
ابراهيم خليل
اتفاق حماس وفتح.. حتمية اليوم التالى
حرب الإبادة التى تشنها إسرائيل اليوم على الفلسطينيين فى غزة ليست هى الأولى ولن تكون الأخيرة، وثقافة المحرقة هى كل ما يحكم السلوك الصهيونى ضد كل ما هو فلسطينى بصفة خاصة وضد كل ما هو عربى بصفة عامة، ومع كل أساليب الإبادة التى تمارسها إسرائيل ضد الفلسطينيين؛ فإن المحصلة بمنظور حركة التاريخ لا تصب بالكامل لمصلحة الكيان الإسرائيلى، على الرغم مما تحدثه من خسائر فادحة فى الأرواح والممتلكات والبنية التحية والحياتية وهذا ما يتطلب من كل الفصائل الفلسطينية التوافق والاتفاق خصوصاً بين السلطة الفلسطينية فتح وحماس فالاتفاق بين الفصائل الفلسطينية سيكون بمثابة إعلان للعالم بأسره أن الفلسطينيين بنيان واحد يجمعه الاستشهاد والموت والتمسك بالأرض.
فالاتفاق بين الفصائل الفلسطينية «حماس - فتح» أقل كلفة من الخلاف، الاتفاق يعطى الجميع، الخلاف يأخذ من الجميع، والاتفاق يجعل السلطة والحكم نعمة، والخلاف يجعل السلطة نكبته ونقمته، الاتفاق وسط الإبادة الجماعية والمحرقة الإسرائيلية يريح الفلسطينيين وينقذ أرواحهم، الخلاف يزيد عدد الشهداء واستمرار المحرقة الإسرائيلية، ليس الآن هو الوقت الملائم للاختلاف بين الفصائل الفلسطينية، فمن سيأتى لحكم غزة سيكون فى خدمة الفلسطينيين وليس فى خدمة السلطة، فالسلطة تأتى وتذهب ولكن ما يبقى هو إنقاذ الأطفال والنساء والشيوخ من القتل والحرق، حان الآن وليس غداً قطف ثمار الدماء الفلسطينية.
الفرصة الآن مهيأة من جانب معظم دول العالم للاعتراف بالدولة الفلسطينية ولا يمكن ولا يسمح التاريخ أو دماء الشهداء بإضاعة هذه الفرصة، وهى إقامة الدولة الفلسطينية ؛لذلك لابد أن تكون كل الفصائل الفلسطينية على مستوى التضحيات، والجميع من الفلسطينيين لابد أن يعلم أنه لا وقت للمهاترات، والاتهامات المتبادلة، والموقف الآن لابد أن يحسم وهو أن غزة تحكم بواسطة أى فصيل، وهذا أفضل من أن تحتلها إسرائيل، التضحيات الكبرى للشعب الفلسطينى لابد أن يكون لها ثمن كبير.
لم يعد بالإمكان استمرار الخلافات وتبادل الاتهامات على من يحكم غزة بعد خروج الإسرائيليين.
صمود شعب غزة وتمسكه بأرضه وتحمله كل صعوبات العيش رغم أن هذه الصعوبات تزداد يوما بعد يوم وصمود الفلسطينيين هو ما أدى إلى خروج المتظاهرين فى لندن وباريس وروما ومدريد وأيضا تظاهر الملايين دفاعا عن غزة فى جامعات أمريكا وأوروبا وارتفعت أعلام فلسطين على الجدران والبوابات وامتلأت الساحات بالهتافات المناصرة للفلسطينيين وفى المسارح والحفلات وقف فنانون عالميون ليغنوا للحق الفلسطينى ومن بينهم النجم الإسبانى العالمى خوليو إجليسياس الذى قدم أغنية خاصة بغزة للتضامن معها.
لم يقف الأمر عند هذا التضامن فقط، بل إن إحدى الصحف الإسرائيلية «هاآرتس» قالت فى افتتاحيتها أن الفلسطينيين أفضل شعوب الأرض فى الدفاع عن أرضهم، ووصفت الفلسطينيين أنهم من أنبل شعوب الأرض؛ التى انتفضت للدفاع عن حقوقهم بعد 75 عاما، وكأنهم جسد واحد، بهذا المعنى نعيد ونزيد من حتمية أن تتفق الفصائل الفلسطينية، ويكون الشعب الفلسطينى قدوة لهم فى الاتحاد والتمسك بالأرض.
هذه المطالبة العاجلة والمهمة تأتى على خلفية ما كشفته مصادر مطلعة بأن حماس تسلمت مقترحا أمريكيا ينص على إطلاق سراح جميع الرهائن أحياء وأموات خلال 48 ساعة من التوقيع على اتفاق لوقف إطلاق النار من إسرائيل وحماس مقابل إطلاق عدد كبير من المعتقلين الفلسطينيين فى سجون إسرائيل وينص المقترح الأمريكى على أن وقف إطلاق النار بين حماس وإسرائيل يبدأ فور التنفيذ لمدة 60 يوما مع ضمانة شخصية من الرئيس الأمريكى ترامب بأن الأطراف ستتفاوض بحسن نية ووفقا للمقترح الأمريكى أيضا نزع سلاح حماس وتشكيل حكومة جديدة تحكم غزة وتوافق هذه الخطوة مع انسحاب القوات الإسرائيلية ويتضمن المقترح الأمريكى أيضا أنه عند نجاح المفاوضات مع إسرائيل وحماس يتم العفو عن أعضاء حركة حماس وتأمينهم والأهم فى المقترح الأمريكى تدفق مفتوح للمساعدات إلى غزة مع بدء تنفيذ الاتفاق.
وفى هذه الأجواء أكد ترامب خلال تصريحه الأحد الماضى أن الاقتراح الأمريكى هو الإنذار الأخير لحماس من أجل إطلاق الرهائن.
هذه المرة يأتى المقترح الأمريكى ليس ككل المقترحات التى مرت، ما أسهل الرفض والتنظير لكن هذه الآفة لا تنفع الآن مع البطون الجائعة والمحرقة الأسرائيلية المستمرة ومحاولة تصفية القضية الفلسطينية والدعم الأمريكى غير المحدود لإسرائيل فيما تقوم به.
ولكن التاريخ لم ينته بعد فما زرعته إسرائيل من إبادة وحرق للفلسطينيين سيرد لها إن عاجلا أو آجلا من الأجيال الفلسطينية التى ستولد وكل أحياء الإنسانية من مختلف أنحاء العالم، فمن يزرع من خير يحصد خيرا، ومن يزرع شراً يحصد شراً.