرة ساهمت فى هذه الحالة، من التأثيرات السلبية للسوشيال الميديا، أنها تتيح كل شيء فى أى وقت، الأمر الذى أدى إلى انتشار الخيانة والفساد الأخلاقى.

«علم الاجتماع»

وأوضح الدكتور أحمد المهدى، أستاذ علم الاجتماع، أن هناك فرقا كبيرا بين القاتل قديمًا وحديثًا من حيث الطرق والأساليب والدوافع، فالقاتل قديمًا غالبًا ما يكون مدفوعًا بالغضب أو الانتقام أو من أجل الحصول على المال، بينما حديثًا فالرغبة فى الشهرة أو إثبات النفس أو تحقيق رغبات نفسية معقدة، قد تكون هى السبب، كما أنه قديمًا كان يستخدم الطرق والأدوات البدائية مثل السكين أو الهراوة.

وأضاف “المهدى”: “بينما القاتل الحديث يعتمد على الأساليب الحديثة مثل الأسلحة النارية أو المواد الكيميائية، القاتل الحديث يستخدم التقنيات الحديثة مثل الإنترنت والهواتف المحمولة والكاميرات لتحديد أهدافه وتخطيط الجريمة، ويستهدف القاتل قديمًا كالأشخاص الذين يعرفهم أو يتعامل معهم بشكل مباشر، أما حديثًا فقد يستهدف الأشخاص الذين لا يعرفهم أو يتعامل معهم بشكل غير مباشر”، لافتًا إلى أن القاتل الحديث يقوم بتخطيط دقيق للجريمة، بينما القاتل قديمًا قد يقوم بالجريمة بشكل عفوى، أو قد يكون ليس لديه نية مبيتة للقتل، ولكن تشاجر مع شخص ما وتطور الأمر إلى القتل.

«الطب النفسى»

فيما حلل الدكتور معتز توفيق، استشارى الطب النفسى، شخصية القاتل الحديث، موضحًا أنه قد يكون مصابًا باضطرابات نفسية معقدة مثل الاضطراب النفسى أو الاضطراب الشخصى، أو أنه من مدمنى المواد المخدرة التى تهيئ له أشياء غير حقيقية يقوم على أثرها بالتعدى على شخص حتى الموت.

وعن القاتل قديمًا، قال: “قد يكون مصابًا باضطرابات نفسية بسيطة مثل الغضب أو الحقد، وقد تدفعه الغيرة، أو الرغبة فى الحصول على شىء يمتلكه شخص آخر إلى القيام بقتله”.

«الشرع والدين»

وأوضح الدكتور حامد محمد جاب الله، مدرس الفقه المقارن بجامعة الأزهر، أن القتل بغير حق محرم شرعًا بنصوص القرآن والسنة، قال تعالى:”وَمَن يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُتَعَمِّدًا فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِدًا فِيهَا وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَابًا عَظِيمًا”، وورد فى السنة النبوية أن القتل من الكبائر الموجبة للعذاب الشديد “لا يزال العبد فى فسحة من دينه ما لم يصب دمًا حرامًا”.

وأضاف جاب الله: “أن الشرع يحمل الإنسان مسئولية ضبط نفسه عن الغضب والاعتداء، ودور الدولة يكون بنشر الوعى الدينى، بتثقيف المجتمع بخطورة القتل وآثاره الدينية والدنيوية، معالجة المشكلات الاجتماعية والاقتصادية التى قد تؤدى للعنف”، مشددًا على أن الشرع يأمر بالتعامل مع الغضب وضبط النفس، التزام الهدوء عند الغضب، الابتعاد عن المخدرات والمعاصى التى تؤدى لفقدان السيطرة.