الجمعة 26 سبتمبر 2025
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
مصر السيسى واستقلال القرار السياسى

مصر السيسى واستقلال القرار السياسى

ارحموا غزة وارحموا الفلسطينيين من العواصف التى تمر بها المنطقة لا بل من الزلازل والأعاصير التى تمر بها نسأل: هل يستمر تأييد ترامب لجنون نتنياهو؟ اسألوا التاريخ فكل مشروع استعمارى اعتمد على القتل والكذب انهار، كل كيان قام على الظلم سقط.



مشاهد الذل للجنود الإسرائيليين أصبحت يومية يبكون أمام الكاميرات خوفا من الذهاب لغزة، المستوطنون يفرون من جنوب إسرائيل إلى شمالها خوفا من هجمات الفلسطينيين ،وزراء إسرائيليون يهددون باحتلال الضفة الغربية ولا يحدث.

أين هو النصر الذى يدعيه نتنياهو بينما الخراب ينهش إسرائيل من الداخل؟! فى المحصلة النهائية، فإن رقعة محدودة ومكشوفة من الأرض لا تزيد مساحتها علي 260 ك مترا مربعا هى قطاع غزة تقف بقوة شعبها وإرادته الصلبة فى مواجهة الجيش الإسرائيلى الذى يتسلح بأحدث وأشرس وأفتك الأسلحة الأمريكية والغربية، رافضين التهجير مرحبين بالاستشهاد ولا يتركون أرضهم، إن هذه الرقعة الصغيرة من الأرض نجحت فى السيطرة علي حرق العالم الإلكترونى الإسرائيلى وتحقيق تقدم نوعى فى أساليب الحرب العسكرية والنفسية ،كل هذا يشير إلى أن الشعب الفلسطينى الذى يتعرض للقتل والحرق المستمر يزداد قوة وتمسكا بأرضه.

وأكثر ما يربك الإسرائيليين أنهم يشعرون بالعجز من احتراق جدار المعلومات والشاهد على ذلك العمليات الفدائية التى يقوم بها الفلسطينيون فى غزة من كمائن تصطاد وتقتل الجنود الإسرائيليين، ومرت حتى الآن أكثر من سنتين من قتل وذبح وحرق الفلسطينيين ولم يستطع الجيش الإسرائيلى من تحديد أماكن إخفاء الرهائن الإسرائيليين، تلك هى الصورة الواقعية لما وصلت له حرق إسرائيل لغزة وهذه الحالة من الخطورة لم يعد من السهل إعادتها إلى الوراء ولا نعرف ماذا يخبئ الغد لأن الحقيقة الوحيدة والمهمة والتى لا تقبل الجدل ،هى أن الدماء الفلسطينية التى سالت لتروى أرض غزة الطاهرة لن تضيع سدى بل ستنبت وتولد أبطالاً ومحاربين يتسلمون راية التحرير ،وهكذا علمنا التاريخ ولن نذهب بعيدا فإن أولى ثمار هذه الدماء الطاهرة بدأت تنبت وهو الاعتراف الدولى بدولة فلسطين حتى من إنجلترا نفسها صاحبة وعد بلفور الذى أعطى اليهود وطنا قوميا فى فلسطين ويأتى هذا الاعتراف بعد 75 عاما من إعلان بريطانيا اعترافها بإسرائيل ووصل نسبة الدول التى اعترفت بدولة فلسطين 80% من الدول الأعضاء فى الأمم المتحدة البالغ عددهم 193 دولة، اعترفوا بدولة فلسطين التى أعلنتها منظمة التحرير الفلسطينية 1988لكن ليس لهذه الدولة حدود أو عاصمة أو جيش متفق عليه دوليا وهو ما يجعل الاعتراف رمزيا إلى حد كبير، لكنه مهم جدا كخطوة لحصول دولة فلسطين على عضوية الأمم المتحدة وأيضا تحد كبير لمنع أمريكا الوفد الفلسطينى من دخول الأمم المتحدة، ولقياس أهمية الاعتراف الدولى بدولة فلسطين الهياج الإسرائيلى ورد فعلهم سواء من رئيس الدولة الإسرائيلى اسحق هرتسوغ الذى وصف الاعتراف الدولى بأنه يوم حزين لإسرائيل وتوعد نتنياهو بأنه سيرد على الاعتراف الدولى بتوسيع إقامة المستوطنات الإسرائيلية بالضفة الغربية تمهيدا لخطوات أخرى لم يكشف عنها.

