الأحد 11 مايو 2025
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد

حصاد سنوات العمل

اصلاحات جذرية فى قلب الصناعة المصرية

انطلقت احتفالات مصر بعيد العمال هذا العام، من أرض السويس الباسلة، المدينة التى كانت دومًا حصنًا للوطن وقلبًا نابضًا بالإرادة والصمود، فى مشهد مهيب شهد حضور الرئيس عبدالفتاح السيسى، رئيس الجمهورية، إذ اجتمع رمز القيادة مع رموز العطاء، ليؤكد أن العمل والإنتاج هما السبيل لمستقبل آمن واقتصاد قوى، ولم تكن هذه المناسبة مجرد احتفاء سنوى بالعمال، بل تحولت إلى منصة وطنية كاشفة لحصاد سنوات من العمل الجاد والإصلاحات الجذرية فى قلب الصناعة المصرية، ليستعرض خلالها الفريق مهندس كامل الوزير، نائب رئيس مجلس الوزراء للتنمية الصناعية ووزير الصناعة والنقل، ما تحقق من إنجازات منذ 3 يوليو 2024 حتى الآن.



 

فى كلمة وطنية جامعة، حملت تقديرًا وامتنانًا لكل من جعل من العمل شرفًا، ومن الإنتاج عقيدة، رسم الوزير ملامح التحول الصناعى الذى تشهده مصر، موضحًا كيف أصبحت التنمية الصناعية ركيزة رئيسية لرؤية الدولة الاقتصادية، ومفتاحًا لتحقيق الاكتفاء الذاتى وزيادة الصادرات وخلق فرص العمل، مؤكدًا أن الصناعة لم تعد قطاعًا تقليديًا، بل باتت عنوانًا لمصر الحديثة التى تنطلق بخطى واثقة نحو 2030، إذ تستهدف الدولة إنشاء 100 ألف مصنع وتوفير ما يقرب من 8 ملايين فرصة عمل.

واستعرض الوزير أمام رئيس الجمهورية الخطة العاجلة للصناعة، التى تضمنت تيسيرات واسعة للمستثمرين، ودعمًا فنيًا وتمويليًا للمصانع، إلى جانب إطلاق منصة رقمية موحدة تسهل الإجراءات، وتختصر المسافات بين المستثمر والدولة، كما سلط الضوء على المبادرات الـ 5 الكبرى لدعم القطاعات الصناعية المختلفة، التى تجاوز تمويلها 340 مليار جنيه، لتعزيز الإنتاج، وإنعاش المصانع المتعثرة، وتوسيع نطاق المشروعات الصغيرة والمتوسطة.

ولم تغب الإنجازات على الأرض عن المشهد، إذ تم إنشاء 4382 مصنعًا جديدًا، وتخصيص آلاف الأراضى الصناعية، وتدشين مشروعات استراتيجية كبرى أبرزها مصنع السويس للصلب، الذى افتتحه الرئيس خلال الاحتفال، وتترجم هذه الجهود فى أرقام واضحة، منها ارتفاع الإنتاج الصناعى إلى 76 مليار دولار فى 2024، واستهداف الوصول إلى 170 مليار دولار بحلول 2030.

وفى هذا المشهد المتكامل، تبرز الصناعة المصرية كقوة صاعدة، تشق طريقها بثبات نحو العالمية، مدعومة بإرادة سياسية راسخة، وجهود عمال آمنوا بأن العرق اليوم هو وقود المستقبل، وأن طريق التنمية لا يعبد إلا بسواعد المصريين.

من جانبه، أكد الدكتور سعيد توفيق، الأستاذ فى التمويل والاستثمار بجامعة عين شمس، أنه مع وجود استراتيجية واضحة وسياسات تنفيذية تساعد على تحقيق ما نصبو إليه بشرط وجود رقابة حازمة للتأكد من سير العمل والإجراءات العملية فى التطبيق، إضافة إلى إقرار الخطة العاجلة للصناعة المصرية، بتصديق من رئيس الجمهورية كخطوة تنفيذية مباشرة فى إطار رؤية مصر الصناعية 2030، الأمر الذى يسهم فى تسريع وتيرة الإنجاز، وتسهيل جذب الاستثمارات، وتعزيز تنافسية المنتج المصرى محليًا ودوليًا.

وتابع: شملت هذه الخطة تبسيط إجراءات الترخيص الصناعى، وتقديم حزم تمويلية ميسرة، إلى جانب حوافز ضريبية وجمركية لدعم المصنعين، وتعزيز الشراكات مع القطاع الخاص، وتوطين التكنولوجيا، وتعزيز الابتكار والبحث العلمى، ورفع كفاءة وتأهيل العنصر البشرى لتوفير عناصر قادرة على الإنتاج، إلى جانب إطلاق منصة «مصر الصناعية الرقمية»، التى تتيح للمستثمرين خدمات تخصيص الأراضى، وإصدار التراخيص، والسجلات الصناعية، والدفع الإلكترونى، بما يسهل الإجراءات ويوفر الوقت والجهد.

