
أيمن عبد المجيد
رسائل الرئيس السيسى للداخل والخارج من أكاديمية الشرطة
كل شىء يبعث الطمأنينة والأمل، بوقائع وإنجازات عملية، لا وعود وتصريحات سياسية.
بنفس مطمئنة واثقة من توفيق الله، بعد ما بُذل من جهد للأخذ بالأسباب والعمل الجاد، بعث الرئيس عبدالفتاح السيسى رئيس الجمهورية برسائل بليغة المضامين، شديدة الأهمية داخليًا وخارجيًا.
فى احتفالية أكاديمية الشرطة بيوم الخريجين التى تشرفت بحضورها أمس، كان الواقع يتحدث، من استعراض حرس الشرف، مرورًا بـ15 عرضًا قدمها الطلاب والخريجون، عكست القوة واللياقة البدنية، والكفاءة القتالية، والتناغم والتكامل والتنسيق والتطوير فى مجالات التأهيل والتسليح وصولًا إلى رسائل الرئيس البليغة.

كلمات الرئيس عبدالفتاح السيسى فاح منها عطر الإيمان بالله، ورحيق التفاؤل والثقة، التى تبعث الطمأنينة فى نفوس المصريين والأمل فى غد أفضل على كل المستويات، داخليًا، وفى مقدمتها الأوضاع الاقتصادية وخارجيًا، وعلى رأسها القضية الفلسطينية، والحرب فى غزة المُمتدة لأكثر من عامين.
«أطمئن الشعب المصرى على الأوضاع فى الداخل والخارج»، قالها الرئيس السيسى، شارحًا: «تجاوزنا تحديات وظروفا صعبة بفضل الله وبالله قبل كل شيء، وبتكاتف الشعب المصرى بالكامل، فمنذ عام 2013 وحتى الآن مرت علينا أوقات صعبة، وتحدى الإرهاب الذى تم التغلب عليه، والأمور تسير بشكل طيب بفضل الله وشعب مصر ومؤسساته وجيشه وشرطته».
وحدة الشعب المصرى وصلابته، هى الحصن المنيع للدولة المصرية يقول الرئيس: «لا يقلقنا أى تحدٍ أو تهديد، ما بقى الشعب متحدًا وصلبًا، فأى تحدٍ يمكن تجاوزه وأى خطر يمكن التصدى له».
ويوجه الرئيس خطابه للشعب المصري: «محدش يقدر يعمل شيء مع مصر خالص، لا نتعالى ولا نتفاخر متواضعين جدًا لله ولبلدنا، محدش يقدر طول ما المصريين متمسكين بوحدتهم وصلابتهم هذه هى الحكاية»، والواقع العملى أثبت ذلك، فالشعب المصرى صمد أمام كل التحديات الاقتصادية والأمنية بصبر وصلابة خلف قيادته.
اقتصاديًا.. يؤكد الرئيس السيسى: «موقفنا الاقتصادى يتحسن وبفضل الله التحسن مستمر مؤشراتنا تؤكد سنكون أفضل من وضعنا الحالى، لا أبالغ ولا أقول أوهام والله وهو قسم عظيم نسير بشكل كويس وكل يوم بنكون أفضل من اللى قبله».
وهنا يراهن الرئيس على الشباب فى المستقبل، وعلى التطور المستمر يقول: «مفيش بلد تقول خلصنا وانتهت كل مشاكلنا، بل العمل والتطور والإصلاح مستمر».
خارجيًا.. شدد الرئيس على أن مصر تبذل كل ما يمكن من جهد، لإحلال السلام، ودعم الأشقاء بالتفاعل الإيجابى مع القضية الفلسطينية ليس فى أزمة الحرب على غزة فقط بل على مدار تاريخ القضية الفلسطينية.
وعن مفاوضات وقف إطلاق النار التى تجرى فى شرم الشيخ قال الرئيس السيسى: «تجرى مفاوضات الآن فى شرم الشيخ لإنهاء الحرب، وأسجل بكل تقدير واحترام شديد موقف الرئيس ترامب وإرادته الحقيقية لإنهاء الحرب».
