موازنة الدولة تتحول إلى موازنة حرب

إسلام عبد الرسول
نتيجة نكسة 1967 عملت الخزانة العامة للدولة المصرية على استيعاب خسائر الاقتصاد المصرى والتى بلغت حوالى 11 مليار جنيه مصرى (ما يُعادل 25 مليار دولار بسعر الصرف المسجل فى هذه الفترة عند 2.3 دولار)، وفق تقديرات رئيس الوزراء الأسبق عزيز صدقى.
أيضاً خسرت الدولة نحو 80% من معداتها العسكرية؛ ما ضاعف احتياجاتها المادية لشراء معدات بديلة، إلى جانب الخسائر المسجلة فى إيرادات قناة السويس عند حوالى 95.3 مليون جنيه، وخسارة آبار البترول فى سيناء، وغيرها، وكنتيجة لتلك الخسائر، كان لا بد وأن تدخل الدولة المصرية مرحلة اقتصاد الحرب خلال الفترة من 1967 حتى 1973.
تحولت موازنة الدولة الى موازنة الحرب، وذلك من خلال التقشف وتوفير التمويل اللازم لاحتياجات القوات المسلحة من الأدوات الطبية والمواد الغذائية حال قيام الحرب، وتأجيل تنفيذ المشاريع التنموية طويلة المدى، وإجراء تخفيض جديد فى أنواع الإنفاق فى الدوائر الحكومية والقطاع العام، بما فى ذلك تخفيض اعتمادات السفر والمواصلات، ونفقات الأعياد والمواسم.
كما تم تخفيض مخصصات المياه والإنارة والنقل سواء بالسكك الحديدية أو وسائل النقل الأخرى بنسبة 10فى المائة، وخفض الاعتمادات المخصصة للأعياد والمواسم بنسبة 75فى المائة، ومراجعة مخصصات الصيانة لمرافق وزارات الرى والإسكان والبترول وهيئة البريد، وإعادة النظر فى مختلف المشروعات الاستثمارية الواردة فى موازنة 1973، مع تأجيل أى مشروعات لا تخدم أهداف المعركة.
ووفق الوثائق الرسمية وقتها قفز الإنفاق العسكرى المصرى من 481.8 مليون دولار إلى 1.243 مليار دولار بزيادة نسبتها 158.4فى المائة، كما ارتفعت نسبة الإنفاق العسكرى من الناتج المحلى الإجمالى من 6.68 فى المائة إلى 13.51فى المائة.
وقتها لم تجد الحكومة بدا من رفع أسعار السلع الكمالية وفرض الضرائب غير المباشرة، و الحد من الترقيات فى القطاع الحكومى وخفض الاستثمار المحلى الإجمالى عدا الموارد الادخارية المتاحة.
وطرح القطاع المصرفى المصرى العديد من الأوعية الادخارية الاستثمارية خلال الفترة بين 1967 و1973، كما طُرح ما يُعرف باسم «سندات الجهاد»، تحت شعار «شارك فى ملحمة النضال الوطنى»، فيما بلغت حصيلتها نحو 7 ملايين جنيه مصرى خصصت لاحتياجات القوات المسلحة والأمن القومى ولتلبية الإنفاق الدفاعى المتزايد بوتيرة مستمرة.
وبسبب طباعة المزيد من النقود، الأمر الذى أسهم فى رفع معدلات التضخم من 0.7 فى المائة خلال عام 1967 إلى 5.11 فى المائة خلال عام 1973 حاولت الحكومة مجابهة الموجة التضخمية من خلال تطبيق سياسات التسعير الإجبارى للسلع الأساسية حتى عام 1973، حيث أدارت الدولة الأسعار بجميع القطاعات الاقتصادية الرئيسة مثل المنتجات الزراعية والصناعية والسكنية، إلا إنها بدأت بعد انتهاء الحرب فى التخلى عنها تدريجيًا ليرتفع معدل التضخم إلى 10.02 فى المائة خلال 1974، و9.67 فى المائة خلال 1975.