قائد القوات البحرية: امتلاك مصر لقوة بحرية حديثة ومدربة عنصر ردع استراتيجى يضمن أمن واستقرار الوطن

فى الحادى والعشرين من أكتوبر، يقف الوطن إجلالًا لذكرى المجد الخالد ويوم العزة الوطنية الذى سطّره رجال القوات البحرية المصرية عام 1967 بإغراق المدمّرة الإسرائيلية «إيلات»، فى أول عملية من نوعها فى التاريخ العسكرى تُستخدم فيها صواريخ «سطح/سطح» من لنشات صغيرة لتدمير وحدة بحرية ضخمة، إذ لم يكن مجرّد انتصار تكتيكى، بل تحوّل استراتيجى أعاد رسم مفاهيم القتال البحرى فى العالم، وأعاد للأمة العربية ثقتها بنفسها بعد نكسة يونيو، مثبتًا أن العقيدة القتالية المصرية قادرة على تحويل الهزيمة إلى نصر، والضعف إلى قوة وذلك بعزيمة رجالها الذين لا يعرفون إلا النصر أو الشهادة.

من جانبه، أكد اللواء بحرى أ.ح. محمود عادل فوزى، قائد القوات البحرية، أن هذا اليوم سيبقى شاهدًا على بطولة رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه، مضيفًا: «فى ذلك اليوم المجيد، أطلقت صواريخ الحق فى عرض البحر، فحطّمت حاجز الهزيمة بإغراق المدمّرة (إيلات) أمام سواحل بورسعيد الباسلة، لتؤكد للعالم أن قواتنا المسلحة قادرة على مواجهة أى تحدٍ لحماية الوطن وصون سيادته.

وأوضح قائد القوات البحرية خلال وقائع المؤتمر الصحفى الذى عقد بمقر قيادة القوات البحرية للاحتفال بتلك المناسبة، أن عملية «إيلات» مثّلت نقطة تحول فى الفكر البحرى العالمى، حيث برهنت على أن البحار مهما اتسعت لا تُرهِب قلوب الرجال، إذا امتلأت بالإيمان والعزم والإخلاص للوطن.

مسيرة لا تعرف التوقف

وحول تطور القوات البحرية قال قائد القوات: إن القيادة العامة للقوات المسلحة، وبدعم كامل من القيادة السياسية، أولت اهتمامًا بالغًا بتطوير البحرية المصرية على أسس علمية واستراتيجية شاملة، فى ظل ما يشهده العالم من متغيرات متسارعة وتحديات أمنية معقدة، حيث شمل هذا التطوير إنشاء بنية تحتية بحرية متكاملة فى مختلف القواعد والموانئ، والتوسع فى مجالات التصنيع العسكرى المحلى، وامتلاك وحدات بحرية حديثة ذات توازن قتالى عالٍ ومزوّدة بأحدث نظم التسليح العالمية، مما جعل القوات البحرية المصرية واحدة من أقوى وأكثر الأساطيل تطورًا وتنظيمًا فى الشرق الأوسط.

الفرد المقاتل.. الركيزة الأساسية

وحول تطوير الفرد المقاتل فى ظل التكنولوجيا الحديثة وتطورها المستمر، أكد اللواء فوزى أن الفرد المقاتل هو الثروة الحقيقية ومحور القوة فى القوات البحرية، حيث يتم اختياره وفق معايير صارمة تشمل الكفاءة البدنية والعلمية والأخلاقية، مع الحرص على تنمية مهاراته وتطوير قدراته باستمرار عبر برامج تدريبية واقعية ومحاكاة قتالية متطورة، مضيفًا أن التدريب الجاد والاحترافية العالية هما ما يصنعان الفارق الحقيقى فى الميدان، علاوة على أن القوات البحرية اكتسبت سمعة دولية متميزة بفضل جاهزيتها وقدرتها على تنفيذ المهام بدقة واحتراف فى الداخل والخارج.

تحولات الحروب الحديثة

وعن التطور فى الفكر العسكرى الحديث، شدد قائد القوات البحرية، على أن هناك تطورات فى الفكر العسكرى الحديث، خاصة أن الحروب الحديثة لم تعد تعتمد فقط على القوة النيرانية، بل على تحقيق أعلى تأثير بأقل تكلفة ممكنة، من خلال المُسيّرات والأنظمة الذكية، والدمج بين التكنولوجيا والقيادة البشرية فى ساحة العمليات، مشيرًا إلى أن طبيعة الصراعات الجغرافية تحدّد شكل المواجهة، إذ إن المعارك ذات الحدود البحرية المشتركة تختلف جذريًا عن الصراعات غير المباشرة، كما فى بعض مناطق البحر المتوسط أو المواجهات البحرية بين إسرائيل وإيران.

درع الأمن والاستقرار

وحول دور القوات البحرية فى حماية الأمن القومى، أوضح اللواء فوزى أن مصر دولة بحرية بامتياز، تمتلك سواحل ممتدة على البحرين المتوسط والأحمر، إضافة إلى موقعها الجغرافى الفريد الذى يحتضن قناة السويس، أهم ممر مائى فى العالم، مؤكدا أن القوات البحرية هى ركيزة رئيسية للأمن القومى المصرى، وتضطلع بدور محورى فى حماية مقدرات الدولة وضمان أمن الملاحة البحرية، فضلًا عن أن امتلاك مصر لقوة بحرية حديثة ومدربة يُعد عنصر ردع استراتيجى يضمن أمن واستقرار الوطن.

رسالة القائد لرجال البحر

وتوجّه قائد القوات البحرية بتحية فخر واعتزاز إلى الضباط وضباط الصف والجنود والعاملين المدنيين فى صفوف البحرية المصرية، مؤكدًا أنهم يواصلون الليل بالنهار حفاظًا على أمن سواحل الوطن وصون مقدراته، ملتزمين بالقوانين والأعراف الدولية فى تأمين المياه الإقليمية والاقتصادية.. وقال قائد البحرية: «نُجدّد العهد أمام الله والوطن أن نظل على العهد، متمسكين بقيم الانضباط والولاء والإخلاص، أوفياء لتضحيات الشهداء الذين رووا تراب الوطن بدمائهم الطاهرة»، مختتمًا  بالدعاء لشهداء الوطن الأبرار، سائلًا الله أن يحفظ مصر وشعبها العظيم، وأن يديم على قواتها المسلحة عزّها وقوتها، لتظل دائمًا درعًا للأمة وسندًا.