وأضاف الرئيس السيسى: يشارك فى المفاوضات التى تجرى الآن وفود مصرية وأمريكية وقطرية ومن حركة حماس، وبالطبع من إسرائيل، هناك إرادة حقيقية لإنهاء الحرب، وما وصلنا عن مجرياتها كلام مشجع جدًا.
وأشاد الرئيس السيسى بموقف الرئيس دونالد ترامب، قائلًا: الرئيس ترامب أرسل مبعوثين مهمين جدًا مع تكليفهم بالعمل على التوصل لاتفاق إنهاء الحرب. وما وصلنا كلام مشجع جدًا يعكس إرادة قوية من الرئيس ترامب لإنهاء الحرب.
وشدد الرئيس السيسى على أهمية انتهاز هذه الفرصة موجهًا رسالة للرئيس ترامب: «سيادة الرئيس استمرّ فى دعمك وإرادتك لإنهاء الحرب وسيكون رائعا جدًا حال التوصل إلى اتفاق إنهاء الحرب أن تحضر توقيع الاتفاق فى مصر».
وأعلن الرئيس أنه سيوجه دعوة للرئيس ترامب لحضور توقيع اتفاق وقف الحرب، مضيفًا: إيقاف الحرب وإطلاق سراح المحتجزين وإدخال المساعدات وإعادة الإعمار، سيكون حل الدولتين فرصة أكبر وإن شاء الله ربنا يكمل الجهود المبذولة بالخير.
وبعث الرئيس برسالة شكر لشعب مصر، لصموده ما مكّن الدولة من عبور التحديات، مشيدًا بوعى الشعب المصرى الذى أحبط محاولات الأشرار الذين راهنوا على استغلال الظروف الصعبة لإيذاء مصر، مشددًا «لم أقلق أبدًا لثقتى فى شعب مصر الكريم العظيم».
وهنا إشارة واضحة إلى أن وعى المصريين المتنامى الذى أثمرته التجربة ومعايشة التحديات والتفافه خلف قيادته، كان العامل الأهم فى إحباط المخططات المعادية، ويشير الرئيس إلى التطورات والأزمات الإقليمية ودورهما فى الأزمات الاقتصادية فقناة السويس وحدها فقدت من عوائدها 9 مليارات جنيه نتيجة التوترات فى البحر الأحمر.. وباتت خبرات الشعب المصرى وتجربته فى الصمود يمكن أن تنقل إلى شعوب أخرى.
ووجه الرئيس رسالة إلى الخريجين الجدد: «أنتم الآن تتحملون مسئولية حماية أمن الوطن بعد أن تم إعدادكم وتدريبكم وتأهيلكم، وأرجو أن تكونوا قدوة جميلة متمنيًا لكم كل التوفيق».
ولأسر خريجى أكاديمية الشرطة: «أشكركم لما قدمتموه لمصر، فقد كنتم عونًا لأبنائكم فى مسيرتهم».. وكان الرئيس قد استهلّ كلمته بحمد الله رب العالمين على كل يوم يمر بأمان وسلام على مصر.
وفى لقاء الرئيس السيسى مع كبار رجال الدولة وعدد من رؤساء التحرير والإعلاميين، على مائدة إفطار عقب الحفل، فتح الرئيس نقاشا، أوضح خلاله العديد من النقاط بالغة الأهمية، فدعا الرئيس للبحث عن الإيجابيات ونقاط الاتفاق وتجنب ما يثير الخلافات؛ عزز قدرتك يقول الرئيس ولا تسير خلف انطباعات قد تكون مغايرة للواقع.
وحول سؤال عن الضغوط التى تعرض لها الرئيس فى السنوات الماضية: أجاب الرئيس: «أقول الضغوط ليه علشان أبقى بطل يعني؟! أطلب التوفيق من الله صاحب التوفيق».
