الأحد 2 نوفمبر 2025
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد

طريق 30 مليـون سائح يبدأ من هنا

فى الأول من نوفمبر المقبل، تتجه أنظار العالم إلى منطقة الأهرامات بالجيزة، عبر المتحف المصرى الكبير، ذلك الحدث الثقافى والسياحى الأضخم فى القرن الحادى والعشرين، الذى لا يمثل مجرد افتتاح لمتحف، بل انطلاقة جديدة لخريطة السياحة المصرية نحو تحقيق هدف طموح يتمثل فى جذب 30 مليون سائح سنويًا خلال الأعوام القليلة المقبلة.



فمنذ سنوات، وضعت الدولة خطة متكاملة لتحويل مصر إلى وجهة سياحية عالمية متفردة تجمع بين الأصالة والتجربة الحديثة، ويأتى المتحف الكبير كأيقونة هذه الخطة، إذ إن مساحته التى تتجاوز نصف مليون متر مربع، وتصميمه المعمارى الفريد المطل على أهرامات الجيزة، يعد مركزًا عالميًا لعرض كنوز الحضارة المصرية القديمة، وفى مقدمتها المجموعة الكاملة لتوت عنخ آمون التى تعرض لأول مرة فى مكان واحد، ما يضمن جذب ملايين الزوار من مختلف أنحاء العالم.

لكن الرهان الحقيقى، لا يقف عند جدران المتحف، بل فى الزخم الترويجى العالمى الذى يواكب الافتتاح، إذ أطلقت مصر حملة دعائية ضخمة فى أكثر من 40 سوقًا سياحية، بالشراكة مع كبرى شركات التسويق والسفر العالمية، للترويج لافتتاح المتحف باعتباره حدثًا عالميًا يتجاوز حدود السياحة الثقافية، ليصبح رمزًا لنهضة مصر الحديثة، وقد جرى إعداد خطة تسويقية تعتمد على المحتوى الرقمى والتجارب التفاعلية، ومقاطع الفيديو المبهرة التى تستعرض رحلة الحضارة المصرية من الماضى إلى المستقبل.

بالتوازى مع هذا الحدث التاريخى، تلعب السياسة الخارجية المصرية دورًا حاسمًا فى دعم قطاع السياحة، فنجاح القاهرة مؤخرًا فى رعاية اتفاقية السلام فى شرم الشيخ، وقيادتها لجهود وقف الحرب فى غزة، أكسبها احترامًا دوليًا واسعًا، وأعاد تأكيد دورها كمحور للاستقرار الإقليمى، كما أن قمة مصر والاتحاد الأوروبى الأخيرة وضعت مصر فى صدارة شركاء القارة الأوروبية فى ملفات التنمية والهجرة والطاقة، وهو ما انعكس إيجابًا على نظرة الأسواق السياحية الأوروبية لمصر كوجهة آمنة ومستقرة.

خبراء السياحة والاقتصاد، يؤكدون أن هذه التحركات الدبلوماسية والسياسية لا يمكن فصلها عن خطة جذب نحو 30 مليون سائح، فالسياحة تحتاج قبل أى شىء إلى الاستقرار والثقة الدولية، وهما عنصران تعمل مصر على تعزيزهما داخليًا وخارجيًا، ومن هنا تتكامل جهود الدولة على المحاور الثلاثة «الحدث الثقافى العالمى ممثل فى المتحف المصرى الكبير، التحرك السياسى الذكى عبر اتفاقيات السلام والتعاون الدولى، والتوسع الاستثمارى السياحى من خلال البنية الفندقية والشراكات العالمية».

وحول افتتاح المتحف المصرى الكبير، يوضح محمد كارم، الخبير السياحى، أن هذا الحدث يمثل محطة فارقة فى مسار صناعة السياحة المصرية الحديثة، مشيرًا إلى أن الافتتاح لا يعد مجرد فعالية ثقافية أو سياحية كبرى، بل هو أبرز حدث عالمى خلال العام يعكس قدرة الدولة المصرية على تنفيذ مشروعات حضارية كبرى تليق بعظمة تاريخها ومكانتها العالمية.

ويقول «كارم»: «إن التغطية الإعلامية الدولية المكثفة والحملات الترويجية المصاحبة للافتتاح تمثل دفعة قوية لخطة الدولة فى جذب 30 مليون سائح خلال السنوات المقبلة»، مشددًا على أن هذا الزخم يسهم فى تعزيز صورة مصر كوجهة سياحية متكاملة تجمع بين الأصالة والتطوير.

ويتابع الخبير السياحى: «أن الدور الإقليمى والدولى المتنامى لمصر، الذى تجسد فى رعايتها لاتفاقية السلام من شرم الشيخ ووقف الحرب فى غزة، فضلًا عن استضافتها لقمة مصر والاتحاد الأوروبى، يعزز من مكانة مصر السياسية والإنسانية على الساحة الدولية، ويرسخ صورتها كدولة آمنة ومستقرة، وهو ما يمثل عاملًا حاسمًا فى قرارات السفر واختيار المقاصد السياحية».

كما يشير إلى أن البنية التحتية للسياحة المصرية شهدت طفرة كبيرة خلال السنوات الأخيرة، موضحًا أن مصر تمتلك حاليًا نحو 230 ألف غرفة فندقية، بينما تستهدف الدولة رفع هذا العدد إلى 500 ألف غرفة بحلول عام 2030، فى إطار خطة طموح تهدف إلى استيعاب الأعداد المتزايدة من السائحين وتقديم خدمات متنوعة تلبى مختلف الفئات والجنسيات.

وعن جذب الشركات العالمية فى هذا المجال، ينوه «كارم» بأن اتفاق شركات فندقية عالمية مثل «صن رايز» و»ماينور» على افتتاح 50 فندقًا جديدًا فى مصر يعد دليلًا قويًا على ثقة المستثمرين الدوليين فى مستقبل السياحة المصرية، وخطوة نوعية نحو تعظيم الطاقة الاستيعابية ورفع جودة المنتج السياحى وفق المعايير الدولية، مؤكدًا أن إدخال علامات فندقية عالمية كبرى إلى السوق المصرية يعكس أن مصر تسير بخطى واثقة نحو تحقيق هدفها الاستراتيجى بجذب 30 مليون سائح، من خلال رؤية تجمع بين الترويج الذكى والعمق السياسى فى آن واحد.

من جانبه، يؤكد الدكتور وليد جاب الله، الخبير الاقتصادى، أن المتحف المصرى الكبير يمثل درة التاج فى منظومة المقاصد السياحية الجديدة بمصر، لافتًا إلى أن الدولة استطاعت خلال السنوات الماضية بناء منتج سياحى متكامل ومتنوع، تمثل فى افتتاح متحف الحضارة،