وقال الدكتور أشرف غراب، الخبير الاقتصادى، نائب رئيس الاتحاد العربى للتنمية الاجتماعية بمنظومة العمل العربى بجامعة الدول العربية لشئون التنمية الاقتصادية: إن تخصيص الحكومة 78.1 مليار جنيه بمشروع الموازنة للعام المالى الجديد 2025/2026، للمبادرات والبرامج الأكثر استهدافًا للأنشطة الإنتاجية والتصديرية والصناعات ذات الأولوية، وذلك لدعم القطاع السياحى والأنشطة الصناعية ذات الأولوية والمشروعات الصغيرة والمتوسطة ومتناهية الصغر، يؤكد اهتمام الدولة بدعم وتمويل القطاعات الاقتصادية سريعة النمو، ويظهر أثرها سريعًا على الاقتصاد الوطنى لما لها من أهمية كبيرة، إضافة إلى أن هذه المبادرة تحفز المستثمرين على ضخ مزيد من الاستثمارات فى شرايين الاقتصاد الوطني.

أوضح غراب، أن تخصيص 5 مليارات جنيه للأنشطة الصناعية ذات الأولوية، يسهم فى تعزيز معدل النمو الاقتصادى فى القطاعات الإنتاجية من أجل زيادة معدل التشغيل وتوفير الكثير من فرص العمل وخفض معدل البطالة، موضحًا أن توفير التمويلات لدعم القطاعات الصناعية والإنتاجية يصب فى صالح تعميق المنتج المحلى وتعظيم الصناعة الوطنية لمساعدة المنتجين على توفير التمويل اللازم بفائدة مخفضة من أجل توفير مستلزمات الإنتاج والمواد الخام والآلات والمعدات اللازمة للتطوير وزيادة الإنتاج، ما يخفف من الأعباء المالية على المنتجين فى ظل الظروف الاقتصادية الراهنة، وهذا يشجع الصناعة المحلية والمستثمرين المحليين على زيادة إنتاجهم وخفض تكلفة الإنتاج والتوسع فى مشروعاتهم القائمة، ما يسهم فى زيادة مساهمة القطاع الصناعى فى الناتج المحلى الإجمالى، إضافة إلى تعزيز تنافسية المنتجات المصرية فى الأسواق العالمية، ونمو حجم الصادرات المصرية سنويًا، وزيادة موارد مصر من النقد الأجنبى.

وتابع الخبير الاقتصادي: تقديم المحفزات الاستثمارية للأنشطة الصناعية والإنتاجية والتصديرية يعمل على دوران عجلة التنمية ويعزز من نمو الناتج المحلى الإجمالى بشكل مستمر ومستدام، كما أن لها دور كبير فى خفض معدلات التضخم بشكل مستدام، موضحًا أنه تسهم فى تمكين القطاع الخاص وزيادة نسبة مشاركته فى الاقتصاد الوطنى وضخ مزيد من استثماراته، وتشجيعه على العمل والتنافس والتوسع فى المشروعات وزيادة الخطوط الإنتاجية ما يسهم فى زيادة الإنتاج وتقليل الواردات ما يخفض الضغط على العملة الدولارية.

وكان قد أوضح الفريق مهندس كامل الوزير أنه تم تنفيذ مجموعة من المبادرات التى تهدف إلى إعادة هيكلة ودعم المصانع أولها مبادرة دعم القطاعات الإنتاجية لتمويل رأس المال العامل الخاصة من خلال تقديم قروض بإجمالى 120 مليار جنيه بفائدة 15٪ فقط، وكانت المبادرة الثانية هى مبادرة دعم القطاعات الصناعية ذات الأولوية لتمويل خطوط الإنتاج وشراء الآلات والمعدات من خلال تقديم قروض دعم للشركات بإجمالى 30 مليار جنيه بفائدة 15٪ أيضًا، والمبادرة الثالثة هى مبادرة إنشاء صندوق تمويل المصانع المتعثرة وزيادة الصادرات بالتنسيق مع البنك المركزى المصرى لإنشاء صناديق عبر الجهاز المصرفى لإعادة هيكلة المصانع المتعثرة ودعم الصناعات المستهدفة للتصدير، والمبادرة الرابعة هى مبادرة دعم المشروعات الصناعية الصغيرة والمتوسطة من خلال تقديم تمويل للمشروعات الصغيرة والمتوسطة بنسبة فائدة 5٪ سنويًا.

