الجمعة 3 مايو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد

«تطون الفيوم» تضحى بأطفالها فى المعمار وعصابات المافيا

«تطون الفيوم» تضحى بأطفالها فى المعمار وعصابات المافيا
«تطون الفيوم» تضحى بأطفالها فى المعمار وعصابات المافيا




الفيوم ـ حسين فتحى

 

على الرغم من مرور 37  عاما على بداية هجرة أبناء قرية «تطون» التابعة لمركز إطسا فى الفيوم لدولة إيطاليا وموت العشرات منهم وسط مياه المتوسط إلى قطار الهجرة إلا أنه ما زال مستمرًا على الرغم من محاولات أجهزة الدولة الحد منه.
قرية تطون يصل تعداد سكانها إلى 80 الف مواطن منهم 10 آلاف شاب يعملون بدولة إيطاليا ودول الاتحاد الأوربى بعضهم كون الملايين والبعض الآخر باع منزله وجلس يلطم خديه بعد فشله فى العمل ببلاد الفرنجا والبعض الآخر ابتلعته أسماك القرش لكن مازال حلم السفر هوالمسيطر على أطفال القرية حيث دفعت العديد من الأسر بإطفال صغار لم يبلغوا سن «الحلم» للعمل فى الأجواء الباردة حتى أن أبناء القرية يرددون شعارات «يموت واحد نبعت غيره».
داخل القرية تغيرت سبل الحياة من عادات وتقاليد الفلاحين إلى الطبائع والتقاليد الإيطالية فى كل شىء بدءا من المبانى والمنازل والقصور وأسماء المحال التجارية إلى حياة الترف والرفاهية، وترى بجانب الفيلات الواسعة سيدات تقومن بتربية الدواجن والمواشى والأغنام خارج البيوت والقصور حفاظا على العادات الريفية المصرية. ورغم تدفق ملايين الدولارات وارتفاع المستوى الاقتصادى لأبناء القرية فما زالت شوارع تطون عبارة عن مدقات لا تصلح إلا لسير الدواب كما أن رائحة طفح خطوط الصرف الصحى تزكم أنوف الزائرين حيث يطبق عليها المثل «من برة هلا هلا ومن جوه يعلم الله».
زائرو القرية يمكنهم مشاهدة أحدث السيارات ذات الماركات العالمية وبجوارها تسير الحمير والمواشى وأيضا محلات الصرافة التى تتعامل باليورو والدولار فى حين تقف امرأة عجوز أمامها تبيع الخضراوات وكله بالمصرى واليوروأحيانًا.
تقول فاتن عبد التواب زوجة أحد المتوفين على ظهر أحد المراكب  إن زوجها  قبل سفره رهن المنزل ليحصل على 35 ألف جنيه دفعها من محافظة كفر الشيخ  وتركها مع أولادها الصغار آملا فى الحصول على فرصة للثراء وتأمين مستقبل أطفاله الثلاثة كباقى أهالى القرية بعد أن فشل الحصول على فرصة عمل فى مصر.
ويروى أحمد عبد الرحيم قصة القرية يقول إن اشقاءه يعملون منذ فترة طويلة  فى إيطاليا ويوفرون للأسرة المعيشة الكريمة وقال إن القرية لا يوجد بها أى نشاط اقتصادى بخلاف مساحات زراعية ضيقة مما دفع شبابها للسفر منذ السبعينات إلى العراق وليبيا ودول الخليج بحثا عن فرصة عمل فى مجالات المعمار والسباكة والكهرباء والنظافة  إلا أن العائد الاقتصادى الكبير للعمل فى إيطاليا شجع الأهالى على فعل المستحيل للوصول إلى جنة أوروبا التى يحلم بها كل شاب خاصة بعد رجوع بعض من شباب القرية بمبالغ مالية طائلة وسيارات فارهة مما يدفع الشباب بدافع الغيرة والحسد إلى تجربة فرصة السفر.
وعن رحلة المعاناة لأبناء القرية إلى إيطاليا يقول سعيد عبد العال  أحد المهاجرين: «كنا مجموعة تبلغ نحو 100 شخص مكثنا أياما فى منزل قريب  من شواطئ ليبيا كان ممنوعا علينا مجرد النظر من النافذة، وفى ليلة شتوية باردة استقلينا سيارة ميكروباص لنقلنا إلى الشاطئ، لنستقل بعدها عدة مراكب صيد باتجاه ايطاليا  قضينا أياما عديدة فى البحر، كان غذاؤنا فيها السمك غير المطهى مع عدد محدود من زجاجات المياه التى كنا نتقاسمها  وبمجرد ظهور السواحل الإيطالية أمرنا المهربون بالقفز إلى المياه والسباحة نحوالشاطئ، كان الوصول للشاطئ يستغرق حوالى ساعتين سباحة  لم يستطع الكثيرون السباحة  و«كان من السهل سماع أصوات تنتحب وهى تغرق».