الخميس 7 أغسطس 2025
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد

لصوص الحمير

«الصهاينة» سرقوا ألف حمار لحرمان أهالى غزة من وسيلة النقل الأخيرة

فى ظل حرب الإبادة الصهيونية، تنفذ قوات الاحتلال خطة ممنهجة لتجريد الشعب الفلسطينى من كل سبل الحياة الممكنة، فما بين الحصار وحرب التجويع وانعدام إمدادات الوقود، تبقى الدواب: الحمير والبغال والخيول، الآلية الوحيدة والوسيلة الأخيرة المتبقية لجر العربات التى تنقل الجرحى للمستشفيات، والشهداء لقبورهم، ونقل المتاع والشيوخ منهكى القوى، إلا أن الاحتلال أبى إلا أن يجردهم من آخر وسيلة تنقل لإحكام الحصار وجعل الحياة مستحيلة. 



ومثلما كان الجمل بمثابة يد عون ورفيق للبدو فى الصحراء ـــ عادت الدواب ـــ خاصة الحمير من جديد لتولى تلك المهمة فى قطاع غزة، فى ظل الحرب المستعرة، ونقص وقود السيارات التى تنتظرها رحلة مليئة بالمخاطر جراء استهداف طائرات الاحتلال ودباباته.

وكأننا فى العصور الوسطى، عادت الحمير من جديد لتولى مهمة المنقذ، والمعاون فى كثير من المهام تحت قصف وعدوان متواصل خلال نحو عامين من الحرب قبل أن تصطدم بعدوان جديد.

«روزاليوسف» أجرت تحقيقًا عن الدور الحيوى الذى تلعبه الحمير فى نقل وإنقاذ جرحى غزة، وإعانة عديد الأسر الفقيرة، وسرقة إسرائيل الممنهجة لمئات الحمير من القطاع، لإحكام التضييق على سكان القطاع، وإجبارهم على التهجير. 

أبو يوسف، «20 عاما»، الذى نزح أربع مرات من مكان تواجده بسبب أوامر الإخلاء الإسرائيلية، قال لـ«روزاليوسف»: «غزة الآن تعتمد على الأشياء البدائية فى كل وسائل الحياة بسبب الدمار التى خلفته الحرب.. لا توجد كهرباء ولا ومياه ولا وقود ولا وسائل نقل».

ومن خيمة النزوح التى لجأ إليها مؤخرًا فى خان يونس بعد رحلة نزوح رابعة من المحافظة الوسطى على ظهر عربة يجرها حمار، قال أبو يوسف: «فى حالة غياب وسائل النقل وأهمها الحمار تكون الحياة صعبة».

سرقة ممنهجة 

وقبل نحو شهر كشفت قناة (كان 11) التلفزيونية الإسرائيلية، عن عملية سرقة جديدة اقترفها جيش الاحتلال فى قطاع غزة، وكعادته غلّف هذا الانتهاك بشعار الإنسانية ومزاعم حماية الحيوانات.

وحمل التقرير العديد من الأمور غير المنطقية، إذ أشار إلى أن الجنود وجدوا تلك الحمير فى غزة، فمن المنطقى العثور على أحدهم أو على عدد قليل، إلا أن إحضار المئات منهم يدل على عملية ممنهجة، وليست وليدة لحظة.

وبحسب (كان)، فقد تم نقل عشرات الحمير بعد سرقتها جوا إلى فرنسا، مشيرة إلى أنه سيتم ترحيل دفعة جديدة إلى فرنسا وبلجيكا!

الإمعان فى المعاناة

الواقعة ليست غريبة عن الاحتلال، ولكنها تلقى الضوء على غرض آخر غير ما تم الإعلان عنه، وهو العمل على زيادة معاناة الفلسطينيين فى قطاع غزة.

ونقلت (كان) عن مسئولة عن جمعية «ابدأ من جديد» الإسرائيلية، التى قامت بنقل الحمير إلى فرنسا قولها: «لن نسمح بدخول الحمير مجددًا إلى قطاع غزة، وسنعمل على إخراج ما تبقى منها لكى لا تُستغل فى عمليات إعادة إعمار القطاع»، ما ينفى أى صلة للرفق بالحيوان بتلك الجريمة. وأكدت أن «مزرعتها تحتوى على أكثر من ألف حمار، أغلبها من قطاع غزة، وبعضها من الضفة الغربية».

