تجربتى مع الأستاذ!

عاطف الكيلانى
مضى عقدان من الزمان على إعادة إصدار جريدة «روزاليوسف» فى 2005 تفضل الصديق والزميل الغالى الأستاذ أيمن عبدالمجيد رئيس تحرير الجريدة بدعوتى لكتابة مقال بهذه المناسبة. عدت بالذكريات لأجواء صدور العدد الأول من الجريدة، لأنى كنت شريكا لفريق العمل الذى شكله، واختاره الراحل الكاتب الكبير عبدالله كمال صاحب الفضل الأول فى إعادة إصدار الجريدة التى توقفت عن الصدور على يد حكومة حزب الوفد الذى أطاحت به روزاليوسف من خلال حملة صحفية قادتها صاحبة الدار فاطمة اليوسف عام 1936، وظلت الجريدة حلما معلقا على مدى أجيال لتعود من جديد على يد الأستاذ عبدالله كمال الذى حمل على عاتقه المسئولية والتحدى لكل المعوقات وتجدد الحلم وكنت من المحظوظين الذين شاركوا وعاشوا لحظة ولادة الجريدة من جديد وصدور العدد الأول.
كنت أرى روح التحدى وحماس الأستاذ يخوض التجربة بروح المقاتل صاحب الإرادة والعزيمة التى لا تلين، وفوجئت بأن الأستاذ اختارنى ضمن فريق الجريدة سكرتيرا للتحرير إلى جانب الزميل محمود عبدالكريم سكرتير التحرير، وكنت حينها أخطو الخطوات الأولى فى عالم سكرتارية التحرير فى المجلة مع الأستاذ عصام عبدالعزيز رحمه الله ورغم فرحتى باختيار الأستاذ لى كانت تدور داخلى العديد من الأفكار المتداخلة والمختلفة، فطبيعة العمل الصحفى الأسبوعى تختلف عن الإصدار اليومى وامتلأت بالقلق الذى سرعان ما بدده الأستاذ بتشجيعه ونصائحه، وبدأ الأستاذ فى إعداد فريق العمل والأقسام وترتيب كل ما يتعلق بصفحات الجريدة.
ظلت الاجتماعات مستمرة ومكثفة على مدى أيام وقرر الأستاذ بروح المغامر الواثق إصدار الجريدة بدون أعداد تجريبية، كما هو متعارف عليه لأى إصدار صحفى إلا أن الأستاذ قرر التحدى وبالفعل وبمجهود جبار من الجميع ظهر العدد الأول للنور بقيادة الأستاذ كشاف الموهبين صانع النجوم عبدالله كمال لم يكن صحفيا عاديا وعابرا فى روزاليوسف كان صاحب بصمة لا تمحى لكل من تعامل معه وقرأ له، أيقونة.. ترك عظيم الأثر وصاحب مدرسة متفردة ترك عنقود من الموهوبين وتلامذة قادوا الدار بنفس روح الأستاذ لتستمر المسيرة التى بدأتها العظيمة فاطمة اليوسف على مدى قرن من الزمان.
وأعود إلى تجربتى مع الأستاذ الذى لم يكن صحفيا كبيرا فقط بل كان حالة خاصة لا تتكرر كثيرا فى عالم الصحافة، تعلمنا منه الكثير كان طاقة النور التى أضاءت الطريق أمام أجيال من الصحفيين لم يبخل بالنصيحة والتوجيه على أحد يوما، لم يتأخر يوما فى الدفاع عن زميل أو حمايته، كان سندا للجميع، صدمنا رحيله المفاجئ لكن روحه معنا ترفرف فى كل جوانب الدار التى لم يفارقها حتى ترك لها تلاميذ من فصيلة الكبار، منهم الأساتذة أيمن عبدالمجيد رئيس تحرير الجريدة الحالى وأحمد باشا رئيس تحريرها السابق، وأحمد إمبابى وأحمد الطاهرى وهانى عبدالله، الذين تولوا رئاسة تحرير المجلة.
بالعودة إلى تجربتى مع الأستاذ إلى اليوم الأول الذى خطت فيه قدماى الدار حين كان يتولى الاستاذ عادل حمودة الكاتب الكبير مدير تحرير المجلة وفى مكتبه كان لقائى الأول بالأستاذ طلب منه الأستاذ عادل أن يتولى تدريبى وأنا خريج قسم اللغات الشرقية تخصص اللغة الفارسية درست العبرية سنة واحدة بالجامعة لم تكن تتوفر فى مصر سوى الصحف العبرية وطلب منى الاستاذ أن أقوم بشراء الصحف العبرية وأترجم رءوس عناوين الأخبار والموضوعات واستعنت بالقاموس العبرى ومرت الأسابيع حتى أخبرنى الأستاذ بتوفر الصحف الإيرانية فى مكتب رعاية المصالح الإيرانية بالقاهرة وبالفعل بدأت أستعير الصحف وأقوم بترجمة الأخبار والموضوعات والتقارير والتحليلات.
ولا يمكن أن نحتفل بذكرى صدور الجريدة دون أن نتذكر المقاتل صاحب الفضل فى عودة هذه الجريدة، وستظل روزاليوسف الرائدة فى تقديم النجوم فى الصحافة والإعلام فى الوطن العربى بأكمله.