الثلاثاء 5 نوفمبر 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد

حتى لا يتحول اللاجئون السوريون إلى دواعش جدد فى أوروبا

حتى لا يتحول اللاجئون السوريون إلى دواعش جدد فى أوروبا
حتى لا يتحول اللاجئون السوريون إلى دواعش جدد فى أوروبا




كتب - كمال عامر

قضية اللاجئين السوريين باتت تأخذ حيزا مهما فى الأحداث العالمية رغم أنها بدأت منذ 2011 واتجهت للأردن ولبنان ومصر.. ولم يلتفت إليها العالم الغربى والذى واجهها بإهمال باستثناء مساعدات إنسانية بسيطة لكن عندما اتجهت المشكلة إلى الأراضى الأوروبية نفسها وهو ما أدى إلى جذب إعلام العالم وفى النهاية احتلالها قائمة الاهتمامات فى جدول أعمال أوروبا السياسية والإنسانية.. حيث فرضت نفسها على كل الأحداث السياسية.

أوروبا انزعجت.. أعلنت حالة الطوارئ وهناك انقسام بين مرحب ومتعاطف مع اللاجئين ورافض ومقاطع وهى أمور تتوقف على النظرة الإنسانية أو السياسية.
أوروبا تواجه أزمة.. بعدما اتضح أن مشكلة اللاجئين إلى أوروبا لا تتوقف على سوريين هاربين من المعارك بل هناك عراقيون هاربون من داعش وإرهاب الداخل.
المشكلة خطيرة لأن ظاهرها الهروب إلى أماكن آمنة لكنها تحتوى على اسئلة بلا إجابات وتتمحور حول مستقبل اللاجئين والمجتمعات الأوروبية، هل سيتم تأهيل يتبعه اندماج؟ أم سيظلوا يعيشون كمجموعات على الهامش.
وماذا لو تم حل الصراع السياسى فى سوريا؟ وهل ما يحدث ضمن خطة لتفريغ سوريا من السكان، ثم لماذا لم يهاجروا إلى الغرب؟
وما تفسير موقف ميركل المستشارة الألمانية هل نابع من شعور إنسانى أم مواءمة سياسية؟
وهل تنجح الدول الأوروبية فى فرض نظام الحصص على دول العالم فيما يتعلق بنسبة من المهاجرين؟
الجامعة الأمريكية ضمن برنامجها فى فتح نقاش حول قضايا مهمة دولية وداخلية نظمت دائرة مستديرة حول مستقبل اللاجئين السوريين بين المساعدات الإنسانية والعوائق الحدودية بالقاعة الشرقية بميدان التحرير.. على المنصة إبراهيم عوض أستاذ السياسية العامة والإدارة ومدير مركز دراسات الهجرة واللاجئين بالجامعة الأمريكية ومدير برامج الهجرة الدولى السابق، وهانى هنرى أستاذ مساعد علم النفس بالجامعة الأمريكية وماركو بينفازى أستاذ العلوم السياسية بالجامعة وله أبحاث حول مفاوضات السلام والتعاون الإقليمى.
والوساطة المتعددة فى الصراعات المستمرة للشرق الأوسط وأفريقيا.. الحوار أدارته باقتدار أمينة خيرى الكاتبة بجريدة الحياة اللندنية.
حضرت المائدة المستديرة تابعت النقاش بدقة ومن أهم ملامح الحوار مجموعة من الحقائق جاءت على ألسنة أساتذة الجامعة الأمريكية.
1- عدد اللاجئين المسجلين حتى 13/9/2015 من سوريا 4.087.139 منهم مليون فى الأردن ومصر ولبنان و1.9 مليون فى تركيا و24 ألفا فى دول بشمال أفريقيا.
2- عدد المهاجرين من سوريا تحت أى مسمى بلغ 12 مليونا تقريبا وهو أكبر عدد من المهاجرين نتاج حرب واحدة منذ 25 عاما.
روبرت فيسك الصحفى بالإندبندنت اللندنية قال: لماذا لم يتجهوا إلى الأمة الإسلامية بدلا من أوروبا؟!
3- بشار الأسد قال مخاطبا الغرب «إذا كنتم قلقين من أزمة المهاجرين عليكم بوقف مساندة الإرهابيين».
4- لبنان والأردن وتركيا هى الأكثر استقبالا للمهاجرين السوريين.
5- مشكلة اللاجئين السوريين تهدد التكامل الأوروبى.