وفى السرد التعريفى للجمعية على موقعها الإلكترونى، أشارت إلى أنه منذ بداية 2024 تم استقبال نحو 600 حمار، دون توضيح مصدرها، ما يشير إلى أنها نهبت من غزة، لكن الغريب فى أمر جميعة تدّعى الرفق بالحيوان صمتها المطبق عن حوادث قتل الماشية والحمير فى المجمعات البدوية والزراعية فى الضفة الغربية على أيدى المستوطنين.

أحد مكونات الصمود

من جهته اعتبر المتحدث باسم المكتب الإعلامى الحكومى بغزة، إسماعيل الثوابتة، ما جرى هو «ببساطة» سرقة علنية لمكون أساسى من مكونات الصمود الشعبى فى ظل الحصار، مؤكدًا فى تصريح لـ”روزاليوسف”، أن سرقة هذه الحمير بهذا الشكل ليست بدافع «الرحمة» كما يزعمون، بل بدافع شلّ الحياة اليومية وتعطيل آخر وسيلة تنقّل لدى السكان المدنيين، بعد أن دمّر الاحتلال البنية التحتية ومنع المحروقات وقطع الكهرباء ودمر المستشفيات.

«الثوابتة» أردف: «الأخطر من ذلك، أن الاحتلال لا يكتفى بقتل البشر ودفنهم تحت الركام، بل يسعى لقتل كل وسيلة تُبقى على الحياة، حتى وإن كانت بدائية وبسيطة كالحمار».

ورغم عدم القدرة عن حسر الخسائر فى كل القطاعات جراء استمرار العدوان، إلا أن الثوابتة أشار إلى “روزاليوسف” إلى أنه يتواجد فى قطاع غزة أكثر من 5 آلاف حمار، مضيفا: «كيان احتلالى.. يسرق الأرض، ويقصف الإنسان، ويجوّع الأطفال، ويصادر حتى الحمير! إنها وحشية متنكرة بأقنعة الإنسانية الزائفة».

وبحسب ما أكده المتحدث باسم المكتب الإعلامى الحكومى لـ”روزاليوسف”، فإن الاحتلال كان يقنص الحمير والخيول عمدًا أثناء الحرب ويتلذذ بقتلها، وهناك عشرات الفيديوهات التى توثق ذلك، ما يكشف عن نية تدميرية كاملة لكل عناصر البقاء فى قطاع غزة.

شريان الحياة

فى غزة، الحمار ليس مجرد حيوان، إنما هو شريان الحياة الواصل بين أواصر القطاع، إذ يربط ما تبقى من تجمعات ومخيمات نزوح ومساكن، ليتحول الحمار إلى يد العون فى العديد من النواحى للمواطنين، فقبل الحرب كان الحمار يساعد فى عمليات الزراعة وعمليات النقل البسيطة.

رئيس «جمعية سلالة للرفق بالحيوان» بقطاع غزة، سعيد العر قال: »قبل الحرب كانت تستخدم الحمير فى نقل البضائع، والحجارة والرمال لأغراض البناء، ولكن أعمال البناء توقفت بعد الحرب».

«العر» أضاف، فى تصريحات خاصة لـ”روزاليوسف”، أنه فى أعقاب اندلاع الحرب بدأ استخدام الحمير بشكل رئيسى فى نقل النازحين وأمتعتهم من منطقة لأخرى بدلا من السيارات لعدم توفر الوقود، كما يستخدمها الآن بعض التجار لنقل البضائع المتاحة والحطب.

وبين وصف القصف بالممنهج أو العشوائى، استهدف الاحتلال سيارات الإسعاف وسيارات الدفاع المدنى، لتتحول العربات التى تجرها الحمير إلى وسيلة النقل الرئيسية للجرحى والمصابين، خاصة أن هذه الحيوانات قادرة على السير فى الطرقات المدمرة التى غيرت معالمها القنابل الإسرائيلية بغرض قطع أوصال القطاع، ليتحول الحمار إلى «الوسيلة الأخيرة للإنقاذ».

