الخميس 2 مايو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد

عودة العنف المدرسى يضع التعليم فى مأزق

عودة العنف المدرسى يضع التعليم فى مأزق
عودة العنف المدرسى يضع التعليم فى مأزق




تحقيق – سمر حسن


رصد المجلس القومى للطفولة والأمومة من خلال خط نجدة الطفل 55 بلاغاً عن العنف المدرسى للطلاب خلال أول شهر دراسى لهذا العام، واحتلت فيه القاهرة المرتبة الأولى بعدد 16 بلاغًا، ويليها الجيزة بعدد 7 بلاغات، وبلاغات أخرى فى محافظات وجه قبلى وبحري.
وأعربت د. هالة أبوعلى – أمين عام المجلس - عن أسفها بسبب حدوث هذه الواقعات خصوصاً واقعة ضرب مدرس لطالب ضرباً مبرحاً، وتعديه بالضرب على والد الطفل حينما أتى إليه للاستفسار عما حدث، وما أكثر من ذلك وهى إجراء عملية جراحية لطفل فوق العين إثر تعرضه لضرب مبرح على يد مشرفة التربية بالمدرسة، أما عن العنف بين الطلاب وبعضهم فأسفر عنه إصابة طالب بكسر فى العمود الفقرى نتيجة سقوط مقعد عليه قام زميله بإلقائه من الطابق الرابع بالمدرسة.
وشددت على ضرورة اتخاذ إجراءات رادعة لمنع الممارسات التى تنتهك حقوق الطفل وكرامته، والقضاء على العنف داخل المؤسسات التعليمية، وتطوير البيئة التعليمية بعناصرها المختلفة.
مديرو المدارس
قال عصام عبد البر – مدير مدرسة إعدادية للبنين – إن العنف منبوذ داخل المدرسة والمجتمع بجميع أشكاله، ويستطرد: نسعى جاهدين لتوعية المدرسين بدورهم المهم فى العملية التعليمية، وحثهم على استخدام أساليب الود والأبوة والأخوة مع الطلاب للارتقاء بالمستوى الأخلاقى والتعليمي، وتوعية الطلاب باحترام المعلم والتودد إليه، واحترام الزميل، والتعامل بأسلوب أخلاقى راق،  بالتعاون مع الأسر.
وحينما يتم رصد أى عنف داخل المدرسة من قبل المدرس للطلاب على الفور يتم تحويله للتحقيق والتعامل معه بالشكل القانونى الرادع، ويتم زرع معانى الأخوة بين الجميع لكى لا يقع عنف بينهم، ومحاولة معرفة ما إذا كان هناك أى مشاكل نفسية أو اجتماعية لديهم، وفى حالة حدوث إصابات بالغة نبلغ أولياء الأمور لاتخاذ الإجراءات اللازمة والقانونية.
يشير عاطف الفرنساوى – مدير مدرسة إعدادية – إلى رصد حالات عنف من قبل المدرسين للطلاب، ولكنه لم يصل إلى العنف الجسدي، واستدعى المدرس ووجهه لضرورة وأهمية احترام مشاعر وكرامة الطلاب، والتعامل معهم من منطلق أنهم أخوة أو أبناء له، وكان رد المدرس أن الضغط النفسى على المدرس من قبل الطلاب وعددهم المبالغ فيه داخل الفصل الواحد يدفعه للانفعال، ونظم محاضرة مجمعة لمدرسى المدرسة جميعاً لتوعيتهم بكيفية التعامل مع الطلاب، وكان فى هذه المحاضرة الأخصائيان النفسى والاجتماعى للتوجيه السليم للمدرسين، ووجه الأخصائيين النفسى والاجتماعى للمرور على الفصول لتوعية الطلاب بضرورة نبذ العنف، واحترام المعلم، لأنهما هما المتخصصان فى ذلك.
وفى المدارس الخاصة والأجنبى قالت منى عبد البر – مديرة مدرسة مشتركة أجنبى – نختار المدرسين بشكل خاص جداً من خلال اختبارات قبل الموافقة عليهم، ويتم الاتفاق معهم على شروط التعامل داخل المدرسة، وأهمها احترام كرامة ومشاعر الطلاب، والتربية قبل التعليم، ونبذ العنف، والامتناع عن الدروس الخصوصية، أما الطلاب فنقوم بإعدادهم وتأهيلهم قبل بدء العام الدراسى من خلال الأنشطة التى تحثهم على الأخلاق ونبذ العنف وحب الآخرين والاندماج الإيجابى داخل المدرسة.
يقول يوسف عنان – مدير مدرسة خاصة مشتركة – إن ضعف مرتبات المدرسين أحد العوامل المهمة وراء الضغط النفسى لهم، فليس لديه وقت لراحته أو قضاء وقت مع أسرته بسبب انشغاله بإعطاء الدروس الخصوصية فنجده ذات أسلوب عنيف داخل المدرسة، ويتم الاتفاق مع المدرسين على التعامل بشكل أخلاقى مع الطلاب، من أجل الارتقاء بالمستوى التعليمي.