لم يعد مواربة السياسيين ينفع ولم يعد الكلام المنمق يجدى ولم يعد بيع الكلام يفيد لشراء التفاؤل، المنطقة على حافة الخطر بسبب جنون وبلطجة رئيس الوزراء الإسرائيلى نتنياهو الذى ينتهج سياسة الحرق والتدمير، ولا يعرف أحد ماذا سيقوم به غدًا.

والسائد والمستمر هو أصوات الطائرات وأزيز المدافع وانفجار العبوات والعالم يشاهد ويترقب والمحرقة مستمرة ولا يوجد شىء اسمه الحياد فإما أن تكون مع الفلسطينيين أو أن تكون مع الباطل لأن كل شىء انكشف وأصبح واضحا ،ما قبل ضربة قطر يختلف عما بعدها.

عندما تعلن أمريكا صراحة أنها تعمل لصالح إسرائيل كيف نثق بأى طرح أمريكى هذا هو الحال الآن، ومن باب المكاشفة ورد الفعل عما جرى من أحداث سواء فى غزة - قطر - اليمن - سوريا، جاءت اتفاقية الدفاع المشترك بين السعودية وباكستان لتفتح الباب واسعا لتشكيل موازين القوى من الشرق الأوسط، ووصفت مراكز الأبحاث العالمية هذه الاتفاقية بأنها أداة ردع أكثر من كونها تحالفا عسكريا وهى تأتى فى لحظة التصعيد الإسرائيلى غير المسبوق مما يجعلها محاولة لإظهار بديل أمنى مستقل عن المظلة الأمريكية، والسؤال الآن هو هل تسمح أمريكا بخروج الخليج من تحت جناحها؟ وفى نفس الوقت هذه الاتفاقية رسالة سعودية أن هناك بدائل بعيدة عن الأمريكان ولا ننسى فى هذا الإطار استجابة السعودية للوساطة الصينية وإعادة العلاقات بينها وبين إيران منذ أكثر من سنتين.

ما نعيشه اليوم ليس مجرد أزمة أو محرقة إسرائيلية لغزة بل هو زلزال وجودى لابد أن ندرك أبعاده وكل شىء وارد لهذه المنطقة ،وعلى كل الدول العربية أن تعى كل الأحداث التى تمر بها وترصد وتعزز وتعضد الدور المصرى واستقلالية القرار المصرى الذى لا يقبل أي ضغوط ولا ابتزاز ،أو لى ذراع من أيِ كان ولا أحد يستطيع فرض الوصاية مع الالتزام باحترام القانون الدولى، مصر لها القدرة على الردع العسكرى وحفظ أمنها القومى والرعب والخوف والهلع الذى انتاب نتنياهو منذ أسبوع ترجمه فى شكواه لوزير الخارجية الأمريكى عندما كان يزور إسرائيل بأن مصر انتهكت اتفاقية كامب ديفيد بانتشار جيشها فى سيناء.

عمليًا يجب أن نقف وراء مصر ،ونرصد ما تقوم به من مواقف على الأرض وآخرها المناورات المشتركة بين مصر وتركيا واستقلال قرارها والمحافظة على ثوابتها، مصر هى ضمير العرب مصر العلا مصر بيت الأنبياء ودائمًا وأبدا عندما تتخذ مصر قرارًا أو اتفاقًا يلهث وراءها الآخرون حتى ولو بعد حين أو عدد من السنين.