ومع أوامر الإخلاء المتكررة التى يصدرها جيش الاحتلال للسكان فى مختلف المناطق فى القطاع، كانت «العربات الكارو» هى إحدى الوسائل الرئيسية لنقل النازحين وأمتعتهم من ملابس وأغطية، لتساعد العجائز والنساء والأطفال فى رحلة شاقة من مكان تحت القصف لآخر ينتظر استهدافه، كما تسبب ضيق الحال جراء الحرب وفقدان الجميع لمصادر الدخل، فى أن يصبح الحمار مُعينًا لأصحابه عبر استخدامه كوسيلة نقل.

وروى الصحفى الفلسطينى فى قطاع غزة، ناهض منصور، لـ”روزاليوسف”، أن أغلب تلك العربات يقودها أطفال للبحث عن الرزق، ومع انتشار الركام، اعتمد عليها السكان أيضا فى نقل الماء والغذاء عبر الطرقات المدمرة والأماكن البعيدة التى بات يصعب وصول المركبات إليها بسبب نفاد الوقود أو استهدافات المسيرات والطائرات الإسرائيلية.

 حرمان واستهداف

وكسائر المخلوقات فى القطاع تعانى الحمير، فبالتوازى مع زيادة الضغط على تلك الكائنات، تنقص وجبات الغذاء، وأحيانا تندر.

ويشكو أصحاب تلك الحيوانات من أزمة توفير الغذاء اللازم لحيواناتهم، فى ظل عدم وجود غذاء من الأساس، أو من ارتفاع أسعاره بشكل كبير فى حالة وجوده، كذلك مع تزايد الإصابات جراء الحرب، أو الأمراض التى تصيب الحيوانات، يصعب تقديم الخدمات الطبية اللازمة لتلك الحيوانات، إذ يشهد القطاع أزمة نقص حاد فى الأدوية البشرية والبيطرية.

«بسبب الحرب هناك مشكلات كثيرة تعانى منها الهئيات والجهات التى تتعامل مع الحيوانات، إذ يمنع دخول الأدوية البيطرية والتطعيمات، لقد اختفت من أرجاء قطاع غزة»- حسبما قال سعيد العر، مضيفا أن آخر شحنة تلقوها من أغذية الحيوانات كانت قبل الاجتياح الإسرائيلى لمعبر رفح فى مايو 2024.

بينما أكد ناهض منصور، أنه لا توجد أية أعلاف للحيوانات تدخل قطاع غزة بسبب الحصار الإسرائيلى، لافتًا إلى أن الغزيين يجمعون بواقى الطعام - إن وجد فى ظل المجاعة - ويتم إعطاؤها للحمير وسائر الحيوانات، كما يقومون بجمع البقوليات والحبوب التى تقع على الأرض فى أماكن توزيع المساعدات وتقدم للحمير، لافتًا إلى نفوق وقتل العديد من الحيوانات بسبب ظروف الحصار ومنع إدخال الأغذية، وأيضا القصف، فى ظل حرب تجويع لا تستهدف الإنسان فقط بل والدواب أيضا.

«المواطنون يضطرون لترك الحمير والأحصنة يموتون لعدم توفر الأطباء، وفى حالة توفر الأطباء تنعدم الأدوية المطلوبة للعلاج بسبب الحصار»، هكذا وصف منصور، منوهًا بأن جثث تلك الحيوانات تتسبب فى «أزمة صحية»، إذ لا يتم دفنها فى أغلب الظروف بسبب القصف والانتهاك وعدم التمكن من الحفر، لتترك بين خيام النازحين، ما يسبب روائح كريهة ويترك الباب مفتوحا أمام الإصابة بالأمراض.

لم يقف الأمر عند هذا الحد، بل وصل إلى الاستهداف المباشر لتلك الكائنات وللعربات التى تجرها وعلى متنها النازحين.

وروى «أبو يوسف» عن أهوال رآها خلال رحلات النزوح بين أرجاء القطاع، إذ تم استهداف الكثير من العربات أثناء نقل العائلات النازحة وكذلك تم استهدافها أثناء نقلها للدقيق والطعام، مضيفا:» شاهدت بعينى بالفعل قنص حمار من قبل قناصين إسرائيليين أثناء سيرهم ونقلهم للنازحين»، ومرات كنت أشاهد حميرًا ميتة على الطرق بسبب الاستهدافات الإسرائيلية».

