الإثنين 7 أبريل 2025
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد

دماء الشهداء تطفئ فرحة العيد فى غزة

يوم الوداع والجنازات

بعدما كان الفلسطينيون ينتظرون العيد بالتكبيرات، والكعك، والملابس الجديدة، يستقبلونه الآن، وخاصة أهالى غزة، وسط رائحة الموت والفقد والدمار التى تخرج من كل أرجاء القطاع المنكوب، فلم يعد هناك مكان للفرحة وسط استمرار تلك الحرب الضارية وجثث الشهداء المتراكمة فى كل مكان، حيث يعانون من إبادة منذ السابع من أكتوبر 2023.



هذا العام ودَّع الغزاويون شهر رمضان ولسان حالهم يقول: “عيدٌ بأيِّ حالٍ عُدتَ يا عيد”، حيث تمتزج الدعوات والأمنيات بانقشاع الأزمة بالقلق والترقب لما سيحدث تاليًا.

واستقبل الفلسطينيون عيد الفطر وسط تمسك إسرائيلى بمواصلة الحرب، رغم كل مقترحات الهدنة وجهود الوسطاء لوقف إطلاق النار.

ومع شروق شمس أول أيام العيد، خرج آلاف المواطنين يصطحبون أطفالهم ونسائهم لأداء صلاة العيد، التى أُقيمت فى خيام أو فوق أنقاض مساجد ومنازل مدمرة. وافترش العديد منهم الأرض، وهم يرددون تكبيرات الصلاة. وأثناء الصلاة، سُمعت أصوات العديد من الانفجارات إثر قصف مدفعى إسرائيلى، بينما سُمع هدير الطائرات المسيَّرة التى تملأ أجواء القطاع.

وغابت أجواء الاحتفال بالعيد التى اعتادها الغزاويون، فلا حدائق، ولا ألعاب للأطفال، مع مواصلة إسرائيل قصفها الجوى والمدفعى وعملياتها العسكرية.

وهو ما أسفر عن استشهاد ثمانية فلسطينيين فى غارة جوية إسرائيلية استهدفت خيمة ومنزلًا فى جنوب القطاع فجر الأحد، وفق الناطق باسم الدفاع المدنى محمود بصل.

واستبق الجيش الإسرائيلى الأجواء الاحتفالية بالعيد بإصدار أوامر بإخلاء مناطق فى جنوب قطاع غزة تمهيدًا لمهاجمتها.

وقال المتحدث باسم الجيش الإسرائيلى أفيخاى أدرعي: إن الجيش يطالب السكان الموجودين فى مناطق عبسان، والقرارة، وخربة خزاعة (قرب خان يونس) بإخلائها لأن قواته ستشن غارات عليها.

وأضاف أن «المنظمات الإرهابية أطلقت قذائف صاروخية من بين المدنيين... من أجل سلامتكم، عليكم الانتقال بشكل فورى غربًا نحو مراكز الإيواء فى منطقة المواصى».

وكان الجيش الإسرائيلى قد أعلن الجمعة الماضية عن بدء تنفيذ عملية برية فى منطقة رفح “لتوسيع المنطقة الأمنية جنوب غزة”.

385  مصابًا وشهيدًا

وفى إحصاء رسمى، قال إسماعيل الثوابتة، رئيس المكتب الإعلامى الحكومى بقطاع غزة، إن حصيلة الشهداء والمصابين منذ انهيار هدنة غزة قبل نحو أسبوعين بلغت 1001 شهيد و2359 مصابًا.

وأضاف «الثوابتة» أن حصيلة القصف الإسرائيلى بالمجمل تجاوزت 50 ألف قتيل منذ السابع من أكتوبر 2023.

ولفت إلى أنه وصل إلى مستشفيات قطاع غزة 80 شهيدًا و305 مصابين خلال وقفة العيد وأول أيامه، منهم 53 قتيلًا و189 مصابًا.