قالت عبير عبد المقصود – موجه أول تربية نفسية بالقاهرة – إن للعنف أشكال كثيرة ومتعددة ولكن أخطرها هو العنف التربوى، بين الطلاب، فهناك اتجاه مجتمعى عام للإقبال على العنف بسبب الضغوط النفسية والمجتمعية، وما يعرض على شاشات التليفزيون من بلطجة وعنف دون أى رقابة، واستخدام العنف بشكل مبالغ فيه، وتسبب ضعف الإمكانيات المادية وزيادة كثافة الطلاب داخل الفصل فى العنف المدرسي، مؤكدة أن العقاب مطلوب ولكن لا بد من معرفة الآلية التى ينفذ بها من خلال أسلوب الإقناع وليس الضرب.
واستطردت: للأسرة دور مهم وحيوى فى مساعدة المؤسسة التعليمية لنبذ العنف وخلق جيل له طموح وأحلام، وإعادة احترام المعلم من قبل الطلاب، وتوعية الطلاب على أهمية الأصدقاء والعمل الإيجابى.
الأطباء النفسيون
قال الدكتور مصطفى حسين – استشارى الطب النفسى – إن استخدام العنف فى أى مجال ممنوع، ويعاقب عليه القانون، ولكن هناك ترسيخًا لثقافة مغلوطة لدينا بأن العنف مرتبط بالتربية سواء معنوياً أو جسدياً، وتوجد ثقافة مجتمعية مكتسبة بضرورة العنف والقسوة واستخدام الضرب المفرط للتعامل مع الطلاب، ومن أسباب استخدامه داخل المدارس أسباب مادية، وضغوط أسرية، وقد يكون المدرس ذاته مدمنًا لأحد العقاقير المخدرة وهذه ظاهرة معروفة ومنتشرة ولابد من التحقق منها للقضاء عليها، ويتسبب العنف المدرسى فى فشل ذريع وانهيار منظومة التعليم، فانهيار الشخصية العامة للطالب، انفصاله عن المجتمع والذى يخلق منه إنسان ضعيف الشخصية سلبيًا، عنيفًا، مجرمًا، وبلطجيًا. ويجب إعطاء المدرسين كورسات فى التأهيل التربوي، وعلاج السلوك الخاطئ للطلاب من خلال تغيير المفاهيم الخاطئة للمخطئ بعدة طرق أهمها طريقة منع المكافأة، والثناء وتقديم الهدايا على الشىء الجيد، تطوير المناهج التعليمية والفكر التعليمى بشكل عام.
رفضت الدكتورة إيمان عبد الله – استشارى الصحة النفسية – العنف داخل المدارس وخارجها، والمدرس يجب أن يكون قدوة حسنة لتحفيز الطلاب على التفوق، وتحتاج القوانين والنظام التربوى إلى ثورة لتعديلها، فلا بد من نبذ العنف واستخدام أساليب المنع وليس الضرب، فهناك 3000  نوع من المشاعر ولكن ما نستخدمه هو نوع واحد وهو الشدة والعنف، فالمدرس العنيف ذو الشخصية القاسية غير قادر على إدارة الفصل والسيطرة على الطلاب، ولا يجوز ضرب الطالب حتى وإن كان غير مهذب، فإذا صدر أى سلوك غير لائق منه لا بد من تحويله لأخصائى نفسى لمعرفة المشكلة لديه وحلها، ولا بد من تحديد جدول تربوى خاص بالعقاب المناسب للطلاب فى كل مرحلة شرط أن يكون بعيداً عن العنف، فإذا رأى الطالب عنفًا من المدرس سينعكس على الطلاب وبعضهم البعض.
وقال دكتور سيد عطية الفيومى – وكيل لجنة التعليم بمجلس الشعب سابقاً – إن العملية التربوية تؤدى بشكل غير سليم، فهناك شقان الأول هو التربوى ويؤدى فى الجامعة ولا يدرس بجدية، والثانى زيادة كثافة عدد الطلاب داخل المدارس والفصول ضيقة، وعدد الطلاب قد يصل إلى الـ 80 طالبًا ما يتسبب فى ضغط نفسى للمدرس تجاه الطالب والعكس وبين الطلاب، ما يؤدى إلى ضعف الانضباط التربوى والتعليمى داخل المدارس.
ولا بد أن يتم تغيير المنظومة التعليمية بالكامل وتطويرها وتطوير المدارس والمناهج، ولا بد أن نقتدى بالعمليات التعليمية بالخارج، فلا بد ألا يزيد عدد الفصل فى أى مرحلة من المراحل على 30 طالبًا بأى حال من الأحوال، وتدريب المعلم تربويا وخضوعه لاختبارات حول كيفية السيطرة الأخلاقية، وحل المشكلات بشكل دبلوماسى وأخلاقي، واتباع الحديث اللين ذو طابع الصداقة والأخوة مع الأخلاق.