الثلاثاء 1 أبريل 2025
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
روزاليوسف وفجر يوم جديد!

روزاليوسف وفجر يوم جديد!

المؤرخ والمخرج السينمائى الكبير «أحمد كامل مرسى» أو «أ.ك.م» كما اشتهر فى الوسط الفنى السينمائى شارك فى تحرير جريدة روزاليوسف اليومية التى صدر عددها الأول فى مارس1935، وله فيها وعنها حكايات لا تنتهى روى بعضها فى مقاله «ذكريات عن صاحبة الذكريات» فى مناسبة احتفال روزاليوسف بعيدها الفضى «75 سنة».



فى هذه الذكريات يقول الأستاذ أحمد كامل مرسى: إن دار روزاليوسف فى تلك الأيام كانت تحتل تلك البناية القديمة المتهالكة بشارع الساحة، وكان لهذه البناية ثلاث حجرات كبيرة تطل على الطريق العام وكان توزيعها على النحو التالى: الحجرة المتوسطة للسيدة صاحبة الدار - المجلة والجريدة - نهارًا وللأستاذ الكبير عباس محمود العقاد ليلًا، وانفرد الدكتور محمود عزمى رئيس تحرير الجريدة اليومية بالحجرة الثانية أما الحجرة الثالثة فقد ضمت أربعة وهم الأستاذ زكى طليمات كمشرف فنى على تنظيم وتبويب الجريدة ثم الأستاذ توفيق صليب كسكرتير للتحرير ثم الزميل العزيز وصديق العمر يوسف حلمى الذى اختطفه الموت وهو فى شباب الرجولة بعد كفاح مرير مع المرض، فقد ترك حسرة فى نفوس عارفيه، وكل من اتصل به من قريب أو بعيد، وأخيرًا كاتب هذه السطور، وكان مسئولًا عن الصفحة الفنية بعنوان «سينما وأنوار المدينة» وهى صفحة تظهر بانتظام كل يوم فى حجم الجريدة اليومية، وهى تضم كل ما له علاقة بالسينما خاصة والفنون الأخرى عامة سواء كانت محلية أو عالمية.

وفى هذه الحجرة الأثيرة إلى نفسى وخيالى عشت السنوات الحلوة البارزة من عمرى، كنت أخالط الزملاء من الأساتذة والأصدقاء والرباط الوثيق بيننا هو كل الحب والاحترام والود الصافى، وفى هذه الفترة التصقت بصاحبة الذكريات والأستاذ «العقاد» التصاقًا مكيتًا، فقد تبادلنا حبًا بحب وإعزازًا بإعزاز.

كنا كخلية نحل دءوبة - وأعنى جماعة المقربين من صاحبة المشروع الجديد والمتحمسين لتحقيق حلمهم الكبير، كنا نتحرك هنا وهناك مسرعين نهبط ونصعد السلم على عجل، نروح ونجيء والأمل يحدونا والفرحة تغمرنا وظهر العدد الأول من الجريدة اليومية «روزاليوسف» بتاريخ 25 مارس 1935 وكان فتحًا جديدًا غزا الصحافة اليومية غزوًا مبيعًا، وأعجب به القراء فى كل مكان إعجابًا شديدًا.

وكانت العادة التى نتبعها فى معظم الليالى أننا نجتمع ونذهب بقيادة صاحبة هذا الحدث الجديد حاملين الصفحات 16 صفحة يوميًا وقد اكتمل جمعها وتصحيحها وتوضيبها وتم وضعها فى الإطارات الحديدية المحكمة وينتقل بها من دار روزاليوسف إلى دار جريدة «البلاغ» حيث توجد المطابع الضخمة الكبيرة فى الساعات الأخيرة من الليل لإجراء عمليات الطبع الأخيرة، وتطبيقها وإعدادها للتوزيع، ولا نترك دار البلاغ إلا فى الهزيع الأخير من الليل بعد إجراء عملية الطبع وصدور الأعداد الأولى من الجريدة ويحمل كل منا نسخته ونتجول فى الطرقات العامة لنشهد توزيع الجريدة وإقبال الناس على شرائها فى الساعات الأولى من النهار.

وفى صحوة الفجر ليوم جديد، كنا ندلف إلى بعض المطاعم الشعبية أحيانًا لنتناول طعام الإفطار ثم تحيىّ صاحبة الجريدة ويذهب كل منا إلى بيته ليستريح قليلًا، ويعد نفسه لمعاودة نشاطه مرة أخرى والقيام بواجبه فى إعداد العدد الجديد من الجريدة، فالعمل الصحفى بعامة عمل مرهق وشاق رغم كل ما يبدو فيه من بريق وأمجاد.

ولا أظن أننى عرفت سيدة فى مثل جلدها وقوة احتمالها وشدة إصرارها فقد كانت تعمل ليلًا ونهارًا ولا تصيب من الراحة إلا وقتًا قصيرًا تنامه وهى تحلم بما ينتظرها فى الغد من مهام ومسئوليات وأعمال جديدة، ومع تفاوت السن بيننا وبينها لم يكن أحدنا ليستطيع أن يجاريها فى نشاطها الجم وحركتها الدائبة ويقظتها الواعية وفطنتها المدبرة.

وللذكريات بقية!