الإثنين 6 مايو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد

أزهريون يردون على فكر داعش

أزهريون يردون على فكر داعش
أزهريون يردون على فكر داعش




حذر علماء الأزهر الشريف من الأفكار التى يروجها تنظيم «داعش» الإرهابى، مؤكدين فى الندوة الموسعة التى نظمتها الرابطة العالمية لخريجى الأزهر أن الادعاءات الكاذبة التى يروجها التنظيم حول «نهاية العالم» تزييف للحقائق وأنه ﻻ يوجد حديث معتمد يحدد نهاية العالم وﻻ ما مضى من عمر الدنيا إلى الآن وكل الروايات المصحوبة بتحديدات زمانية هى إما إسرائيليات أو أحاديث ضعيفة.
وقالوا إن الدواعش يقرأون بعض النصوص فيحتكرونها، مؤكدين أن داعش فكر تكفيرى يبدأ بتكفير المخالفين ولا يتورع فى إطلاق صفة التكفير على الناس جميعا، وأنهم يحتلون العقول بالأفكار المغلوطة.
وطالبوا بالحذر من مداخل أفكار التنظيمات الإرهابية، لافتين إلى أننا أمام عقليات نشأت بفكر فلسفات الموت وحتمية الصدام وفكر الحداثة المشبع بفكر الموت.
وقال الدكتور محمد عبدالفضيل القوصى عضو هيئة كبار العلماء ونائب رئيس مجلس إدارة الرابطة العالمية لخريجى الأزهر: عندما أرى الفتن التى يمر بها المسلمون أتذكر دائما الكلمة الحكيمة التى أوردها ابن عبد البر فى جامع بيان العلم وفضله، والتى نقلها عن الأوزاعى، وهى «إذا أراد الله أن يحرم عبده بركة العلم ألقى على لسانه بالأغاليط»، فإذا رأيت فردا أو جماعة تقول الأغاليط فاعلموا أن الله حرمهم بركة العلم».
وأضاف «القوصي» هؤﻻء يتركون القواطع الواضحات، وينغمسون فى المتشابهات والمئوﻻت يفتون الناس بها كى يلفتوا اﻹعجاب وليتنازع الناس حول تلك الأغاليط وتتوه بوصلة اﻷمة عن اﻷمور الجوهرية والمهمات واﻷصول، موضحا أن ما تثيره جماعات العنف، التى تتمسك بكل ما يثير اﻻختلاف والنزاع تهدف إلى البلبلة وتفريق اﻷمة، وان «الدواعش» عقليات نشأت بفكر فلسفات الموت وحتمية الصدام.
وقال الدكتور أحمد معبد، عضو هيئة كبار العلماء وأستاذ الحديث وعلومه بجامعة الأزهر، إن ما تدعيه جماعة داعش الإرهابية من قضية نهاية العالم، كظهور المهدى وغيره كذب وافتراء، مشيرا إلى أنه لا يوجد حديث معتمد يحدد ما مضى من عمر الدنيا حتى الآن، ولا يوجد حديث معتمد يحدد موعد يوم القيامة، وإذا ذكر فإنه من الإسرائيليات ومن الأحاديث الموضوعة ومنها الذى حدد أن القيامة بعد سبعة آلاف عام، منوها إلى أن هناك آيات أوضحت أن ما بقى من عمر الدنيا أقل مما مضى ولكن المتبقى ومحاوﻻت تحديد وقته فهو دجل ﻻبد أﻻ يخيل على شبابنا، وأن النصوص الواردة فى مسألة نهاية العالم التى صحت فى السنة النبوية والقرآن الكريم واضحة، والإشكال يدخل فى تنزيل هذه النصوص على واقعة معينة.
‌وأكد الدكتور أحمد معبد أن التنظيمات المتطرفة فى سبيل الغاية تستحل المحرمات، ومنها إدخال الأسلحة فى نعوش الموتى إلى الحرم المكي، حيث استحلت الجماعات المتطرفة الحرم وأدخلوا أسلحة للحرم المكى فى أحد الأعوام بدعوى مناصرة «المهدى» الذى سيخرج آخر الزمان، اعتقادا منهم بأنها نهاية العالم، ولكنها مجرد خرافات.
وأشار إلى أن مروجى تلك الأفكار يجدون فى الجهل تربة خصبة للترويج لأفكارهم، وأن نهاية العالم ذكرت فى القرآن الكريم بقوله تعالى «اقتربت الساعة» ولم يتحدد موعدها بالضبط وكل من يقول أن هناك أحاديث تحدد نهاية العالم غير صحيح، مضيفا، أن الرسول صلى الله عليه وسلم أمرنا عند ظهور الفتن أن نتجنبها، مؤكدا أن هؤلاء الداعشيين أنفسهم من علامات الساعة، فهم الذين أكثروا القتل دون أى جريرة أو مستند، وهم قد خرجوا بهذه الفرية الآن لأن مراحلهم التى كانوا يقتلون بها الناس قد حُكمت، فظهروا بهذه الدعوى ليشغلوا الناس عن أفعالهم.
