الخميس 22 مايو 2025
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
الحدود الملتهبة والتخطيط الشيطانى

الحدود الملتهبة والتخطيط الشيطانى

التطورات والأحداث السياسية المتلاحقة عادة ما تلزم الكثير من المحللين والمفكرين بضرورة قراءة الواقع.. ورصد الأحداث فى منطقة الشرق الأوسط، لوضع رؤية شاملة أمام المواطن المصرى والعربى، نشاهد تحولات كبرى ومواقف متغيرة لبعض الدول بين عشية وضحاها، الكل يبحث عن مصالحه الخاصة ومصالح دولته وشعبه بالطريقة التى يراها مناسبة.



الخبراء العسكريون وعمداء معاهد وكليات الحرب، لم تعد لديهم رؤية واضحة من الممكن أن تبنى عليها قرارات الحرب والسلام لسرعة المواقف السياسية غير المفهومة.

على مدار هذا الأسبوع شاهدنا تحولات خطيرة فى المنطقة، وأصبح عالمنا العربى فى هذا التوقيت يمر بمنعطف خطير، ما بين الحروب الطائفية والنزاعات العرقية والمصالح الشخصية، معظم الدول التى انهدمت أيام الخريف العربى، أصبحت دويلات متفرقة، كل ما أستطيع التأكد منه دون شك أن مصر أصبحت دولة محاطة بسياج من “نار جهنم” فى الشرق والغرب والجنوب، لا توجد دولة فى العالم حدودها ملتهبة ومشتعلة بهذه الطريقة غير مصر. 

التخطيط الشيطانى ومحاولات التنفيذ الجهنمى لن تقف عند حدود، والهدف أصبح معروفا لمعظم أبناء هذا الوطن المخلصين، لكن السؤال الذى أفكر فيه من عام 2011 بعد أحداث يناير مرورا “بنجدة 30 يونيو“ إلى وقتنا هذا أن هناك سرا عظيما فى هذا البلد، وأن قوى الشر والطغيان التى تريد إشعال الحروب فى منطقتنا، تعرف جيدا سر مصر قديمًا وحديثًا وتبذل كل ما تستطيع وبكل قوة حتى لا تنهض مصر فى يوم من الأيام وتشكل خطرا جسيما على “كيان لقيط“ دموى قاتل بكل معانى الخسة والندالة، تم زرعه فى الشرق الأوسط.

تصفحت على شبكة الإنترنت ما كتب عن فنون الحرب والسلام، ورجعت إلى مكتبتى أتفحص كتب ومؤلفات العظيم الراحل جمال حمدان، حتى أستطيع ربط الماضى بالحاضر وفك طلاسم المشهد السياسى العربى فى هذا التوقيت الصعب للغاية.

نحتاج إلى إعادة قراءة تاريخ المنطقة من جديد.. اتفاقية سايكس بيكو وتاريخ الحروب العربية مع الكيان الصهيونى، فى الأعوام 1948-1949، و1956، و1967، و1973، و1982، و2006، ومن عام 2023 حتى الآن؟ وكيف أصبحت دول وشعوب سوريا وفلسطين ولبنان والعراق، من يقرأ هذه الأحداث جيدا يكتشف الارتباط الوثيق بين الماضى والحاضر.

كان من الواجب أن أطلع على بعض المؤلفات مثلًا رواية “الحرب والسلام” لليو تولستوى وهى ملحمة تاريخية ترصد وتوثق الحرب النابليونية وتأثيرها على المجتمع الروسى، مع التركيز على الحياة الشخصية والاجتماعية والعسكرية لهذا الشعب، و”كل شيء هادئ على الجبهة الغربية” لإيريك ماريا ريمارك يحكى قصة لجندى ألمانى شارك فى الحرب العالمية الأولى ورصد وحشية الحرب وتأثيرها النفسى على الجنود، أما “الحروب العادلة والظالمة” من تأليف مايكل والزر، فيقدم هذا الكتاب تحليلًا فلسفيًا للحرب بطريقة شيقة للغاية.

 بعد هذه القراءات كونت فكرة عامة وأصبحت أمامى رؤية واضحة عن مفهوم الحرب والسلام، وأن المصالح والأطماع الاستعمارية مختلفة ومتغيرة حسب موازين القوى العسكرية فى كل زمان، وأن الدول التى يتمتع قادتها العسكريون ورؤساء جمهورياتها بأخلاق حميدة وسياسات شريفة، تقف شعوبها كالبنيان المرصوص لمواجهة جميع المخاطر دون خوف والعكس صحيح.

لفت انتباهى فى القراءة عن مفهوم الحرب والسلام، أن مصر تحتل منذ فجر التاريخ رقما مهما فى أبجديات الحرب وفلسفة السلام، وكانت من أوائل الدول التى أسست الجيوش النظامية فى الحقب التاريخية القديمة، وأن هناك خيطا متينا يربط الماضى بالحاضر، من خلال عقيدة راسخة بأن الروح والدم، خلقهما الله فى أجساد المصريين للدفاع عن الأرض وحماية العرض، وأن الولاء الطاغى بكل معانى الكلمة تجده واضحا وضوح الشمس فى انضباط العسكرية المصرية، وأن الموت فى سبيل الحفاظ على تراب الوطن وتنفيذ الأوامر العسكرية، بمثابة «جين» خلقه الله على مقاس جند مصر، من عهد الملك أحمس، مرورا بالرئيس جمال عبدالناصر والرئيس أنور السادات والرئيس مبارك وانتهاء بقائد الجمهورية الجديدة الرئيس عبدالفتاح السيسى، الذى يمارس سياسة شريفة فى زمن عز فيه الشرف بحق، القراءة ممتعة وتضع النقاط فوق الحروف إذا كنت تعانى من التشتت وعدم ربط الأمور ببعضها.

إذًا نحن فى أيام صعبة كلها فتن كقطع الليل المظلم، والتاريخ القديم والحديث يؤكد أننا دولة فريدة لا مثيل لها فى هذا الكون.. صنعها الله بقدرته وجعلها فى معيته وتجلى سبحانه وتعالى على أرضها، ونعيش فى رباط إلى يوم القيامة كما قال النبى صلى الله عليه وسلم، ولا أشك قدر أنملة فى حديث النبى، وأن الله يقف مع هذه الدولة بقوته وفضله، رغم كل ما يحاصرنا من عدائيات خارجية بداية من إفريقيا وانتهاء بحدودنا الأربعة إلى جانب الضغوط الاقتصادية التى يتعرض لها كثير من المصريين، ومع ذلك يقف الشعب خلف القيادة السياسية بكل قوته فى هذا التوقيت.. كان الله فى عون من تحمل المسئولية، ويعلم ما يدبر لنا فى الخفاء من العدو والصديق..

تحيا مصر.