الأربعاء 30 يوليو 2025
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد

المسمار الأخير فى نعش إخوان فرنسا

فى مفاجأة للكثيرين أطلقت فرنسا مجموعة من الإجراءات التنظيمية والتشريعية ضد الفكر المتطرف داخل البلاد، تستهدف فى الأساس الحد من نفوذ جماعة الإخوان المسلمين فى فرنسا، حيث أعلن الرئيس الفرنسى إيمانويل ماكرون، عن خطة صارمة تستهدف «خنق» نشاط تنظيم «الإخوان المسلمين» فى فرنسا، فى إطار مرحلة جديدة من المواجهة مع الجماعة التى تمثل تهديدًا بطيئًا لقيم الجمهورية الفرنسية.



الرئيس الفرنسى ترأس الأسبوع الماضى الاجتماع الثانى لمجلس الدفاع والأمن الوطنى فى قصر الإليزيه، بحضور كل من وزير الداخلية برونو ريتاييو، ووزيرتى التربية الوطنية إيزابيل بورن والرياضة مارى بارساك، لمناقشة سبل الحد من اختراق منظمات الإسلام السياسى للمؤسسات والمجتمع الفرنسى.

وكشف «ماكرون»، عن خطة لتجفيف التمويل ومواجهة شبكات الإخوان فى فرنسا، تتضمن تجميد أموال الجمعيات المرتبطة بالإخوان، وتوسيع العقوبات الإدارية، وتعزيز الرقابة على التمويل الخارجى، وتوسيع عملية «التصفية الإدارية» لصناديق الأوقاف والمؤسسات التابعة للجماعة، مع تعيين مسئول خاص للإشراف على تنفيذ هذه القرارات.

وتتجه السلطات الفرنسية لمراجعة دقيقة لتراخيص بعض المدارس الخاصة والجمعيات الثقافية والرياضية التابعة للجماعة، والتى تروج لأفكارمتطرفة تهدد مبادئ الجمهورية الفرنسية.

ودعا الرئيس الفرنسى، المجلس لصياغة قانون جديد قبل نهاية العام الجارى، لتضييق الخناق على جماعة الإخوان فى فرنسا والحد من تأثيرها على قيم المجتمع الفرنسى، كما يعتزم أيضًا عقد اجتماع مع ممثلين من «منتدى الإسلام فى فرنسا» لفتح سلسلة من الحوارات مع القيادات الإسلامية المعتدلة.

كما دعا إلى تعزيز تدريب الأئمة داخل فرنسا، لتقليل الاعتماد على المراكز الدينية الممولة من الخارج، فى خطوة وصفها بأنها «أساسية لتحصين الإسلام الفرنسى من التأثيرات الخارجية».

وذكرت صحيفة «لوفيجارو»، أن الاجراءات الجديدة تتمثل فى عقوبات مالية وادارية ضد الجمعيات التابعة للإخوان، منها تجميد التبرعات النقدية والمالية وتوسيع نطاق عمليات الحل الإدارى، بالإضافة لنظام لتصفية أصول المنظمات المنحلة مثل تجمع مناهضة الإسلاموفوبيا.

ووصفت مجلة «Le point»، خطة ماكرون فى مواجهة «تغلغل الإخوان فى فرنسا» بأن الحكومة انحازت لاستراتيجية «المضايقة التنظيمية» لتضييق الخناق على مؤسسات دينية محددة تروج لأفكار متطرفة.

ويأتى تصعيد «ماكرون» ضد الإسلام السياسى مع اقتراب الانتخابات المحلية العام المقبل، وبعدها الانتخابات الرئاسية 2027، خاصة أن خطته الطموحة تهدف لبتر أذرع الإسلام السياسى واستراتيجية التوغل الناعم التى تنتهجها الجماعة عبر إنشاء مؤسسات تعليمية وخيرية، وكذلك تجفيف منابع التمويل من دول حارجية.

وكانت وثيقة مسربة أعدتها المخابرات الفرنسية بناء على طلب من الحكومة، قد حذرت فى مايو الماضى مما اسمته اختراقًا ممنهجًا ومحاولة للتأثير على عمل المؤسسات الفرنسية تمارسه جماعة الإخوان، كجماعة ضغط.

وكشفت الوثيقة تزايد نفوذ جماعة الإخوان من خلال بناء شبكات دعوية وخيرية تستخدم كأدوات تسلل ناعم داخل المجتمع الفرنسى، ما يُهدد تماسك النسيج الوطنى فى فرنسا، وعلى إثرها طالب الرئيس الفرنسى بفتح تحقيق شامل حول نفوذ الجماعة، بقيادة الدبلوماسى المتقاعد باسكال جوييت والمحافظ باسكال كورتاد، بهدف رسم خريطة تنظيمية للإخوان وتحديد مصادر تمويلهم.

وحذر مجلس الدفاع والأمن الفرنسى، من أن جماعات الإسلام السياسى - خاصة التجمع لمناهضة الإسلاموفوبيا - تسعى للتأثير فى المجالس المحلية وانتخاباتها مستغلة منصات التواصل الاجتماعى. 

ورصدت الوثيقة أن الجماعة تشرف وتسيطر على 140 مسجدًا ونحو 70 مؤسسة ثقافية وتعليمية ويبرز فيها نحو 1000 شخص يمثلون أساس الجماعة فى فرنسا، كما أن الجماعة تتحكم فى عشرات صناديق جمع التبرعات تحت غطاء منظمات مثل «اتحاد المنظمات الإسلامية فى فرنسا» و«جمعية مسلمى فرنسا».

ومن المؤسسات المهددة بالحل جراء هذه الخطة إلى «المعهد الأوروبى للعلوم الإنسانية»، وهو مركز إعداد الأئمة والدعاة، ويتهم بالترويج لأفكار تتعارض مع القيم الجمهورية و«المجلس الفرنسى للديانة الإسلامية» و«اتحاد المنظمات الإسلامية فى فرنسا» الذى تم إنشاؤه عام 1983.

ومن بين المنظمات المهددة بالحل أيضًا على مستوى القارة الأوروبية، مجلس مسلمى أوروبا ومنتدى المنظمات الشبابية والطلابية الإسلامية الأوروبية، حيث أكدت الوثيقة أن أعضاء من الدائرة المقربة من جماعة الإخوان كانوا أعضاء فى مجلس مسلمى أوروبا، وأن المنتدى يستخدم كأداة لتفريخ قيادات جديدة للجماعة.