وحول التحولات الناجمة عن العدوان على الدوحة: قال الرئيس قرار خاطئ أساء من اتخذه التقدير، وتسبب فى حدوث قلق وعدم ثقة، لكن التطورات التى أعقبته، عززت من إرادة وقف الحرب لوقف نزيف الخسائر.
وشدد الرئيس على فشل مخطط التهجير - الذى كان الرئيس السيسى أول من حذر منه فى الثامن من أكتوبر 2023 - ليضيف أمس: كان شديد الخطورة على الأمن القومى المصرى وعلى القضية الفلسطينية، والحمد لله أن هناك إرادة الآن لوقف الحرب.. مصر تعمل دائمًا لإفشاء السلام وتعزيز قدرة الأشقاء فى فلسطين على البقاء والصمود فى أرضهم.
وحول مسارات الدولة المصرية فى التعاطى مع المتغيرات الدولية: شدد الرئيس أنت لست وحدك فى العالم وإذا لم تكن حسابات الدولة دقيقة، يمكن أن تضر نفسها، مشيرًا إلى أن من يراعون الله فى الحكم ليسوا كثيرين، فقط من لا يهمه الكرسى قراره يختلف مشددًا: «اللى يهمنى هو يوم أن أقف أمام الله سبحانه وتعالى ماذا سأقول؟ لا يهمنى الكرسى ولا ماذا سيكتب التاريخ والله يعلم صدق ما فى نفسى».
فى هذا اللقاء تحدث الرئيس السيسى بنزعة إيمانية عميقة، فهو يراعى الله فى قراراته وما يخدم الوطن، وفق فهمه ورؤيته للأوضاع والتحديات وقدرة استشرافية، كان نموذجًا لها إدراك ما وراء الحرب فى غزة من مخطط تهجير أحبطه تصدى مصر.. وصمود الشعب الفلسطينى.
وغيرها من التحديات والقرارات التى اتخذت لمصلحة الوطن، انطلاقًا من رؤية ومراعاة لله عز وجل، وهنا يشدد الرئيس على أهمية «الرشد»، فى اتخاذ القرارات أى الفهم الصحيح، داعيًا الله أن يرزقه اليقين.
وحول مستقبل الدولة المصرية وما تشهده من إصلاحات، أشار الرئيس إلى أن السنوات السابقة شهدت عملية ترميم لما نجم عن الأزمات السابقة، ويجرى العمل على التطوير المستدام وفق برنامج ممتد يستند إلى ثلاثة أعمدة: الأول إتاحة مناخ حرية حقيقى يبنى لا يهدم ولا ينتهك حقوق الآخر.
والثانى: عملية تطوير مستمرة لا تنتهى بجيل ولا تتوقف عند عصر، أو ترتبط بوجود شخص، تطوير وتعظيم مستدام لقدرات الدولة ممتد لما بعدنا.
والثالث: الحفاظ على وحدة الشعب المصرى كتلة لا يُسمح لأحد باستخدامه لهدم بلده، فقد نجى الله مصر من الدمار فى عام 2011، ومن يرد أن يدرك ماذا لو لم تنج مصر فلينظر حوله ليدرك ما آل إليه غيرنا.
تلك المرتكزات الثلاثة، التى يشير إليها الرئيس للإصلاح المستدام، تشهد آليات تنفيذية على أرض الواقع، مقدمًا نموذجًا دعا فيه الفريق أشرف سالم زاهر مدير الأكاديمية العسكرية للحديث عنه، يجرى تنفيذه على مدار ست سنوات، ويتلخص فى التأهيل ورفع الكفاءة للعاملين فى مختلف الوزارات.
تدريب بإقامة كاملة فى الأكاديمية العسكرية لنماذج منتقاة بمعايير علمية، تدرس ستة أشهر بحد أدنى ببرنامج متكامل تشمل تخصصات العمل الذى سيلتحق به إلى جانب الانضباط والحفاظ على اللياقة البدنية، لضخ دماء لشرايين وزارات الخارجية والتربية والتعليم وغيرها من الوزارات، وثمار ذلك لا تظهر بشكل مباشر بل عمل متكامل بنظرة إصلاحية لرفع كفاءة القدرة البشرية لمؤسسات الدولة.