وأضاف أن البعض يطالب بتنقية أحاديث الفتن وعليهم قراءة تنقية العلماء لها، فكل الأحاديث المدخولة على السنة تحدث عنها العلماء، ومنهم من قال بأن الإسناد من الدين أنها منقاة وما عليهم إﻻ العودة للعلماء وعدم التهجم على الدين واﻷصول وحذر عضو هيئة كبار علماء الأزهر شباب الأمة من الانجراف إلى الأفكار المتطرفة وأن يكونوا فى حالة يقظة، حتى لا تنطلى عليهم الدعاوى التى تنطلق باسم الدين للسيطرة على العقول، لتشغلها عن صحيح دينها بروايات وأحداث ملفقة.
وقال الدكتور أسامة الأزهرى، عضو الهيئة الاستشارية لرئيس الجمهورية، أستاذ الحديث بجامعة الأزهر والمشرف العام على مكتب رسالة الأزهر، إن الوظيفة الأولى للمدارس العلمية الكبرى أن تكون بمثابة العيون التى ترى الأمة من خلالها الخطأ من الصواب، بدءا من الازهر الشريف والزيتونة فى تونس وغيرهما، وما نحن فيه الآن نموذج لرصد العلم لنازلة من النوازل وفكرة من الأفكار، لنرى ما فيها من خلط على فهم الإسلام وعلمه وصحيح تفصيله.
أضاف إن الدواعش يقرأون بعض النصوص فيصرفونها إلى أنفسهم، ويقومون باحتكارها، ومنها احتكار الاسلام لهم فقط، واحتكار النصوص لذواتهم، وهو نفس الفكر الإخوانى الذى يحتكر الدين.. ففكر داعش فكر تكفيرى يبدأ فى تكفير المخالفين ولا يتورع فى إطلاق صفة التكفير على الناس جميعا.. والدواعش يحتلون العقول بالأفكار المغلوطة».
وأوضح أن فلسفة سيد قطب وأبو بكر البغدادى واحدة، وتابع: «إننا أمام عقلية نشأت بفكر فلسفات الموت وحتمية الصدام وغيرها فنحن أمام فكر الحداثة المشبع بفكر الموت.. محذرا الشباب من تلك المداخل»، مضيفا: «فلسفات الموت والنهاية ليست من الإسلام فالإسلام ليست من نسقه تلك الفلسفات، حيث إن القرآن الكريم شديد الحرص على عدم انشغال الناس بقيام الساعة». وأشار إلى أن الساعة من مفاتيح الغيب الخمسة، التى لا يعلمها إلا الله، فالتشوق لمعرفة أحداث النهاية غريب عن الإسلام، مشيرا إلى أن فكر الإسلام هو فكر الإحياء.
‌وقال إن قضية الانشغال بالساعة ونهاية التاريخ مغاير تمامًا لنسق القرآن الكريم، ومن ذلك ما ورد فى السنة بسؤال أحد الناس لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن الساعة، فكان سؤال رسول الله للسائل ماذا أعددت لها؟
وأشار إلى أن الإسلام جاء لإكرام الإنسان، لإحياء الأنفس والحضارات والتاريخ، فالإسلام هو حضارة الأحياء، فأى فرقة من الفرق تخرج ليغرق أذهان الناس بالنهاية ليس من الإسلام فى شيء.
وحذر د. أسامة الأزهرى من أفكار «داعش» مؤكدا أن بدايته- كجماعات سابقة له- هى قضية التكفير، حيث يبدأ بتكفير المسلمين على وجه الأرض ثم من بعد ذلك لا يتورع أن يطلق القتل على كل من فى الأرض.
وفى نهاية الندوة دار حوار مفتوح بين الطلاب الوافدين والمشاركين فى الندوة تم خلاله طرح العديد من الأسئلة والمناقشات حول مواجهة التكفير فأجاب د.معبد ان التكفير له شروط وضوابط ولا توجد جماعة لها الحق فى امتلاك حق التكفير فهناك جماعات تكفر كل من يخالفها كما أشار إلى أن العلماء أجمعوا أن الكافر إذا أراد الرجوع فيستتاب.
كما تم توجيه سؤال للازهرى حول مدى قوة هذه الجماعات فأكد أن الجماعات تقف خلفها لجان إلكترونية توهم الناس بخلق إرادات مزيفة وخلق شعارات كاذبة لخدمة أهداف معينة مطالبا بالكف عن استغلال عقول الشباب والترويج لهذه الأفكار.