والمبادرة الخامسة هى مبادرة دعم الصادرات وتحفيز المصدرين بهدف تشجيع وتحفيز المصدرين بمبالغ تبلغ قيمتها 190 مليار جنيه حتى يونيو ٢٠٢٤، واعتماد 23 مليار جنيه جديدة اعتبارًا من ١ يوليو ٢٠٢٤، ويجرى حاليًا سدادها أولًا بأول خلال مدة لا تتجاوز ٩٠ يومًا من تاريخ تقديم المستندات المستوفاة، لافتًا إلى أنه فى إطار دعم تلك الأهداف الصناعية، تتكامل جهود تطوير قطاع النقل والخدمات اللوجستية مع الأهداف الصناعية للدولة، من خلال التوسع فى شبكات الطرق والسكك الحديدية، وتطوير الموانئ، وتحسين منظومة الشحن والتفريغ، الأمر الذى يسهم فى تسهيل نقل المواد الخام والمنتجات، ويعزز القدرة التنافسية للمنتج المصرى فى الأسواق المحلية والعالمية، بما يدعم مسيرة التنمية.

وفى إطار تنفيذ الخطة العاجلة للنهوض بالصناعة، تم منذ يوم ٣ يوليو ٢٠٢٤ إنشاء ٤٣٨٢ مصنعًا بنسبة نمو ٦.٤٪، حيث وفرت هذه المصانع 230 ألف فرصة عمل مباشرة ومستهدف الوصول إلى ١٠٠ ألف مصنع بحلول ٢٠٣٠، وتخصيص ٢٠٧٠ قطعة أرض صناعية عبر منصة مصر الصناعية الرقمية، وإصدار ١٤٩٣ رخصة بناء و٤٣٨٢ رخصة تشغيل جديدة، إلى جانب إصدار ٦٧١٣ سجلًا صناعيًا للصناعات المتخصصة للتصدير، ما يعكس حيوية القطاع ونشاطه، وتشكيل وتنظيم لجان للتفتيش مجمعة برئاسة الهيئة العامة للتنمية الصناعية وتتضمن جميع الجهات المختصة، وقامت حتى الآن بزيارة ومعاينة ٤٨٦٦ مصنعًا فى ٢٥ محافظة؛ لتقديم الدعم لهذه المصانع دون أن يسفر ذلك عن غلق أى مصنع، ناهيك عن أنه فى إطار الاهتمام بالمدن الصناعية المتخصصة على غرار مدينة الجلود بالروبيكى، تم تخصيص وتشغيل وتمليك ٣٠٨ مدابغ و40 مصنعًا للغراء، وبهذا يكون قد تم تسكين كل قاطنى منطقة مجرى العيون، وتم طرح وتخصيص 91 مصنعًا للصناعات الجلدية وجار تسليم عقودها.

أيضًا، تم استعراض الحوافز التى تقدمها الدولة للمستثمرين، التى تشمل الحوافز الواردة بقانون الاستثمار رقم 72 لسنة 2017، وكذا الحوافز الواردة بقرار رئيس مجلس الوزراء رقم 77 لسنة 2023، لتشجيع الاستثمار المعتمد على النقد الأجنبى المحول من الخارج، إلى جانب حوافز قانون تفضيل المنتج المحلى الصادرة بالقانون رقم 5 لسنة 2015، بالإضافة إلى برنامج حوافز إنتاج السيارات الذى تم إطلاقه فى إطار الاستراتيجية الوطنية للنهوض بصناعة السيارات المصرية، وتسهم الحوافز الاستثمارية التى تقدمها الدولة بشكل كبير فى تعزيز القدرة التنافسية للصناعة المصرية، ما ينعكس إيجابًا على زيادة الصادرات غير البترولية التى بلغت نحو 42 مليار دولار منها صادرات صناعية بنحو 34 مليار دولار فى 2024، ونستهدف زيادتها إلى 145 مليار دولار منها صادرات صناعية بنحو 118 مليار دولار بحلول عام 2030، ما يعكس التزام الدولة بتعزيز القدرة التنافسية وتحقيق النمو المستدام لقطاعنا الصناعى على المستوى العالمى.

وتعد العمالة عماد الصناعة وروحها، حيث يعمل حاليًا فى المصانع المصرية نحو 3.5 مليون عامل وعاملة بنسبة 7.5% من العمالة المصرية مستهدف زيادتها إلى ما يقرب من نحو 8 ملايين فرصة عمل بحلول عام 2030 لتصل إلى نسبة 20% من العمالة المصرية، كما يبلغ الإنتاج الصناعى الحالى نحو 76 مليار دولار عن عام 2024، ويستهدف القطاع الوصول إلى ما يقرب من 170 مليار دولار بحلول عام 2030، بمعدل نمو سنوى يقدر بنحو 10%، ويقدر إسهام الصناعة فى الناتج المحلى حاليًا بنسبة 14% من الناتج الإجمالى لعام 2024 ونستهدف الوصول إلى نسبة 20% بحلول عام 2030.