سوريا إلى «فخ اللا دولة»

أمانى عزام
تتسارع التحولات فى الداخل السورى بوتيرة غير مسبوقة، وتكشف عن مشهد ما بعد الدولة، حيث تتحول الأرض السورية إلى مسرح مكشوف لتصفية الحسابات الإقليمية والدولية، وواجهة جديدة لصراع الهويات والانتماءات والمصالح، وفى قراءة شاملة للمشهد قدمها خبراء أمنيون وباحثون فى شئون التطرف والإرهاب لـ«روزاليوسف»، اعتبروا أن سوريا سقطت فى فخ «اللا دولة»، بعدما تفككت مفاصل السلطة وتنازعت الميليشيات، وتحولت الجغرافيا السورية إلى رقعة شطرنج لقوى الاحتلال الخارجى.
فى البداية، اعتبر الباحث فى شئون الحركات المتطرفة ماهر فرغلى، أن تمكين الإسلام السياسى من سوريا لم يكن عفويًا، بل ضمن خطة ممنهجة لإعادة رسم خريطة المنطقة بما يضمن هيمنة إسرائيل كقوة إقليمية وحيدة فى الشرق الأوسط، مضيفًا أن التيارات الإسلامية لا تعترف بالدولة الوطنية، ولا تقيم وزنًا للحدود، لذلك بدا تمكينها من وجهة نظر الغرب الخيار الأنسب لتفكيك الكيانات القومية وتحويل المنطقة إلى كيانات مذهبية هشة، يكون لإسرائيل اليد العليا فيها.
«فرغلى»، أشار إلى أن إخفاق أحمد الشرع فى إدارة المرحلة الانتقالية وفشله فى احتواء المكونات السورية، خصوصًا الأقليات، سيعجّل على الأرجح بتغييره خلال الفترة المقبلة، مؤكدًا أنه لم يحقق أى إنجاز يذكر منذ تصعيده.
الباحث منير أديب، المتخصص فى شئون الإرهاب الدولى، حذر من أن سوريا تقف اليوم على حافة حرب أهلية وشيكة، مشيرًا إلى أن النظام الحالى دخل فى خصومة مفتوحة مع أغلب المكونات السورية.
«أديب» قال: إن ما يحدث الآن فى «السويداء» من مواجهات دموية وسقوط للضحايا يثبت أن النظام فقد الاتصال بشارع طائفى حساس مثل الطائفة الدرزية، فضلًا عن استمرار التوتر مع الأكراد فى الشمال والشرق، ما يفتح الباب أمام انفجار داخلى شامل، مضيفًا: «إذا لم يتحول النظام إلى مظلة لكل السوريين، واستمر فى الانحياز لتيارات وتنظيمات دينية كهيئة تحرير الشام، فإن سوريا فى ظل هذا الانقسام ستصبح بيئة مفتوحة للاختراق الإقليمى والدولى».
من الجانب البحثى والأكاديمى إلى الجانب الأمنى، يرى اللواء عبدالحميد خيرت، وكيل جهاز أمن الدولة الأسبق، أن ما سمى بـ«الربيع العربى» لم يكن إلا ستارًا لمشروع مرسوم بدقة، هدفه الأساسى تفكيك الدولة السورية المركزية، وتفريغها من مضمونها الوطنى.