وتنفى تلك الشهادات رواية الاحتلال ومزاعم «إنقاذ الحمير»، بل تثبت أنها حملة استهداف ممنهجة. 

انتهاكات مستمرة

وبحسب منظمة «ملاذ آمن للحمير» - التى تعمل فى إسرائيل والضفة الغربية - فمنذ اندلاع الحرب، لم تصل أى شحنات إمداد للحيوانات، كما نفد العلف والأدوية البيطرية أيضًا، ما يترك الأطباء عاجزين عن التعامل مع الإصابات أو الأمراض.

ولكن يبدو أن الأمر يعود لما قبل الحرب، فبحسب رئيس جمعية «سلالة» كانت هناك محاولات إسرائيلية عديدة للتقييد على الفلسطينيين فى القطاع من استخدام الحمير.

وأشار سعيد العر إلى أن مؤسسات إسرائيلية، منها «ابدأ من جديد»، تزعم أنها معنية بحقوق الحيوانات برفع دعاوى قضائية على الحكومة لمنع إدخال الحمير إلى القطاع بدعوى «معاناة الحمير»، الأمر الذى يخدم الأهداف الاستيطانية بعدم تعمير القطاع أملا فى عودة الاستيطان إليه مجددا، منوها بأنه كان هناك قرار من وزارة الزراعة الإسرائيلية قبل الحرب بمنع إدخال الحمير إلى غزة، خاصة من الضفة الغربية.

حمل زائد

«خلال فترة الحرب زاد الحمل على تلك الحيوانات ما أدى لإنهاكها بشكل أكبر فى ظل عدم توفر الغذاء أو الرعاية الصحية اللازمة، كما أن فترات عمل الحمير زادت فى ظل استمرار الضغط والنزوح طوال الوقت، ما يعنى انعدام الغذاء اللازم والراحة»، وفقا لرئيس «سلالة».

العر لفت إلى أن النقاط الطبية التابعة للجمعية تستقبل العديد من الإصابات للحمير والأحصنة أيضا بسبب القصف، وأخرى بسبب الأحمال الزائدة والمرض، مؤكدًا إصابة ومقتل عدد كبير من الحمير خلال الحرب الإسرائيلية، ومشددا على أنه لا يمكن إحصاؤها بسبب عدم الاستقرار كما أنه لا توجد بيانات رسمية عنها، خاصة أنه تم قصف العديد منها فى الطرقات وأعداد أخرى تحت ركام منازل سويّت بالأرض.

آلاف الدولارات

وانعكس الأمر سلبا على حياة المدنيين فى القطاع، الذين يعانون بالأساس من نقص كل مقومات الحياة والأموال، وربما الأمل أيضا.

ومع كل يوم تحت القصف، ترتفع التكاليف أكثر وأكثر، ما يثقل كاهل الفلسطينيين من أعباء، ومن بينها ارتفاع سعر النقل باستخدام عربات الكارو.

وأكد «أبو يوسف»، أن تكلفة النقل ارتفعت بشكل كبير بسبب ارتفاع طعام الحيوانات وشحه، وسط وقلة المواصلات بسبب نفاد الوقود، مضيفا: «تكلفة التنقل عبر عربة يجرها حمار من المحافظة الوسطى إلى خان يونس بلغت قبل أسبوع قرابة 400 دولار.. قبل أقل من عام كانت التكلفة أقل من النصف».

وأردف فى حديثه: «الآن ارتفعت تكاليف التنقل من محافظة رفح إلى محافظة خان يونس، حيث ينقل المواطنون ما استطاعوا الحصول عليه من مساعدات إلى ذويهم فى رحلة تكلف 2000 شيكل (590 دولارا تقريبا) للنقلة كاملة»، موضحا أن النقلة تقريبا لعشرة أفراد.

«قبل عام تقريبا كانت أقل من 500 شيكل (147 دولارا).. ارتفعت الآن بشكل كبير»، هكذا أوضح النازح الفلسطينى.