وأشار إلى أنه «ما زال عدد من الضحايا تحت الركام وفى الطرقات، لا تستطيع طواقم الإسعاف والدفاع المدنى الوصول إليهم».

ويعيش نحو 1.7 مليون نازح ظروفًا قاسية، يعتمدون على المساعدات فى ظل شُحِّ الطعام والماء، حيث تحذر المنظمات الإغاثية الدولية من شبح مجاعة يخيم على القطاع. ويُقدِّر الجهاز المركزى للإحصاء الفلسطينى عدد الأطفال الذين يعيشون بدون والديهم أو أحدهما فى قطاع غزة بما يزيد على 43 ألف طفل.

بينما تشير تقديرات اليونيسف إلى أن ما لا يقل عن 17 ألف طفل فى قطاع غزة غير مصحوبين أو منفصلين عن ذويهم أو فقدوا والديهم أو أحدهما منذ اندلاع الحرب فى السابع من أكتوبر.

وكانت إسرائيل قد أنهت وقف إطلاق النار مع حماس يوم 18 مارس المنصرم، عندما شنت موجة مفاجئة من الغارات الجوية، التى قتلت مئات الفلسطينيين فى مختلف أنحاء القطاع.

خلاف المقترحات

وفى تعليقه، يقول د. أيمن الرقب، أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس، إن نتنياهو يرد باستمرار من خلال مسلسل سفك الدماء والتباهى بمزيد من الشهداء والعمل على تصفية القضية الفلسطينية.

وأضاف أن المقترح الإسرائيلى، الذى ينص على هدنة فى غزة مقابل إعادة حوالى نصف الرهائن المتبقين، يترك الباب مفتوحًا أمام التوصل إلى اتفاق نهائى لإنهاء الحرب بين إسرائيل وحماس.

وتنص المقترحات على عودة نصف الرهائن الـ24 الذين يُعتقد أنهم ما زالوا على قيد الحياة فى غزة، وحوالى نصف الـ35 الذين يُعتقد أنهم فى عداد الأموات، خلال هدنة تستمر ما بين 40 و50 يومًا.

وكشفت تقارير إعلامية أن هناك خلافين أساسيين بين إسرائيل وحركة حماس بشأن مقترح هدنة لوقف الحرب الدامية فى قطاع غزة.

وتابع «الرقب»: على الرغم من موافقة حماس على هذا المقترح، إلا أن نتنياهو يريد الاستمرارية فى مسلسل الدم، وحسب صحيفة «يديعوت أحرونوت»، فإن الخلاف الأول يكمن فى أن إسرائيل تصر على أن أى اتفاق الآن يجب أن يركز فقط على وقف مؤقت لإطلاق النار مقابل إطلاق سراح الرهائن، فى المقابل، تسعى حماس، وفقًا للصحيفة، إلى إجراء مفاوضات لإنهاء الحرب بشكل كامل.

أما الخلاف الثانى، وهو إجرائى، فيتعلق بعدد الرهائن المفترض الإفراج عنهم، حيث أبدت حماس استعدادها لإطلاق سراح خمسة محتجزين، من بينهم الأمريكى الإسرائيلى عيدان ألكسندر، أما إسرائيل فتقول إن أى اتفاق يجب أن يشمل إطلاق سراح 10 رهائن أحياء على الأقل، وذلك مقابل وقف الحرب لمدة 50 يومًا.

يوم الوداع والجنازات

وفى معايشة لما يحدث على الأرض، تقول ربة العائلة نهلة أبو مطر، التى تقيم فى خيمة بخان يونس، إن عيد الفطر فى غزة «يومٌ للوداع والجنازات» على وقع القصف الإسرائيلى المستمر. وتضيف أبو مطر «28 عامًا» لوكالة فرانس برس: «العيد كان دائمًا بالنسبة إلينا يوم فرح، اشتقتُ إلى رائحة حلويات الكعك والمعمول التى كانت تملأ المكان. لقد حلَّت محلها رائحة الموت والبارود».