الإثنين 1 سبتمبر 2025
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد

أمريكا تعاقب «الضحية»

ضربات سياسية هزت أركان الكيان الإسرائيلى، بعد إعلان كل من فرنسا وإنجلترا ودول أخرى اعتزامها الاعتراف بدولة فلسطين رسميًا ردا على جرائم الحرب والتجويع التى تمارسها دولة الاحتلال ضد المدنيين الفلسطينيين، حيث شعرت إسرائيل بأنها أمام موجة كبيرة من الكراهية والعزلة السياسية الدولية، الأمر الذى يدفعها دائما للاستغاثة بالولايات المتحدة الأمريكية التى تحاول بدورها حماية «تل أبيب» من جهة وتضليل العالم عن حقيقة دعمها لحرب الإبادة التى تمارسها الدولة اليهودية وتجويع الفلسطينيين من جهة أخرى.



وفيما تحاول الولايات المتحدة الأمريكية تصوير إسرائيل أنها الضحية، وهى دائما فى موقف الدفاع عن النفس، قررت التصدى للموقف الدولى المثار حاليا والمؤيد للقضية الفلسطينية بضرورة وقف إطلاق النار فى غزة، لتعلن «واشنطن» عن فرض عقوبات على عدد من مسئولى وأعضاء السلطة الفلسطينية ومنظمة «التحرير»، وذلك عبر منع منح المستهدفين بالقرار التأشيرات لدخول الولايات المتحدة، إذ قالت وزارة الخارجية الأمريكية: «من مصلحة أمننا القومى فرض عقوبات على منظمة التحرير والسلطة الفلسطينية على عدم الوفاء بالتزاماتهما وتقويض آفاق السلام وأنهما لا تمتثلان لالتزاماتهما بموجب قانون التزامات السلام فى الشرق الأوسط لعام ٢٠٠٢».

وليست هذه المرة الأولى التى توقع فيها إدارة ترامب عقوبات على السلطة الفلسطينية بل امتداد لسلسلة من العقوبات الأمريكية التى تحاول بها توفير الغطاء للكيان الإسرائيلى على حساب تقويض حقوق الفلسطينيين، ففى عام 2018 قررت إدارة ترامب خلال ولايته الأولى إغلاق مكتب القائم بأعمال بعثة منظمة التحرير الفلسطينية على خلفية إعلان السلطة الفلسطينية نيتها التوجه إلى المحكمة الجنائية الدولية للتحقيق فى جرائم الحرب الإسرائيلية ضد الشعب الفلسطينى والاعتداءات الاستيطانية، ناهيك عن قراره نقل السفارة الأمريكية إلى القدس، فى خطوة لاقت رفضا عالميا وشككت فى نية واشنطن حول التزامها بحل الدولتين. 

من جانبها، علقت الدكتورة نهى بكر أستاذ العلوم السياسية والخبير فى العلاقات الدولية، على العقوبات الأمريكية ضد السلطة الفلسطينية وأعضاء بحركة فتح، إذ قالت: «الحقيقة لا يوجد علاقة بين العقوبات على السلطة الفلسطينية واعتراف بعض الدول الأوروبية بفلسطين»، مؤكدة أن اعتراف الدول الأوروبية بفلسطين جاء نتيجة ضغط من المجتمع الدولى الأوروبى بعد ما شاهدته من كم استخدام للقوة الغاشمة ضد الفلسطينيين فى غزة، مما وصل الحال به لدرجة الإبادة الجماعية، خاصة أن رفض الشعوب الأوروبية لذلك دعا حكامها للاعتراف بدولة فلسطين، كما أن الاعتراف هو الطريق لحل الدولتين، علمًا أن حل الدولتين هو الحل الوحيد الذى اتفق عليه الجميع قبل وصول الرئيس الأمريكى «دونالد ترامب» للحكم، وهناك تفاهمات على أن حل الدولتين هو الحل الأمثل للقضية الفلسطينية.

أستاذ العلوم السياسية أضافت: «فيما يتعلق باتهامات الولايات المتحدة لحركة فتح أو غيرها بأنها داعمة للإرهاب فكلها اتهامات واهية، خاصة أن إسرائيل تمارس الإرهاب نفسه على العزل المدنيين وعلى الأطفال والنساء»، مؤكدة أن ما حدث فى غزة نوع من الإرهاب الذى تقوم به دولة ضد شعب أعزل. 

وفى المقابل، رحبت حكومة الاحتلال الإسرائيلية بالعقوبات الأمريكية على السلطة الفلسطينية، فيما شكر وزير خارجيتها «جدعون ساعر» الذى وصف الولايات المتحدة قبل بذلك بأنها أقرب حلفاء إسرائيل فى العالم - وزير الخارجية الأمريكى «ماركو روبيو» ووزارة الخارجية الأمريكية على وضوحهما الأخلاقى فى فرض عقوبات على أعضاء فى السلطة الفلسطينية ومنظمة التحرير، على حد قوله. 

فيما جاءت كتابات الصحف العبرية على النقيض التام من موقف حكومة الاحتلال، إذ كتب الصحفى الإسرائيلى «جدعون ليفى» المعروف بمعارضته للاحتلال ومواقفة الإنسانية تجاه فلسطين تحت عنوان «الاعتراف بدولة فلسطين جائزة لإسرائيل»، إن الاعتراف الدولى بفلسطين مجرد مسرحية وهى «البديل المضلل» لفرض عقوبات على إسرائيل التى ترتكب جريمة إبادة جماعية ضد الشعب الفلسطينى منذ السابع من أكتوبر 2023.

وتحت عنوان «بدون تغيير على أرض الواقع سيبقى الاعتراف بالدولة الفلسطينية إعلان فارغ» كتب محرر الشئون العربية - الإسرائيلية بصحيفة هاآرتس العبرية «جاكى خورى»، أن تصريحات الدول الأوروبية بشأن الاعتراف بالدولة الفلسطينية خطوة إعلانية مهمة، فهى تضيف بعدا مهمًا إلى نسيج الاعتراف الدولى بالحقوق الجماعية للشعب الفلسطينى، وفى مقدمتها حقه فى تقرير المصير. 

واستمرارا لاشتعال الأوضاع فى الداخل الإسرائيلى كشفت إذاعة جيش الاحتلال الإسرائيلى عن توتر غير مسبوق بين رئيس أركان جيش الاحتلال «إيال زامير» والقيادة السياسية بسبب عدم وضوح موقف الجيش فى غزة.