جريمة حرب وإبادة

وعن نهب تلك الحيوانات من القطاع، لا يمكن وصف الأمر إلا أنه سرقة، كون تلك الكائنات لديها أصحاب تم انتزاعها منهم دون مقابل أو إذن، فقد تم الحصول عليهم عنوة، أى سرقة.

وأغفل التقرير التلفزيونى الإسرائيلى الحديث عن طريقة الحصول على تلك الحمير، فقد قال إن جنود الجيش وجدوها «تعانى جسديا ونفسيا» وقاموا بـ»إنقاذها».

وفى تصريحات لـ”روزاليوسف”، قال أستاذ القانون الدولى والمحكم بوزارة العدل، الدكتور صلاح الطحاوى، إنها وإن كانت جريمة سرقة ولكنها ترتقى إلى «جريمة حرب»، مشيرا إلى أن هذا ما تنص عليه اتفاقيات جنيف الأربعة وبروتوكولاتها، وخاصة بروتوكول 77 الخاص بعدم قيام دولة الاحتلال بنهب ثروات الدولة الأخرى.

أستاذ القانون الدولى، أشار إلى أنه بعدما قامت إسرائيل بقتل الأبرياء أمام المجتمع الدولى، منتهكة أحكام القانون الدولى ومواثيقه ومواثيق الأمم المتحدة فى ظل رعاية أمريكية كاملة وعدم الإدانة فى أروقة الأمم المتحدة، خاصة باستخدام حق الفيتو من جانب واشنطن ضد أى قرار يدين الاحتلال، أدى كل هذا إلى عدم اعتراف إسرائيل بالقانون الدولى العام ولا بالاتفاقيات أو المواثيق الدولية.

الطحاوى، أوضح أنه بعد أن قامت إسرائيل بتدمير البنية التحتية فى قطاع غزة وتدمير كل سبل العيش ومقومات الحياة، لم يظل لدى الفلسطينيين فى قطاع غزة سوى الحمير التى تقوم بنقل الجرحى إلى ما تبقى من مشافٍ، كما أنها أصبحت الوسيلة الوحيدة للنقل بعد تدمير كل الممتلكات الخاصة والعامة.

المُحكم بوزارة العدل، شدد على أن سرقة الحمير من غزة إضافة إلى كونها جريمة حرب ترتقى أيضا لتصبح «جريمة إبادة»، موضحًا أنه يجب توثيق هذه الجريمة وإضافتها إلى الجرائم المتعددة التى ارتكبتها إسرائيل، وعرضها على المحكمة الجنائية الدولية لاتخاذ الإجراءات اللازمة، خاصة أن هذا لا يتعارض مع عدم توقيع إسرائيل على ميثاق روما الخاص بالمحكمة الجنائية الدولية، لأن فلسطين استطاعت عام 2015 الانضمام إلى ميثاق روما، وطبقا لقرارات الجنائية الدولية فإن الأراضى الفلسطينية المحتلة كافة وكل ما يرتكب عليها من جرائم تخضع لميثاق روما.

الطحاوى تابع: «يجوز بعد توثيق الجرائم وتوصيفها إحالة رئيس الحكومة الإسرائيلية، بنيامين نتنياهو، إلى المحكمة الجنائية الدولية بجريمة جديدة، وهى سرقة الحمير من القطاع»، لافتًا إلى أن فلسطين دولة مراقب فى الأمم المتحدة، ويحق لها التقدم إلى الجمعية العامة للأمم المتحدة بطلب انعقاد جلسة طارئة لمجلس الأمن لبحث هذه القضية، خاصة أن تلك الحمير التى سرقت وتم تصديرها للخارج هى الوسيلة الوحيدة للفلسطينيين فى قطاع غزة لقضاء حوائجهم ونقل جرحاهم وغيرها.

ويرى كثيرون أن الاحتلال لم يترك شيئًا فى غزة إلا وحاول نهبه، ولعل سرقة الحمير لم تكن الأولى وليست الأخيرة بالطبع، ورغم أنها قد تعتبر «كوميديا سوداء»، ولكنها تلقى من جديد الضوء على عقلية المحتل الذى لا يرى سوى نفسه على أرض لم تكن يومًا له.