
أ.د. رضا عوض
معركة قادش 1285 ق. م
فى عهد الملك رمسيس الثانى ومن المعارك التاريخية الكبيرة التى خاضها الجيش المصرى كانت معركة قادش، هذه المعركة وقعت بين قوات الملك رمسيس الثانى ملك مصر، والحيثيين بقيادة الملك مواتللى الثانى بمدينة قادش، التى تقع على الضفة الغربية لنهر العاصى فى سورية جنوب بحيرة حمص بعدة كيلومترات، وهى مؤرخة فى العام الخامس من حكم الملك رمسيس الثانى وانتهت بتوقيع أول معاهدة سلام فى التاريخ فى 1258 ق. م وقيام تحالف بينهم وانتهى تهديد الحيثيين لمصر، نصوص المعاهدة موجودة إلى الآن فى متحف استانبول بتركيا، وصورة منها بمبنى الأمم المتحدة كأول معاهدة سلام فى التاريخ البشرى.
خرج رمسيس الثانى بجيوشه من قلعة ثارو الحدودية، وذلك فى ربيع العام الخامس من حكمه.
وبعد مرور شهر وصل بجيوشه إلى مشارف مدينة قادش عند ملتقى أحد فروع نهر العاصى وكان الجيش يتكون من أربعة فيالق وهى: فيالق آمون ورع وبتاح وست، وهى أسماء الآلهة الكبرى، بينما كان الملك مواتللى ملك الحيثيين قد حشد جيشًا قويًا بالإضافة إلى جيوش حلفائه، واتخذ من قادش القديمة مركزًا لجيوشه.
قبل بداية المعركة دخل إلى معسكر الملك رمسيس اثنان من البدو أعلنا ولاءهما له، وأخبراه أن ملك الحيثيين قد بعد عن الموقع وهو حاليا فى حلب شمال سوريا. وفى الحقيقة لم يكن هذان الرجلان غير جواسيس، وعلى أساس هذه الأخبار وبدون التأكد من صحتها أسرع الملك رمسيس الثانى على رأس فيلق آمون وعبر نهر العاصى، ثم سار إلى مرتفع شمال غربى قادش وأقام معسكره هناك فى انتظار وصول باقى الجيش ليتابع السير فى أثر جيش الحيثيين الذى كان يظن أنه فى الشمال حسبما أخبره الجاسوسان. وفى هذه الأثناء قبض جيشه على اثنين من جنود العدو الكشافة اللذين استخلصا منهما الحقيقة، وهى أن الحيثيين كانوا كامنين فى قادش وأن جيوش الحيثيين كانت فى طريقها لعبور نهر العاصى ومفاجأة الجيش المصرى هناك.
وبالفعل عبر نصف الجيش الحيثى نهر العاصى وفاجأوا رمسيس الثانى الذى كان قد ارتكب خطأ تكتيكيا بترك مساحات كبيرة بين فيالقه فهاجموا فيلق رع ودمروه تدميرًا كاملًا، وبذلك قطعوا الاتصال بين رمسيس الثانى وبقية فيالقه. واتجه الجيش الحيثى بعد ذلك بعرباته الحربية وتابع تقدمه وهاجم فيلق آمون الذى فقد نتيجة ذلك العديد من جنوده.
وهنا وفى مواجهة خطر التطويق والهزيمة المحتمة قاد رمسيس بنفسه هجومًا ضد الحيثيين، حيث سلك بالجيش ممرًا ضيقًا ليلتف حول الحيثيين. ثم هاجمهم ودفع بهم حتى النهر وكانت اللحظة الفارقة فى ذلك وصول إمدادات من جنوده، وقد فاجأ ذلك الحيثيين ووجدوا أنفسهم محاصرين واضطر الحيثيون لترك عرباتهم الحربية والسباحة فى نهر العاصى أمام هجوم الرعامسة.
وفى اليوم التالى، دارت معركة أخرى غير حاسمة، وقد ادعى رمسيس الثانى فى كتاباته أن مواتللى الثانى قد أرسل فى طلب الصلح فى ذلك اليوم، وبعد معارك ضارية بين الطرفين والخسائر الفادحة التى لحقت بهما اتفق الطرفان على الصلح.
ذكر رمسيس الثانى انتصاره فى المعركة، التى قام بنقش تفاصيلها بالكامل على جدران معبد الرامسيوم وكذلك معبد الأقصر، بالإضافة إلى معبده بأبو سمبل على جداره الشمالى فيما عرف (بأنشودة معركة قادش).
د.رضا عوض أستاذ بكلية طب الأزهر