الأحد 30 يونيو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد

رفع سن زواج الفتيات إلى «21 عاماً» فى الدستور الجديد محفوف بالمخاطر




 رفض عدد من علماء الأزهر والفقهاء الاقتراح الذى تقدمت به لجنة الحقوق والحريات داخل اللجنة التأسيسية لصياغة الدستور والخاص برفع سن الزواج للفتيات إلى 21 عاماً، وشددوا ان المقترح به مخالفات شرعية كثيرة فضلا عن المخالفات الإنسانية.
 
وأضاف العلماء أن تقنين سن الزواج سيؤدى إلى نشر الرذيلة والفساد فى المجتمع،وسيدفع الكثيرين إلى مخالفة القانون وعدم الاعتداد بتسجيل الزواج مما يؤدى لضياع أكبر لحقوق المرأة والأبناء.
 
 
ويؤكد د. محمد رأفت عثمان عضو هيئة كبار العلماء أن هذا الأمر من غير اللائق مناقشته فى الدستور، كما ان تحديد سن الزواج يتنافى مع مبدأ الحريات العامة، وأوضح أن الإسلام أشار إلى ذلك فى قول الرسول صلى الله عليه وسلم أن الضابط فى الزواج هى القدرة عليه حيث قال: «يا معشر الشباب من استطاع منكم الباءة فليتزوج،ومن لم يستطع فعليه بالصيام فإنه له وجاء»، مؤكدا أن الزواج يحث عليه الشرع ويرغب فيه فليس من المستحسن تضييق مجال الزواج أمام الفتيات والشباب ويجب ألا نغفل جانب العفة وصيانة الشباب عن الوقوع فى أمر يحرمه الشرع.
 
 
وقال: «إن تحديد سن الزواج خطأ لعدة أمور منها أن كثيرا من البيئات فى مصر تبلغ الفتيات فيها مبكرا،فلا يوجد ضابط يحدد متى يبلغ الصبى أو الفتاة بصورة مؤكدة فى نواحى كثيرة فى مصر وإن كان الفقهاء حددوا سن البلوغ 15 عاما كما يرى جمهور الفقهاء وإذا كان بلوغ الصبيان فى مصر لا يتم عند سن واحدة، فمن المقبول والمنطقى أن تترك فرص الزواج لمن بلغ سن الرجولة وتساعده ظروفه،وقدراته الاقتصادية على الزواج.
 
 
وأشار إلى أن الأمر بالنسبة للفتاة ربما يكون أكثر الحاحا فقد تخطب الفتاة من شخص لائق خلقيا واجتماعيا ويكون سنها أقل من السن القانونية الذى يمكن أن يحددها القانون وهى محددة من قبل قانونا بـ» 18 عاما « وقد يتقدم لها من هو مناسب وهى دون هذه السن وقد تضيع الفرصة فى الاختيار الحسن، وعليه يجب ان يترك أمر الزواج لظروف الفتاة والشاب ولا يحدد بسن عمرية،فإذا كانت هناك فرصة متاحة ولائقة للزواج فليس من المقبول أن يمنع القانون الزواج بسن.
 
وشدد عثمان على أن المبالغة فى تحديد سن الزواج للفتيات والشباب يدفع الأهالى للتزوير وبهذا نفتح بابا جديدا للرشوة ومن المستحسن ترك الأمر بطبيعته،خاصة أن الأسر لا تجازف بتزويج الفتاة إلا لمن هو مناسب لها وفى السن المناسبة ولا يتم التفريط فيها بسهولة إلا فى حالات قليلة.
 
 
ويؤكد د. محمد الشحات الجندى عضو مجمع البحوث الإسلامية أن هذا المقترح مرفوض لأنه لا يوافق الحكمة التى من أجلها شرع الإسلام الزواج لأن من اسرار تشريع الزواج فى الاسلام الطهر والعفاف فى المجتمع وصيانة الفضيلة ومن شأن رفع السن لـ 21 عاما والنص على ذلك بقانون يغلق الابواب أمام بعض المناطق فى مصر التى تحتاج إلى زواج مبكر وهو ما قد يؤدى للعلاقات السرية والأمور التى تخدش المجتمع والأعراف،وانتشار العلاقات غير المشروعة.
 
 
وأوضح قائلا: «ليس هناك سن محددة للزواج إلا أن الفقهاء تركوها لظروف العصر والمكان لكن طالما بلغت الفتاة والفتى سن البلوغ يتاح لهما الزواج إن كانت الظروف تقتضى ذلك بشروط إقامة الأسرة، ونحن لا نقول 15 سنة او 16 عاما ولكن نقول ان يكون سن الزواج إن كان ولابد من تقنينه أن يكون سن 18 عاما».
 
 
واستدرك بقوله: «لابد ألا يجرم من قام بالزواج أقل من 18 عاما خاصة فى البيئات الريفية التى لها طبيعة خاصة، حتى لا يتهرب الناس من القانون ويخالفوه بطرق غير مشروعة وحتى لا تنتشر الرذيلة فى المجتمع، خاصة اننا نأمل أن يكون الزواج دائما رسميا موثقا حتى لا تضيع حقوق المرأة وحقوق الأطفال فغالبًا ما يحدث تحايل فى مناطق الأرياف بالزواج عرفيا دون توثيق قبل سن الزواج المقرر قانونا هروبا من المنع القانونى».
 
 
وشدد على أن قانون الطفل الذى صدر فى عهد الرئيس السابق كان يفرض عقوبة على من يتزوج أقل من سن الزواج القانونى ولا يعترف بالأبناء الذين يولدون من أم أقل من 18 عاما وهذا مخالف كله للشرع ولا ينبغى أن نكمل تلك الرؤية بفرض قانون يقنن سن الزواج بـ«21» عاما.
 
 
وأكد د. الجندى أن شروط الزواج المعتبرة شرعا أن تكون هناك قدرة مادية للزوج بجانب قدرته الجسدية وان يكون على بينة من بناء الأسرة، وان تكون الفتاة ناضجة قادرة على الزواج ورعاية أطفال وبناء أسرة.
 
فى نفس الوقت طالب الدكتور وجيه الشيمى عضو حزب النور وأستاذ الشريعة الإسلامية بجامعة الفيوم بالنزول بسن الزواج فى مصر إلى 16 عاماً لافتاً إلى أن القرى والنجوع تعانى من مشكلات شديدة بسبب رغبة الأسر فى تزويج أبنائهم مبكراً مما يؤدى إلى عدم توثيق عقود الزواج للفتيات دون الـ18 عاماً.
 
 
واعترض الشيمى على الاقتراح المقدم داخل اللجنة التأسيسية لوضع الدستور بشأن رفع سن زواج الفتيات إلى 21 عاماً قائلاً:»هذا الاقتراح سيؤدى لزيادة العنوسة بين الفتيات ويُزيد من نسبة العقود غير الموثقة ويتسبب فى إهدار حقوق النساء».
 
 
وتابع الشيمى: أنا ضد هذا الاقتراح وأطالب بأن يتضمن قانون الأحوال الشخصية النزول بسن الزواج إلى 16 عاماً نظراً لتزايد العقود غير الموثقة فى الفترة الأخيرة بشدة.
 
 
ولفت إلى أن سن الزواج لم يحددها الإسلام بل ترك الأمر للعادة، قائلا: «رفع سن الزواج محفوف بالمخاطر وستكون هناك محاولات للتزوير فى الأوراق الرسمية من قبل الآباء حتى يتم رفع سن الفتيات إلى 21 عامًا».