الجمعة 31 أكتوبر 2025
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد

تسلق الساتر الترابى بسلالم بحبال

عقيدة النصر هيأت الجندى ليستمر حتى 12 سنة

حمدى بخيت
حمدى بخيت

تظل الفكرة المتفردة قادرة على فتح باب لا تفتحه ألف قوة.. هكذا أكد اللواء حمدى بخيت أحد أبطال أكتوبر والخبير العسكري: فكرة النصر لم تُبنَ على حدث واحد، بل على طريقة تفكير كاملة، وعلى أساليب غير نمطية فى التخطيط، وعلى واقعية التنفيذ، وبناء الكوادر، والتدريب المستمر. النصر لم يكن مصادفة، ولم يكن وليد لحظة، بل نتيجة لنمط متكامل من إدارة الحرب. سر النصر كان فى القدرة على اختراق الخصم وإفقاده عنصر الإنذار، وهو ما حدث بالفعل، فتحققت المفاجأة وحُرم العدو من المبادأة. ويتابع اللواء بخيت: إذا أخذنا مثالًا على عدم نمطية التخطيط، سنجد أسلوب فتح الثغرات فى الساتر الترابى، أو تسلق الساتر بسلالم مصنوعة من الحبال رغم ثقلها الكبير، أو بناء الكبارى فى توقيت مثالى للتغلب على سرعة الطيران الإسرائيلى، أو حتى أسلوب قفل فتحات النابالم حتى لا تحرق سطح القناة والقوارب التى نعبر بها.  هذه كلها أساليب غير تقليدية، وحققت المفاجأة وإذا ملكت المفاجأة، امتلكت زمام المبادأة وجعلت العدو فى موقع رد الفعل لا الفعل”.



ويضيف: عبقرية إفقاد العدو الإنذار لم تأتِ فقط من القوات المسلحة، بل من خطة خداع استراتيجى شملت الدولة بأكملها، وزارة الإعلام لعبت دورًا، وزارة الخارجية لعبت دورًا، والقوات المسلحة لعبت دورها. 

كان التخطيط متناغمًا، كل أجهزة الدولة مشاركة، والسرية كانت عالية لدرجة أن كل طرف لم يكن يعرف أكثر مما يلزمه. هذه السرية المحكمة كانت أحد أسرار المفاجأة. ويصمت قليلًا قبل أن يستأنف: الانفتاح الزائد فى المعلومات لا يؤدى إلا للانكشاف والخراب، بينما السرية المحكمة هى التى صنعت الفارق. كذلك كان الاعتماد على بناء الكوادر أمرًا محوريًا. 

فلنتخيّل أن هناك جنودًا خدموا منذ حرب اليمن وخرجوا عام 1974، أى أنهم قضوا أكثر من 12 سنة فى الخدمة! الحفاظ على معنوياتهم وروحهم القتالية وحالتهم النفسية للحرب لم يكن أمرًا سهلًا، لكنه تحقق بفضل إعداد نفسى ومعنوى وعملى دقيق وهو ما صنع عقيدة النصر.

ويقول اللواء بخيت: القدوة الضابط لم يكن ينزل إجازة أكثر من عساكره، كان يعيش معهم تحت الأرض، يأكل مما يأكلون، ويتدرب كتفًا بكتف. بل كان الضابط مطالبًا أن يؤدى أداءً يفوق أداء جنوده حتى يثبت جدارته بقيادتهم. كنا ملازمين صغارًا نقود جنودًا خدموا 12 سنة، ولم يكن هذا ممكنًا إلا إذا أثبت الضابط تفوقه العملى والإنسانى. القيادة لم تكن أوامر فقط، بل كانت قدوة وفنًا فى التعامل.

ثم يضيف بنبرة هادئة: البعد الإيمانى والإنسانى كان حاضرًا بقوة.. الأئمة والمفكرون قاموا بجولات لرفع الروح المعنوية، والفن والإعلام الناضج لعبا دورًا مؤثرًا فى شحذ الهمم. كانت منظومة دولة بأكملها تعمل بتناغم، لا أحد يعمل بمفرده. 

وهنا لا بد أن نذكر رجالًا عظماء مثل عبدالقادر حاتم وزير الإعلام، ومحمد فايق وزير الثقافة. هؤلاء نجحوا فى تجنيد كل قدرات الدولة لخدمة معركة المصير. وهكذا، انتصرت مصر فى أشرف معاركها، بتكاتف جيشها وشعبها.