6- البلدان الأوروبية تقوم الآن بالبحث فى إنشاء نظام لتوزيع حصص إلزامية من المهاجرين على دولهم طبقا لمعايير تبدأ بالناتج المحلى.
7- أزمة اللاجئين السوريين أظهرت أن هناك مشاكل حقيقية فى النظام الدولى.
8- كلنا نتحدث عن أزمة اللاجئين السوريين.. ولكن الحقيقة أن 170 ألف مهاجر دخلوا المجر.. منهم 39٪ سوريون والباقى من العراق وأفغانستان.
9- المشكلة ليست دخول المهاجر إلى البلد الأوروبى لكنها تبدأ من هنا وهو ما يتطلب خططا للاندماج.
10- المواطن الفقير فى فرنسا واليونان وبريطانيا لن يسعده استقبال اللاجئين.
11- هناك عدد من القضايا يرتبط بتلك المشكلة مثل الاحساس بالعجز من ناحية عدم التغيير فى سوريا وأن أولادى مهددون بالموت وراء الظاهرة.. وهناك ضرورة فى عمل برامج تأهيلية نفسية لهؤلاء الأشخاص وعائلاتهم لسرعة تأقلمهم مع الشعوب.
هناك فجوة ثقافية بين الأولاد والأسرة نفسها لأن الحماية من الحرب لا تكفى لو لم تعمل لهم برامج سوف تخلق دواعش داخل البلدان الأوروبية.
المشكلة فى سوريا عميقة وأطراف متداخلة تحركها المصالح لم تعد تعرف من يلعب لصالح سوريا من تلك الأطراف.
الهجرة السورية إلى أوروبا قد يكون منها حل لمشكلة تناقص النمو السكانى فى عدد من بلدان أوروبا.. وهناك كبار أصحاب الأعمال هم الأكثر رضاء عن العملية.
لا يوجد موقف عربى موحد تجاه الأزمة السورية.
أنه لا يمكن فهم حجم أزمة اللاجئين السوريين بدون النظر للوضع الاقتصادى والسياسى الحالى فى الاتحاد الأوروبى. وأشار الدكتور إبراهيم عوض إلى أنه فى ظل وجود أكثر من أربعة ملايين لاجئ فروا من سوريا، وفقا للمفوضية السامية للأمم المتحدة لشئون اللاجئين، تعتبر أزمة اللاجئين هى عرض لمشكلة حقيقية فى النظام الدولى الاقتصادى والسياسى. كما أكد عوض أنه تم تسليط الضوء على الأزمة فى الآونة الأخيرة مع وصول الآلاف من اللاجئين  إلى الدول الأوروبية، وأوضح أن السوريين ذهبوا أولا إلى الدول المجاورة مثل الأردن ولبنان وتركيا ثم انتقلوا إلى دول أخرى غير مجاورة مثل مصر والعراق. «إن نسبة اللاجئين فى دول مثل الأردن ولبنان أعلى بالمقارنة مع حجم هذه البلدان.» وقال عوض معلقا على افتراض أن السوريين يستهدفون الدول الأوروبية فى الأساس، «أن السوريين اضطروا حتى إلى الذهاب إلى العراق بالإضافة إلى عودة اللاجئين العراقيين الذين كانوا يعيشون بسوريا إلى العراق ايضا».
وأوضح هنرى أن الزيادة فى عدد اللاجئين يمكن تفسيرها بوصول الكثير من المواطنين إلى حالة من العجز المكتسب، بعد خمس سنوات من الكفاح فى البلد الذى مزقته الحرب، «من المرجح أن السوريين الذين خرجوا من بلادهم وصلوا إلى استنتاج مفاده أن لا أمل ولا تغيير قادم، وعلى الصعيد الآخر يجدون بعض الدول مثل ألمانيا ترحب باللاجئين، وتمنحهم الأمل فى حياة أفضل لهم ولأبنائهم».
ووفقا لإحصاءات للمفوضية السامية للأمم المتحدة لشئون اللاجئين، «ينقسم الأربعة مليون لاجئ إلى 1،805،255 لاجئ سورى فى تركيا، 249،726 فى العراق، 629،128 فى الأردن، 132،375 فى مصر، 117،2753 فى لبنان، و24،055 فى شمال أفريقيا. بالإضافة إلى أكثر من 270،000 طلب لجوء من قبل السوريين فى أوروبا، وآلاف الآخرين الذين أعيد توطينهم فى أماكن أخرى من المنطقة».
وعلل عوض بروز الأزمة الآن بسبب  إغلاق لبنان والأردن لحدودهما أمام اللاجئين، باستثناء الحالات الإنسانية، ولذا توجهوا إلى أوروبا.