فخطة تطوير المؤسسات يجرى العمل عليها بهدوء وآليات علمية لتحقق النمو والإصلاح المستدام.
وحول ثبات موقف الدولة من تنظيم الإخوان الإرهابى أوضح الرئيس: «أى أحد يميز نفسه على أساس دينى لا مكان له معى».. لا جماعات ولا تيارات فمن الذى قال لهؤلاء إنهم على حق، وعندما جئت وزيرًا للدفاع قلت لهم لن أكون إخوان ولا سلفى.. مسلم فقط.
وشدد الرئيس على أن الفهم الصحيح للدين، لا يستهدف حماية النظام بل حماية الدين من المتطرفين وحماية حرية الاعتقاد، مسئولية المؤسسة الدينية إسلامية ومسيحية أن يعرف الناس خالقهم عظيم السماوات والأرض.
فى ساحة الميدان كان نموذج ما تشهده مصر من تنامى القدرة، فى شرم الشيخ تجرى مفاوضات إنهاء الحرب برعاية مصرية، وفى أكاديمية الشرطة تضخ دماء جديدة فى شرايين أجهزة الأمن الشرطية، وبالأمس فوز الدكتور خالد العنانى مديرًا لمنظمة اليونسكو باكتساح 55 صوتًا من إجمالى 57 دولة شاركت فى التصويت.
عبارة «لأول مرة» سمعتها كثيرا فى حفل تخرج طلاب أكاديمية الشرطة، ما بين مهارات الطالبات مع الطلاب وتقديم عروض الكفاءة القتالية ونماذج لاقتحام البؤر الإجرامية، وما بين أجهزة ومعدات حديثة منها الكلب الروبوت والمدرعات التى تستخدم فى المناطق الضحلة وإسكات النيران وفتح الثغرات ما يعظم تحقيق المستهدفات دون خسائر بشرية فى القوات.
وعن هذا التطوير الدائم فى المناهج وبرامج التدريب والمعدات لمواجهة التحديات الأمنية تحدث اللواء محمود توفيق وزير الداخلية، مشددًا على ثوابت الاستراتيجية الأمنية فى التصدى الحاسم لمختلف أنواع الجريمة، ورصد وتتبع مخططات وتحركات التنظيمات الإرهابية، وما تستخدمه من وسائل حديثة للتواصل وما تستخدمه من آليات الشائعات ومحاولات تزييف الوعى أملًا فى العودة للمشهد ولو على جسد الوطن.
وأشار وزير الداخلية إلى ما شهدته الأكاديمية من تطوير فى السنوات العشر الأخيرة من إعادة هيكلة المناهج ومنظومة التدريب وإدخال مواد الذكاء الاصطناعى وترجمة الفكر العلمى فى الواقع العملى، وقبول طلاب الحقوق والتربية الرياضية ودراسة اللغات الأجنبية، والأمن السيبرانى لمواكبة آفاق التطور وتعزيز القدرات الأمنية.
فى الحفل الرائع كانت أعلام 14 دولة خلف علم مصر فى طابور العرض بما يعكس الدور المصرى فى تأهيل المبعوثين 27 خريجا من 14 دولة عربية وإفريقية وآسيوية، وفى ساحة العرض كتب الطلاب بأجسادهم 1975 - 2025، اليوبيل الذهبى، فقد مر 50 عامًا على صدور قانون إنشاء أكاديمية الشرطة لتواصل دورها فى ضخ دماء جديدة فى شرايين وزارة الداخلية.
تحية لأرواح الشهداء، ومباركة للخريجين وأسرهم، وكل عام ومصر وجيشها وشرطتها فى عزة وتقدم ونصر فى أكتوبر شهر الانتصارات منذ السادس من أكتوبر 1973.
حفظ الله مصر قيادة وشعبًا ومؤسسات..