
طارق مرسى
«إعادة تشغيل» سنترال رمسيس فى «ريستارت»
السينما فن جميل، فإلى جانب أنه يكتب التاريخ ويوثق الواقع فإنه يتنبأ بما هو قادم، بل يحذر منه ويحاول إصلاح أخطائه والسلبيات التى تنشأ من تطوره..
تاريخ السينما يؤكد كل ما سبق حرفيا فهو ينقل ويكتب على الشاشة ويوثق ويتنبأ ويحذر، وفى فيلم «ريستارت» الذى طرح فى دور العرض منذ شهر تقريبًا رسمت أحداثه إلى حد التطابق المشاهد التى قابلها كل المصريين منذ الاثنين الماضى عقب اندلاع الحريق فى سنترال رمسيس وانقطاع الاتصالات، ووقوع شبكات الإنترنت، ما أصاب الجميع بشلل تام ولا يزال الارتباك مستمرًا حتى صباح أمس الأربعاء، رغم الجهود المبذولة لإنقاذ ما يمكن إنقاذه.
وسط هذا الارتباك والغضب كان ثلاثى فيلم «ريستارت» المطرب تامر حسنى، والمؤلف أيمن بهجت قمر، والمخرجة سارة وفيق، هم الأكثر سعادة ليس بسبب الخسائر بالقطع بل لأن خيالهم سبق الواقع، وهذا ما كتبه تامر حسنى فى حساباته فى التواصل الاجتماعى: «فيلم ريستارت بيتحقق، مفيش نت، مفيش مكالمات، مفيش بنوك.. يعنى كان عندى حق لما طالبت فى الفيلم إن لازم إحنا كبلاد وكشعوب نعرف نتصرف لو النت قطع»، وأن فيلمه «ريستارت» حمل تحذيرًا واضحًا من الاعتماد الكامل على التكنولوجيا دون وجود خطط بديلة. وأضاف: «لازم نبقى مأمنين نفسنا وأولادنا وأهالينا والناس التعبانين فى المستشفيات، لأن الموضوع خطير فعلًا، لأن بجد حياتنا ومصالحنا كلها بقت متعلقة بشكل كلى على الإنترنت»، والتحذير من التوابع التى تنوعت ما بين احتياجات منزلية، وتأخر مواعيد إقلاع الطائرات، وتأثر إشارات المرور، والتحويلات المالية، والبورصة، والمصالح الحكومية والخاصة، وسيارات النقل الذكي. ولم ينس تامر الدعاء للخروج من هذه الأزمة بقوله «ربنا يستر على سنترال رمسيس وموظفينه وعماله وأهالى المنطقة المجاورة».
فى فيلم «ريستارت» الكوميدى نجح تامر حسنى والكاتب أيمن بهجت قمر ومعهما المخرجة سارة وفيق فى خلق قضية عامة وتفاصيل دقيقة بإيقاع سريع، بعضها مأخوذ من الواقع كما كتبوا فى بداية الفيلم من خلال «محمد» تامر حسنى وحبيبته «عفاف» هنا الزاهد.. قضية يعانى منها الجيل وهى هوس وإدمان الشوشيال ميديا والأرباح المغرية التى يحصل عليها الشباب منها على مذبحة الخروج عن النص وتحطيم القيم الأصيلة وتدمير جيل كامل، ولم يفتهم فى نهاية الفيلم على تأكيد أهمية عصر الانترنت فى الحياة رغم ضعف هذا التأكيد بخيوط من الفانتازيا ولجوء المؤلف إلى إنقاذ القضية بالاستعانة بضيف شرف فى ثوب ضابط شرطة «محمد رجب» لانقاذ قضية الفيلم، وكشف الوجه القبيح لمافيا شركات استغلال الشباب لتحقيق تريندات مسيئة لثوابت المجتمع، كما جسدها باسم سمرة فى شخصية «الچوكر» دون الخروج عن القانون.
قضية الفيلم الأساسية هى تنبيه الشباب من إدمان الانترنت والتريندات التى تحقق أرباحا خيالية حتى على حساب قيم المجتمع وثوابته، ولهذا لجأ بطل الفيلم إلى حيلة قطع كابلات الإنترنت وقطع الاتصال نهائيا لمجرد وقف هذه المهازل، لكنه كشف تداعيات هذا الانقطاع وتأثيرها فى حركة الحياة بعد النقلة الكبيرة فى عالم التحول الرقمى، واعتماد المؤسسات الرسمية عليها، ما يعرض حياة الناس للخطر وشلل البنوك وتعطل حركة الطيران وتوقف المستشفيات، فحياتنا كلها بقت معتمدة عليه، ولايمكن إغفال ذلك.
■ ■
“السينما العالمية فى كثير من الأحيان تتنبأ ببعض الأحداث التى تصادف وقوعها فعلياً»، كما شاهدنا فى فيلم (يوم الاستقلال) إنتاج 1996 بطولة ويل سميث وبيل بولمان ومارجريت كولين وإخراج رولاند أميرش، والأفلام التى تنبأت بما وقع فى أحداث 11 سبتمبر (أيلول) واستهداف برجى التجارة بأمريكا وغيرها من الأعمال العالمية والمصرية أيضا. وهكذا يكون دور السينما فى التنوير والتوعية.