وأكد بينفارى أننا يجب  ألا نغفل الصورة الأشمل، وهى أن أوروبا خرجت للتو من أزمة اقتصادية حيث تضررت دول المنطقة الجنوبية وهى اسبانيا وإيطاليا واليونان بشدة من جراء الأزمة الاقتصادية والآن هم فى الخط الأمامى للهجرة من البحر الأبيض المتوسط. وأضاف بينفارى، «عندما نفكر فى رد فعل إيطاليا واسبانيا والمملكة المتحدة وألمانيا، لا ينبغى لنا أن ننسى أن أحزاب اليمين المحافظ واليمين فى أوروبا قد استفادت من الأزمة الاقتصادية لدعم موقفهم غير الموافق للاجئين وبالأخص المهاجرين لأسباب اقتصادية، مما يسلط الضوء على البيئة السياسية الداخلية المعقدة فى أوروبا.. وشدد  بينفارى على أن هناك مواقف سياسية مختلفة ونقاشا سياسيا يدور الآن بين العديد من الأحزاب التى تتغير مواقفهم تبعا لما يوافقهم سياسيا».
وتساءل بينفارى ايضا عن الخط الفاصل بين مفهوم اللاجئين الذى فروا من البلاد خوفا من الاضطهاد أو التهديد النفسى وبين المهاجرين الاقتصاديين، لأن اللاجئين يتمتعون بوضع أفضل من «المهاجرين لأسباب اقتصادية» إن الخطوط ليست واضحة لأن هناك المزيد من الدعم فى أوروبا الآن لمساعدة اللاجئين السوريين ولكن لا يوجد دعم الهجرة لأسباب اقتصادية».
قال عوض: إنه لم يكن متوقعا أن يتعرض الاتحاد الأوروبى للخطر بسبب أزمة لاجئين، وتحاول بعض دول الاتحاد الأوروبى الآن والمفوضية الأوروبية تحديد حصة دول الاتحاد الأوروبى من اللاجئين استنادا إلى الناتج المحلى الإجمالى لكل دولة، وحجمها إلى جانب معايير أخرى، وقد رفضت بعض الدول هذه الاقتراحات وقبلتها دول أخرى. ويذكر أن بعض حكومات شرق أوروبا رفضت اللاجئين فى حين رحبت به شعوبها. ويستند هذا التقييم على السياسات وليس على النوايا الحسنة والسيئة، ويمكن أن يعزى ذلك إلى التاريخ والتنمية الثقافية الخاصة بدول شرق أوروبا فى مقابل غرب أوروبا. «إن الأزمة التى واجهها الاتحاد الأوروبى خلال أزمة اليونان الأخيرة ومن بعدها أزمة اللاجئين قد أظهرت وجود مشكلة حقيقية فى النظام الدولي، والمشكلة أبعد من أزمة لاجئين».
وطبقا لعوض فإن الوضع أكثر تعقيدا من أن نقوم بتعميم المشكلة، «على سبيل المثال فر نحو 171.000 لاجئ إلى المجر يمثل السوريون 39 بالمئة منهم، أى أقل من نصف عدد اللاجئين مما يعكس أنها مشكلة أمنية لهذه الدول. «فبعضهم لاجئون لهذه الدول من أفغانستان والعراق ومن دول البلقان الأخرى، لذا يجب أن نعترف بأنهم يمثلون مشكلة اقتصادية وسياسية لهذه الدول».
وأوضح عوض أن أوروبا تواجه مشكلات خاصة بسياسات الدمج، على عكس كندا على سبيل المثال. «يعيش اللاجئون فى معزل مع ارتفاع معدلات البطالة بينهم، ونحن نأمل أن تعيد هذه الدول النظر فى هذه السياسات، لمصلحة كلا الطرفين».
وأشار هنرى إلى أن التأهيل النفسى للاجئين لا يقل أهمية عن توفير المأوى والغذاء، لأنه مسئولية إنسانية يتعين على الدول المضيفة القيام بها لمساعدة اللاجئين على العودة إلى حياتهم الطبيعية. «إن الأطفال عادة ما يتكيفون أفضل من آبائهم، مما قد يؤثر على وحدة الأسر. لذا فإن السؤال هنا هو، هل وضعت البلدان المضيفة فى الاعتبار ثقافة اللاجئين وديانتهم؟ يعانى الأطفال اللاجئون من صدمات نفسية، فهل استعدت هذه الدول لهم لإعادة تأهيلهم؟ فإذا لم يحدث هذا فمن المرجح أن يتحول هؤلاء اللاجئون إلى قنابل موقوتة فى هذه البلدان».